ميشال مرقص: لحظت مؤسسة laquo;أولِر هِرمسraquo; الأولى عالمياً في تأمين القروض، وتتابع تطور المعطيات الأساسية لنحو 40 مليون منشأة في العالم، أن زيادةً واضحةً في الأخطار تواكب توسّع العاصفة الاقتصادية والمالية العالمية، متوقعة أن يزيد عدد المؤسسات التي تعلن إفلاسها في العالم 25.1 و25.4 في المئة على التوالي، في 2008 و2009. وتختلف نسب الزيادة وتقديرُ عدد المؤسسات المصابة بضيقٍ مالي وعجزٍ في الاستمرار، بين دولةٍ ودولة، وتقدّر بنحو 700 ألف في الولايات المتحدة وأوروبا الشرقية والاتحاد الأوروبي (مفصّلة في تقرير المؤسسة نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي).



ويختلف توزيع المؤسسات المفلسة، بحسب القطاعات وبحسب تاريخ إنشائها. فتتقدم نسب الإفلاس المرتفعة في المنشآت ذات النشاط العقاري والنقل والسياحة وما يرتبط بها، إضافةً إلى مؤسسات المال. وتظهر المنشآت التي أنشئت حديثاً أقل صناعة لأنها تفتقر إلى رأس مال أو هي مجبرة على تسديد قروض.

وإذ حصر التقريرُ تقديراته في أميركا والاتحاد الأوروبي، إلا أن معدلات إفلاس الشركات سترتفع في ضوء إحصاءاتٍ مخيفة نشرتها بلدان ناشئة، خصوصاً الصين والهند وروسيا، إضافةً إلى الاقتصادات الآسيوية وبلدان الخليج العربي. وفي انتظار أن تتبلور حصيلة المؤسسات التي أقفلت أو أفلست أو وضعت تحت رقابة قانونية، فإن مؤشرات ارتفاع معدلات البطالة تؤكد مدى الارتباك الذي أصاب المؤسسات العالمية، إثر انهيار مؤسسات المال الكبرى وانكماش حجم السيولة المطلوب ضخها في الاقتصاد، على رغم ما رصد من أموال في خطط النهوض الاقتصادي، وقدّرت بنحو 1.9 تريليون دولار حتى نهاية تشرين الثاني.

وبحسب نتائج أزمات سابقة، لا سيّما بين 2000 و2001، لمست التقارير الصادرة في 2004، أن المؤسسات المملوكة من عائلات، وإن كانت مسجّلة في البورصات، كانت الأقل ضرراً من المؤسسات المساهمة غير العائلية. ونشرت laquo;نيوزويكraquo; نتائج بحثٍ أعدته laquo;طومسون فايننشلraquo; لها، أظهر laquo;أن الشركات العائلية تتفوّق في الأداء على منافسيها في مؤشرات الأسهم الستة البارزة في أوروباraquo;. وكتبت laquo;تايمraquo; النيويوركية عن laquo;ثروة أوروبا: ساعة التحديraquo;، تحدثت عن laquo;العشائر المذهّبة التي تمارس تأثيراً مفرطاًraquo; إذ تشهد laquo;أوروبا تحدياً في المنشآت العائلية، حيث يصل جيلٌ جديد إلى رأس عددٍ كبيرٍ من سلالات الأعمال والاقتصاد الأوروبية. عددٌ كبير من الورثة، أكثر ثقافةً وتعلماً من آبائهم وأكثر تطلعاً نحو العولمة.(جذورٌ وأجنحة: من جيل إلى جيل ndash; ميشال مرقص - بيروت 2005).

وفي عددها الصادر في 8 تموز (يوليو) 2004، علّلت مجلة laquo;تشالنجزraquo; سبب صمود المؤسسات العائلية الفرنسية، بعد انهيار الفقاعة الاقتصادية التي أودت بمؤسسات كبيرة وأفقدت الشركات العالمية أكثر من نصف قيم أسهمها. وكتبت بعنوان laquo;أيتها العائلات، أحبّكraquo;، إن الرأسمالية العائلية تسيرُ جيّداً. وأضافت: laquo;أن قيمة أموال الأجيال - التي تديرها مؤسسة أودّو وشركاؤها (مصرف يهتم بالملكيات الخاصة)، وتستثمرها في مؤسسات يغلب عليها الطابع العائلي، - تطوّرت 94 في المئة منذ 1996، وكانت الأفضل، مقارنة بالمؤشر الواسع الذي تصدره بورصة باريس laquo;اس.بي.اف 250raquo; والذي لم يحقق سوى 72 في المئة في المدة ذاتها. وتبيّن أن المؤسسات العائلية، التي تعمل في اقتصادٍ تقليدي، خرجت أكثر سلامةً من أزمة الاقتصاد الجديد التي خضّت الأسواق عامي 2000 و2001. وبرهنت شركاتٌ أن العائلات جديرةٌ بأن تكون قويّة في قطاع التكنولوجيا أو في الصناعات الدفاعية.

ويحكم مستثمرون ببساطة، بأن المؤسسات العائلية تُدارُ أفضل من المؤسسات الأخرى بسبب القرب بين المدير والمساهم والثقة الكبرى بين المنتجين والزبائن، وبينهم وبين الموّردين، وهي الثقة التي ترفع المنشأة العائلية إلى مستويات عليا ومتينة. كما أن الهدف الذي تستشعره العائلة، غالباً، هدفٌ محفّز عندما يتعلّقُ الأمر بالإعلان عن تأدية أعمال متقنة ومستمرة على المدى الطويلraquo;.

وتتميّز المنشآت العائلية بأنها، في المدى الطويل، تديرُ الأسهم في شكلٍ أفضل، وتوحي بأن الرأسمالية العائلية هي الأفضل على المدى الطويل. كذلك دافعت المنشآت العائلية، في البورصة، بطريقةٍ أفضل من المؤسسات الأخرى خلال أيلول 2000، وخسرت فقط 30 في المئة في أصولها في مقابل 42 في المئة لمؤشر laquo;اس.بي.اف 250raquo;، وأنها استعادت مواقعها في سرعة، ونجحت منذ 2003 في تحقيق أرباح في البورصة أعلى من المؤسسات غير العائلية.

ويُفترض أن تتطلع الدول العربية، لتلافي آثار الأزمة الراهنة، إلى احتضان المؤسسات المملوكة من العائلات، وتشكّل نحو 90 في المئة من مجموع المنشآت العاملة، فتشرّع لها قوانين تسمحُ بتسنيد أصولها وتتيح للعائلة المؤسسة البقاء على رأسها، اقتداءً بالأنظمة في دول الاتحاد الأوروبي، الأكثر تجاوباً مع رغبات المؤسسين أو الوارثين