بيروت: إثر أزمة الائتمان الاقتصادية/المالية العالمية وفي ضوء ما حملته من تداعيات سلبية على الوضعين الماليين العالمي والعربي توالت التقارير التي تؤكد إمكانية أنه رغم نأي لبنان عن تداعيات الازمة إلا أنه من المتوقع أن تصيب شظايا هذه الأزمة لبنان الأمر الذي أسفر عن انخفاض التوقعات لنسبة النمو الاقتصادي للعام الجاري 2009 عما كانت عليه سابقا.


وفي أول تقرير لها عن لبنان منذ تفاقم الأزمة المالية العالمية توقعت وحدة المعلومات الاقتصادية / إيكونوميست انتليجانس يونيت/ أن يبلغ النمو الاقتصادي 4.6 في المئة خلال العام الجاري 2009 بعد أن سبق وتم تحديده ب 3.1 في المئة. وعزا التقرير الأمر الى واقع الكساد الاقتصادي العالمي الذي من المتوقع أن يحمل آثاراً غير مباشرة على قطاعات السياحة والعقارات والبناء والقطاع المالي في لبنان إضافة الى التخوف من انعدم الاستقرار السياسي المتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة.


واستدرك ليعود ويرفع نسبة نمو الاقتصاد اللبناني بالنسبة للعام المقبل 2010 الى 4.7 في المئة مرتكزا على توقع ارتفاع اهتمام المستثمرين والسياح بلبنان وخصوصاً الزوار الخليجيين والمغتربين اللبنانيين غير أنه حذّر من أنّ الأخطار لا تزال مرتفعة مع وجود احتمال كبير بنشوء أزمة سياسية مفاجئة من شأنها أن تؤدي الى تدهور الاقتصاد على غرار ما حصل في الأعوام الثلاثة الماضيةmiddot;


وأوضح أن الأخطار المباشرة للأزمة المالية العالمية على القطاع المصرفي اللبناني لا تزال محدودة نظراً إلى عدم تعرّض القطاع مباشرة لأزمة الائتمان العالمية ولأدائه الجيد في الفترة الزمنية الأخيرة مع الإشارة إلى عدم بروز أي مؤشرات عن أضرار مباشرة ناجمة عن أزمة الائتمان لدى القطاع المالي اللبناني خصوصا أن الرقابة المصرفية المفروضة من جانب مصرف لبنان المركزي منعت المصارف من الاستثمار في الأدوات المالية العالمية المركّبة والمنتجات المشتقة

وبيّن التقرير أن المصارف اللبنانية محمية في الأمد القصير بسبب مستويات سيولتها المرتفعة ونسبة ايداعاتها العالية وقلة التعرض للإقراض العقاري والدعم القوي من مصرف لبنان مشيرا إلى أن مجموع المطلوبات على القطاعين الخاص والعام من المصارف العاملة في لبنان بلغت 44 مليار دولار في يوليو أو ما يوازي 69 في المئة من ودائع القطاع الخاص في حين بلغ مجموع الموجودات نحو 90 مليار دولار وهذا يعكس النسبة المنخفضة للقروض بالنسبة الى الودائع وسياسة التسليف المحافظة وخصوصاً بالمقارنة مع العديد من المصارف في دول الخليج العربي ودول أخرى في المنطقةmiddot;


وسجّل التقرير أن التسليف العقاري يمثل جزءاً كبيراً من تسليفات القطاع الخاص للعديد من المصارف اللبنانية مما يعكس الأهمية الاقتصادية لقطاع البناء في الاقتصادات المحلية والإقليميةmiddot; مع ذلك لا يمثل الإقراض العقاري إلا نسبة ضئيلة من مجموع التسليفات فيما تبرز مخاوف من أن يؤدي تجميد السيولة العالمية إلى زيادة الضغط على الدولة التي تحتاج على حد سواء إلى استبدال استحقاقات من الدين العام بالعملة الأجنبية والمحلية على أساس منتظم وإلى الحصول على ديون جديدة لتمويل عجز موازنتها المستمر ونتيجة لذلك فإن تأثيرات فقدان الثقة العالمية ستظهر على لبنان عندما يقوم بإصدار سندات الأوروبوند الجديدةmiddot;


وتوقّع التقرير ختاما أن يبلغ معدل التضخّم في أسعار سلع الاستهلاك 12 في المئة هذه السنة نظراً إلى أسعار النفط العالمي وأسعار المواد الغذائية المرتفعة قبل أن ينخفض باطراد إلى معدل 6 في المئة في العام 2009 تزامناً مع الانخفاض الكبير في اسعار النفط العالمي وأسعار المواد الغذائية في مقابل ارتفاع الدولار الذي تثبّت عليه الليرة. إضافة إلى تراجع معدل التضخم إلى أرقامه التقليدية في سنة 2010 ليبلغ 3.5 في المئة علماً أن من شأن أي تجدد في عدم الاستقرار السياسي أو أي محاولة حكومية لخفض دعم المحروقات ان يؤدي الى المزيد من الضغوط على اسعار الاستهلاك