نتيجة تمتع تونس بالتنوع في قاعدتها الصناعية ورخص اليد العاملة والوصول المعفي من الرسوم لأوروبا، استطاعت أن تجذب انتباه المُصَنّعين الأوروبيين الساعين إلى خفض التكاليف، بنقل الإنتاج إلى خارج القارة، دون الابتعاد بشكل كبير عن منطقتهم. وبحسب تقرير صحافي، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد التونسي نمواً يقدر بـ 3% هذا العام. كما إن العائدات التي حققتها صادرات تونس الصناعية العام الماضي، والتي بلغت 16 مليار دولار، جعل الصناعة فيها أكبر مَصْدر للدخل الأجنبي، متقدمة حتى على السياحة.

إعداد أشرف أبوجلالة: تحدث تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية تحت عنوان quot;تونس تستفيد من أزمة القارة الأوروبيةquot;، عن التوقعات التي بدأ يكشف عنها أخيراً مُصَدِّرون توانسة بأن بلادهم تستفيد في واقع الأمر من وطأة الأزمة المالية التي تعصف بالقارة الأوروبية، برغم التوقعات التي سبق وحذّرت من احتمالية دخول البلاد في مرحلة معاناة من الأزمة العالمية، نتيجة لصغر حجم صناعة السياحة هناك، واعتماد اقتصادها، المبني على الصادرات، على الطلب الأوروبي.

وترى الصحيفة أنه، ونتيجة تمتع تونس بالتنوع في قاعدتها الصناعية ورخص اليد العاملة والوصول المعفي من الرسوم لأوروبا، استطاعت أن تجذب انتباه المُصَنّعين الأوروبيين الساعين إلى خفض التكاليف، بنقل الإنتاج إلى خارج القارة، دون الابتعاد بشكل كبير عن منطقتهم.

وبالاتساق مع التوقعات التي أشارت إلى أن الاقتصاد التونسي سيشهد رغم ذلك نمواً، تقدر نسبته بنحو 3 % هذا العام، لفتت الصحيفة إلى ما قالته الحكومة التونسية، وكذلك مجتمع رجال الأعمال، بأن القطاعات ذات الأولوية الكبرى بالنسبة إلى الحكومة، مثل قطع غيار السيارات ومكونات الطيران الموجهة نحو التصدير، قد بدأت تستفيد أخيراً. ونقلت الصحيفة عن وزير الصناعة والطاقة، عفيف شلبي، قوله quot;بدأنا نرى اهتماماً من جانب العديد من الشركات الأوروبية. ولم يحدث الانهيار الذي كنَّا نخشاهquot;. كما تحدث الوزير في السياق عينه عن الاستثمارات التي شهدها العام الحالي من جانب إيرباص ومصنعي قطع غيار السيارات مثل كرومبرج وشوبرت، ويازاكي، ودريكسيل ماير.

كما لفتت الصحيفة إلى العائدات التي حققتها الصادرات الصناعية العام الماضي، والتي بلغت قيمتها 16 مليار دولار، ما جعل الصناعة أكبر مَصْدر للدخل الأجنبي، متقدمة حتى على السياحة. ويعود شلبي ليشير إلى أن متوسط الاستثمارات الصناعية بلغ خلال الآونة الأخيرة مبلغ يقدر بنحو مليار دولار سنوياً، وأن نسبة منه تتراوح ما بين 30 إلى 40 % تأتي من الخارج. ويتوقع أن quot;يشهد هذا العام قيماً أقل، لكن وبالنظر إلى النوايا الاستثمارية، فيتوقع أن يكون عام 2010 أفضل من عام 2008quot;.

كما أشار إلى أن هناك ثمة quot;تغييراً هيكلياًquot; بدأ يحدث في العلاقة مع أوروبا، وأن الاستثمارات التي ذهبت إلى دول أوروبا الشرقية قبل عام 2005، سوف تبدأ في التدفق إلى دول مثل، تونس، بسبب ارتفاع الأسعار ونقص العمالة في أوروبا الشرقية.

وفي الوقت الذي شهدت فيه صادرات تونس الصناعية انخفاضاً بنسبة 18 % خلال النصف الأول من العام الحالي، قال شلبي إنها بدأت تعود إلى سابق مستوياتها خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين. ومن المتوقع أن يبلغ التراجع على مدار العام بكامله نسبة قدرها 10 %.

وفي السياق نفسه، يقول محمد رياحي، مدير المبيعات والتسويق في شركة quot;كوفي كابquot;، التي تعمل في تصدير كابلات السيارات وتزود السوق الأوروبية بإمدادات قدرها 24 %، إن الأزمة كانت فرصة جيدة لتونس لجذب الأعمال التجارية. مشيراً إلى أن فروع الشركة في تونس والمغرب والبرتغال ورومانيا تعمل الآن بكامل طاقتها، متوقعاً حدوث زيادة في صادرات الشركة من تونس بنسبة تصل إلى 14 % هذا العام، وبنسبة 50 % خلال العام المقبل.

من جهته، يرى عبد الوهاب بن عياد، رئيس مجموعة بولينا القابضة، أكبر المجموعات الصناعية في البلاد أنه quot;لا يوجد مستقبل للصناعة في أوروبا. ولهذا السبب علينا أن نكون مستعدين لإمدادها بحصتنا من الصادراتquot;. معتقداً أنه quot;إذا استطعنا الاستفادة من تلك الأزمة، فإن تأثيرها سيكون إيجابياً عليناquot;.

وتنوه الصحيفة بأنه ومع وصول مستوى البطالة في البلاد إلى 14 % ، يعتبر النمو الصناعي أمراً بالغ الأهمية لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق الوظائف. في حين توضح أن الشركات والحكومة تدرك تماماً حقيقة الحاجة إلى توسيع نطاق الصادرات، سواء للقارة الأوروبية أو لجيرانها من الدول الغنية بالنفط، التي يوجد فيها عدد قليل من الصناعات.

وفي الختام، يتحدث الوزير عفيف شلبي عن أن الحكومة تسعى إلى تحقيق عائدات بقيمة 30 مليار دولار من الصادرات بحلول عام 2016، والعمل كذلك على مضاعفة الاستثمارات في القطاعات المهمة، متمثلة في قطع غيار السيارات والطيران والمنسوجات.