الخطوط البريطانية تتكبد أكبر خسارة لها منذ العام 1987
قطاع الطيران محاصر بين الأزمة المالية والأنفلونزا المكسيكية


إيلاف - وكالات: امتدت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية من الأرض لتخترق الأجواء العابرة للقارات، بعدما بدأت الخسائر الفادحة تلاحق قطاع الطيران العالمي، الذي تشير التوقعات أن يتكبد 6.1 مليارات دولار خسائر هذا العام جراء ارتفاع أسعار المحروقات وانخفاض الطلب على الرحلات الجوية، ما يهدد مصير القطاع بكامله. خصوصاً وأن الرحلات الجوية في معظم القارات والعالم بدأت تتقلص، مع صرف العمال والموظفين العشوائي العالمي من شركات قررت خفض مصاريفها وإعادة تنظيم خططها وتقويم سياساتها الداخلية بعد الخسائر الهائلة التي شهدتها معظمها في الربع الأول من هذا العام. أما آخر شركات الطيران التي ضربها الركود في الصميم فهي الخطوط البريطانية.

أكبر خسارة للخطوط البريطانية منذ 1987
أعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية quot;بي إيهquot; اليومالجمعةأنها تكبّدت أكبر خسارة لها منذ خصخصة الشركة في عام 1987. وقالت الشركة إن قيمة الخسائر قبل اقتطاع الضرائب بلغت 401 مليون جنيه إسترليني عن السنة المالية المنتهية في 31 مارس الماضي، وقد جاءت تلك الخسائر نتيجة ضعف سعر صرف الجنيه الإسترليني وارتفاع تكاليف الوقود. وكانت شركة الطيران حققت أرباحاً بلغت 922 مليون جنيه في العام السابق.

وعلى الرغم من زيادة الإيرادات إلى حوالى تسعة مليارات جنيه إسترليني، فإن الشركة تكلفت ما يقارب ثلاثة مليارات جنيه في فاتورة الوقود. من جانبه، أعرب المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية البريطانية ويلي والش في بيان أنه لا يرى quot;بوادر انتعاش في أي مكانquot;. وشملت الخسائر التكاليف المتعلقة بمصروفات زائدة عن الحاجة تقدر بنحو 78 مليون جنيه إسترليني. وأشارت الشركة إلى أنها خفضت أكثر من 2500 وظيفة منذ الصيف الماضي.

وقال والش quot;إن طبيعة تباطؤ الاقتصاد العالمي لفترات طويلة تجعل من هذه المهنة أقسى بيئة تجارية واجهناها على الإطلاقquot;، مضيفاً quot;وطالما لا يوجد أي تحسن فوري باد للعيان، فلا تزال ظروف السوق صعبةquot;. ومع ذلك أكدت الشركة أنها شهدت أداء تشغيلياً quot;أفضل بكثيرquot;، مؤكدة أن رضى العملاء سجل درجات قياسية.

يذكر أن مجموع عدد المسافرين انخفض بنسبة 4.3 %، وشملت النتائج أيضاً نتائج أول سنة تشغيلية كاملة لمبنى الشركة الجديد (تي 5) في مطار هيثرو، حيث كان عدد الركاب الذين استخدموا المبنى وفقاً للشركة قد بلغ أكثر من 24 مليون راكب.

إير فرانس ستستغني عن 2600 موظف في 2009
وكانت شركة الطيران الفرنسية الهولندية quot;أيرفرانس-كيه.إل.إمquot; أعلنت أول أمس الأربعاء عن خسارة 814 مليون يورو 1.1 مليار دولار خلال العام المالي الماضي بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية على قطاع الطيران، وذكرت الشركة في بيان لها أن هذه أول مرة تسجل فيها خسائر منذ تكوينها باندماج أيرفرانس الفرنسية و كي.إل.إم الهولندية عام 2003، لتصبح أكبر شركة طيران في أوروبا، وكانت أرباح أيرفرانس العام المالي قبل الماضي 756 مليون يورو.

وأوضح البيان أن إجمالي حجم أعمال الشركة خلال العام المالي المنتهي في 31 مارس الماضي بلغ حوالى 23.97 مليار يورو، ولكن خسائر التشغيل بلغت 129 مليار يورو مقابل مكاسب قدرها 1.41 مليار يورو خلال العام المالي 2007.

وقالت الشركة إنه ليس لديها رؤية بشأن الأداء خلال العام الحالي في ظل حالة الغموض التي تحيط بالاقتصاد العالمي، وأضافت أن ظروف السوق مازالت صعبة، وأنها خفضت طاقتها التشغيلية بنسبة 4.4 %، بالنسبة إلى فصل الصيف، كما تعتزم الاستغناء عن حوالى 2600عامل خلال العام المالي الحالي.

quot;جيه.أيه.إلquot; اليابانية تتوقع خفض إيرادات التشغيل 10.4%
وفي اليابان، أعلنت شركة الطيران اليابانية quot;جيه.أيه.إلquot; في 12 الجاري عن أن خسائرها وصلت خلال العام المالي المنتهي في 31 مارس الماضي إلى 63.19 مليار ين (644 مليون دولار)، بسبب انكماش حركة السفر نتيجة الأزمة المالية العالمية. وأوضحت الشركة أنها تعتزم الاستغناء عن 1200 عامل بحلول مارس 2010 لخفض النفقات. كما انخفضت إيرادات التشغيل خلال العام المالي الماضي بنسبة 12.5 % إلى 1.95 تريليون ين. وذكرت quot;جابان إيرلاينزquot; أن إيرادات التشغيل قد تنخفض بنسبة 10.4 % خلال العام المالي الحالي إلى 1.75 تريليون ين. كما إن خسائرها قد تتقلص إلى 63 مليار ين. وكانت الشركة وهي أكبر ناقل جوي في اليابان قد سجلت العام المالي 2007 أرباحاً قدرها 16.92 مليار ين.

شركات الطيران العربية قد تخسر 200 مليون دولار
ويتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي quot;إياتاquot; أن شركات الطيران العالمية قد تخسر 4.7 مليارات دولار هذا العام نتيجة للكساد العالمي الذي قلّص طلب الركاب والشحن، وكانت إياتا قد قدّرت في ديسمبر الماضي خسائر القطاع في عام 2009 بنحو 2.5 مليار دولار. وقال مدير عام الاتحاد جوفاني بيسينياني في مارس الماضي إن quot;حال قطاع الطيران سيء في الوقت الراهن. والطلب تراجع بسرعة أكبر بكثير من المتوقع حتى منذ بضعة أشهر فقط مع التباطؤ الاقتصاديquot;، ورأى أن quot;التحسن الناتج من انخفاض أسعار الوقود طغى عليه انخفاض الطلب وتراجع العائداتquot;. موضحاً أن القطاع في quot;غرفة العناية المركزةquot;.

كما توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي quot;أياتاquot;، أن تخسر شركات الطيران العربية نحو 200 مليون دولار في السنة الحالية، جراء تراجع الحركة الجوية في شكل كبير، بسبب تداعيات أزمة المال العالمية التي باتت تلقي بظلالها الكثيفة وتؤثر بشكل متزايدفي تطورات الأوضاع في الأسواق المحلية والإقليمية.
ودعا الاتحاد، منذ أوائل عام 2009، الحكومات وشركات خدمات الملاحة الجوية وشركات الطيران في المنطقة، إلى معالجة عدم الكفاءة في النقل الجوي، التي من شأنها أن تعرّض استدامة قطاع الطيران في الشرق الأوسط للخطر.

وأشارت المؤسسة العالمية، إلى أن نصيب منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات السبع الأخيرة بلغ 10% من حركة النقل الجوي في العالم بعدما كان 5% فقط.
وتعتبر المنطقة العربية، واحدة من الأسواق الأكثر نشاطاً في قطاع الطيران على مستوى العالم، غير أن quot;أياتاquot; أكدت quot;أنها ليست محصنة من الركود الاقتصادي العالميquot;.

دلتا ويونايتد الأميركيتان تخفضان خسائرهما في الربع الأول
وفي الولايات المتحدة، نجحت شركتا ''دلتا أيرلاينز'' الأميركية - أكبر شركة طيران في العالم - ومنافستها ''يونايتد أيرلاينز'' في خفض خسائرهما خلال الربع الأول من العام الحالي بمقدار النصف تقريباً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وذكرت ''دلتا أيرلاينز'' أن صافي خسائرها بلغ 794 مليون دولار، وأعلنت اعتزامها فرض رسم قدره 50 دولاراً على كل راكب يحمل حقيبة ثانية، وهو الإجراء الذي تتوقع الشركة أن تحقق من خلاله 100 مليون دولار سنوياً.
وأشارت الشركة إلى اعتزامها وقف تشغيل 14 طائرة طراز بوينج 747-200 كانت استحوذت عليها بعد شراء شركة ''نورث ويست أيرلاينز'' الأميركية في أكتوبر الماضي بسبب تقادم الطائرات وتراجع عائدات نشاط الشحن الجوي. في الوقت نفسه، أعلنت شركة ''يو.أيه.إل كورب'' المالكة لشركة ''يونايتد أيرلاينز'' تسجيل خسائر قدرها 382 مليون دولار مع تراجع المبيعات بنسبة 22% إلى 3.69 مليارات دولار خلال الربع الأول من العام الحالي. كما تراجع عدد ركاب الشركة الأميركية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 15 %، وانخفض عدد ركاب درجة رجال الأعمال بنسبة 30 %. وقالت المدير المالي للشركة، لكاترين مايكلز، لوكالة ''بلومبرج'' للأنباء الاقتصادية إن نتائج الربع الأول تضررت بتراجع الطلب على الدرجة الفاخرة ودرجة رجال الأعمال نتيجة للأزمة الاقتصادية التي أصابت الولايات المتحدة والعالم، إلى جانب تقليص ميزانيات السفر في العديد من الشركات التي كانت تستخدم طائرات ''يونايتد أيرلاينز''. وتعتزم الشركة خفض حجم أسطولها بنسبة 10 % خلال العام الحالي، بما في ذلك خفض عدد المقاعد على الخطوط الداخلية بنسبة 12.5 %، وخفض مقاعد الخطوط الدولية بنسبة 6 %.

أزمة الطيران الأمنية
أما الأزمة النوعيّة الأخيرة التي مرّ بها قطاع الطيران فلم تكن في أساسها أسعار الطاقة، بل المخاوف الإرهابيّة. وفي هذا الصدد، يقول المدير العام للهيئة الدوليّة للطيران المدني، جيوفاني بيسينياني، إنّ القطاع laquo;سيبقى يسيطر عليه نوع من الفوضى، لأنّ الحكومات لا تفكّر أو تتصرّف بطريقة عالميّةraquo;.

ويوضح أنّّه فيما الشركات تعمل في بيئة ماليّة تزداد صعوبتها، ليس هناك من جهود ملموسة من جانب الحكومات للقضاء كلياً على المخاوف الأمنيّة. ودعا أوستراليا إلى قيادة عمليّة تغيير القوانين التي تحكم القطاع، والتي يبلغ عمرها 60 عاماً.


قطاع الطيران أبرز ضحايا أنفلونزا المكسيك

تخشى شركات الطيران والسياحة التي تعاني جراء الأزمة المالية العالمية أن تتعمق أزمتها إذا ما تفشت إنفلونزا المكسيك دون نفي الخطر عن بقية القطاعات الاقتصادية. وبعد انتشار المرض في بعض البلدان منيت معظم الأسهم في الأسواق العالمية بخسائر، وقامت شركات عالمية بإجراءات احترازية.

كما بدأت شركات الطيران اتخاذ تدابير جديدة بسبب وباء quot;أنفلونزا المكسيكquot; الذي يُرعب العالم حاليًا، وسط توقعات بتكبد هذه الشركات خسائر إضافية قاسية، بعد الخسائر التي منيت بها جراء الأزمة العالمية التي أدت إلى خفض الطلب على النقل الجوي.

وقررت دول عدة وقف الرحلات الجوية مع المكسيك؛ حيث مهْد الوباء الجديد، فيما اتخذت دول أخرى قراراتٍ بتشديد الرقابة على المسافرين، إلا أن منظمة الصحة العالمية لم تصدر أي توصية تدعو فيها إلى إغلاق الحدود أو وقف الرحلات الجوية بين دول وأخرى.

وقال نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا -في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا)مجدي صبري إن شركات الطيران على مستوى العالم اتخذت إجراءات صحية صارمة لضمان عدم انتقال الأمراض والأوبئة، ومنها quot;أنفلونزا المكسيكquot;.

وكشف صبري، في حديث خاص لـquot;الأسواق.نتquot;، أوائل الشهر الحالي، أن الـquot;أياتاquot; أصدرت منظومةً من النصائح والإرشادات الصحية لموظفي شركات الطيران الجويين والأرضيين بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، فور الإعلان عن وباء quot;أنفلونزا المكسيكquot;، وقد تضمنت التعليمات والإرشادات التي أصدرتها quot;أياتاquot; الإجراءات الواجب اتباعها في حالات الاشتباه بحالات المرض، وكذا السبل الكفيلة للوقاية منه ومن انتقاله.

وأشار صبري إلى أن شركات الطيران اكتسبت خبرةً سابقةً من جراء التعامل مع وباء quot;السارسquot;، وكذلك quot;أنفلونزا الطيورquot;، وهما وباءان كانا قد تسببا بالمخاوف نفسها التي تنتاب العالم هذه الأيام من quot;أنفلونزا المكسيكquot;.

وبحسب صبري، فإن من بين الإجراءات الصحية التي تتخذها شركات الطيران في الوقت الراهن التعقيم الدوري لمقصورات الركاب في الطائرات، وكذا أجهزة خاصة بتنقية الهواء الداخلي شبيهة بتلك الأجهزة المتوفرة في المستشفيات.

ورغم أن صبري قد أقرَّ بأن استمرار انتشار وباء quot;أنفلونزا المكسيكquot; سيكبد قطاع الطيران العالمي خسائر قاسية، فإنه لم يتمكن من تقدير الخسائر المتوقعة في حال استمر الوباء في الانتشار عبر العالم، مكتفيًا بالقول: quot;إن وقف الرحلات الجوية بين وجهة وأخرى سيؤثر في قطاعات عريضة في الاقتصاد، إضافةً إلى أنه سيؤثرفي حركة التبادل التجاري بين الدول، إذ إن 35% من قيمة التجارة العالمية ينتقل جوًّاquot;.