الياس توما من براغ :أدت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصاديات العديد من الدول الأوربية التي تتمتع بعضوية الاتحاد الأوربي ولاسيما الشرقية منها إلى تأجيل خططها لدخول منطقة اليورو بسبب عدم الإيفاء بالمعايير المطلوبة لذلك ولاسيما منها ارتفاع العجز في ميزانياتها عن الحد الأعلى المسموح به وهو 3 بالمئة من قيمة الإنتاج القومي الإجمالي . وقد أعلنت بولندا ولاتفيا اللتان تمران بحالة صعبة من الانكماش الاقتصادي بشكل صريح عن تأجيل العمل باليورو على ضوء التوقعات القائمة بان يكون العجز في ميزانية الدولة هذا العام في بولونيا 6,6 بالمئة وفي عام 2010 7,3 بالمئة أما في لاتفيا فسيكون هذا العام 11,1 بالمئة وفي العام القادم 13,6 بالمئة فيما تتحدث الأوساط الاقتصادية والسياسية التشيكية بشكل متزايد عن أن العمل باليورو لن يكون ممكنا قبل عام 2013 بعد أن كان الحديث يدور في السابق عن عامي 2011 أو 2012 وذلك كون العجز في ميزانية هذا العام سيكون 4,3 بالمئة في حين سيكون في عام 2010 4,9 بالمئة أما في رومانيا فيتم الحديث الآن عن عام 2014 كموعد محتمل للعمل باليورو فيها .


وتتحدث استونيا عن عزمها العمل باليورو في عام 2011 غير أن العديد من المحليين الاقتصاديين في أوروبا الشرقية ينظرون إلى هذا العام المعلن بأنه اقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع مشيرين إلى أن العجز في استونيا سيكون هذا العام 3 بالمئة الأمر الذي يعتبر احد شروط العمل باليورو غير أن قيمة العجز سترتفع العام القادم حسب العديد من التوقعات إلى 3,9 بالمئة .


وتشير المعطيات الحديثة للمفوضية الأوربية إلى أن بلغاريا تبدو الدولة الوحيدة من بين دول الاتحاد الأوربي القادرة على الإيفاء بمعايير الانضمام إلى اليورو المعروفة بمعايير ماستريخت حيث يتوقع أن يكون العجز في ميزانيتها هذا العام 0,5 بالمئة وفي العام القادم 0,3 بالمئة .
ويرى الاقتصادي السلوفاكي العامل في البنك العالمي انتون مارتسينتشين أن الدول الطامحة للعمل باليورو سيتوجب عليها تأجيل خططها للعمل باليورو لعدة أعوام ليس فقط بسبب ارتفاع قيمة العجز لديها عن الحد المسموح به وإنما أيضا بسبب التداعيات الجدية للازمة الاقتصادية على أداء الاقتصاديات المحلية فيها ككل .


ويؤكد أن تنامي العجز في الميزانيات يزداد بفضل تراجع الدخل من الضرائب من جهة والى زيادة الإنفاق الحكومي من جهة أخرى مشيرا مثلا إلى أن تشيكيا حصلت على مبلغ يقل ب 12,6 مليار كورون من الضرائب عن الفترة من كانون الثاني يناير إلى نيسان ابريل الماضي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي . ويحذر مارتسينتشين من أن زيادة الإنفاق الحكومي في ظل الوضع الحالي حيث تلقي الأزمة الاقتصادية العالمية بثقلها على الاقتصاديات المحلية في للدول الأوربية الطامحة للعمل باليورو وحيث يتراجع دخل هذه الدول يمكن له أن يؤثر ليس فقط على قيمة العجز والديون وإنما أيضا على معدلات الفوائد .


ويقيم مارتسينتشين دخول بلاده إلى منطقة اليورو بشكل ايجابي قبل بدء الأزمة الاقتصادية العالمية مشيرا إلى أن أداء الاقتصاد السلوفاكي ارتفع في الفترة بين عامي 2002ــ 2009 بمعدل وسطي قدره 5 بالمئة في حين كان المعدل في بولندا المجاورة 3,8 وفي تشيكيا 3,7 أما في المجر فكان بحدود 2 بالمئة مشددا على أن ذلك لم يكن فقط بسبب اليورو غير انه كان بفضل اليورو أيضا. وعلى خلاف تقييم الاقتصادي السلوفاكي فان المحلل المالي في شركة سيروس ماريك هاتلاباتكا يرى بان العمل باليورو في بعض دول الاتحاد ومنها تشيكيا يمكن له أن يتأخر أيضا بسبب النتائج السيئة للتطورات الاقتصادية في منطقة اليورو أكثر منها في الاتحاد الأوربي بدوله السبعة والعشرين . ويحذر من أن الأزمة الحالية يمكن لها في بعض الدول أن تزيد الرفض الشعبي للانتقال إلى اليورو مشيرا إلى أن البعض يمكن لهم أن يقولوا بان الدول التي انتقلت للعمل باليورو قبل فترة قريبة مثل سلوفاكيا تدفع ثمنا اكبر من خلال التراجع الاقتصادي الذي يسجل فيها من الدول التي لم تدخل بعد منطقة اليورو .