وزير المالية اللبناني محمد شطح لـquot;إيلافquot;:

300 ألف لبناني في الخليج يشكلون ربع دخل العمالة اللبنانية

نزيهة سعيد من بيروت: تعتمد البلدان التي لا تسمح لها الظروف المحيطة ومواردها الطبيعية إلا الاعتماد على عنصرها البشري كمورد أساسي في اقتصادها ودخلها القومي، وبحكم تشابه الظروف والانفتاح الذي شهده البلدان، فأن البحرين ولبنان اختارتا أن تعتمدان على قطاع الخدمات كداعم لمصدر الدخل، فاتجهت الدولتين للقطاع المصرفي فأزدهر وشكلت كل منهما مركز قوة في المنطقة تضاهي المراكز العالمية. وزير المالية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال ما بعد انتخابات السابع من يونيو (حزيران) الحالي، محمد شطح أكد أن لبنان والبحرين اتخذتا أدوارا مميزة في المنطقة نابعة من الخصائص المشتركة بينهما وهو الاعتماد على العنصر البشري، حيث تميز البلدان بالانفتاح والتركيبة السكانية المتنوعة، والتركيبة الجغرافية الغنية ورأس المال البشري الذي يعد ثروة البلدين الحقيقة.وقال الوزير شطح عن تجربة البحرين: quot;تعتبر تجربة البحرين في القطاع المالي تجربة فريدة خصوصا وأنه يقع في منطقة تحيط به بلدان لديها احتياطات ضخمة من مداخيل النفط، إلا أنها تعتمد على عنصرها البشري وتوفر المناخ لتواجد قطاعات الأعمال المختلفة، كما إنها منفتحة على الخارج ويتوافر فيها مناخ ليبرالي، كما أن السياسة البحرينية تعتمد التوازن والثبات لتجنب النقاط الساخنة لبعض الخلافات والتجاذبات في المنطقة، فحافظت على الاستقرار السياسي الشعبي الداخلي مع التركيبة السكانية المتنوعةquot;. ولا يعتبر شطح البحرين في مركز تنافس مع لبنان في القطاع المالي، quot;فهناك متسع وتكامل بين الدولتين لتكونا مركزين ماليين في المنطقةquot; والحديث للوزير.وأضاف: quot;يعتبر القطاع المصرفي اللبناني من أكبر القطاعات قياسا بحجم الاقتصاد اللبناني، حيث أن هذا القطاع بحاجة إلى عمق اقتصادي وعمق في الأسواق المالية المحلية ودعمها الثروة البشرية الكبيرة التي سمحت بنمو كبير في الخدمات المالية، في الوقت الذي شهدت فيه دول الخليج نموا كبيرا خلال السنوات الماضية جعلت من الاقتصاد الخليجي اقتصادا ضخما، وأن نمو القطاع المصرفي والسوق المالي اللبناني ينتج عنه تواصل وتكامل مع الخليج وخصوصا البحرين للاستفادة من بعضهما البعض وليس التنافسquot;. كما أكد الوزير شطح على ترابط الاقتصاد اللبناني والاقتصاد الخليجي، بسبب المعدلات الكبيرة للتدفقات المالية للجالية اللبنانية العاملة في الخليج.

انتعاش مصرفي
وتشير الأرقام إلى أن القطاع المصرفي اللبناني حقق خلال العام 2008 نتائج إيجابية ومتقدمة فقاربت الميزانية المجمعة للقطاع الـ 92 مليار دولار (35 مليار دينار)، وازدادت الودائع بشكل كبير، بلغ نحو 110 مليارات دولار(42 مليار دينار)، كما نجح القطاع في تعزيز الأموال الخاصة إلى أكثر من 6.5 مليار دولار (2.5 مليار دينار). والى ما تقدم فقد نجح القطاع في تفادي الأزمة المالية العالمية نتيجة السياسات النقدية والمصرفية التي وضعها مصرف لبنان خلال السنوات الماضية لا سيما لناحية وضعه ضوابط للتسليف، والحديث للوزير محمد شطح الذي أضاف: quot;حجم القطاع المصرفي اللبناني 300% من حجم الاقتصاد اللبناني، كما شهد العام 2008، نموا بالودائع بلغ 15%، كما أن التدفقات حافظت على الوتيرة ذاتها خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي (2009) بل أسرع، (حوالي 16%)، وهذا دليل على أمان السوق اللبناني من آثار الأزمة الاقتصاديةquot;.

كما بينت الإحصائيات أن القطاع شهد في عزّ الأزمة المالية العالمية تدفقات مالية من الخارج فاقت قيمتها حتى الساعة الـ 1.5 مليار دولار أميركي (567 مليون دينار)، كما نجح مصرف لبنان في تعزيز محفظته من العملات الصعبة حيث قارب احتياطييه من العملات عتبة الـ 20 مليار دولار أميركي (7.6 مليار دينار). وبيّن الوزير أن الاقتصاد اللبناني منفتح ومرتبط بالاقتصادات العالمية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، ورغم الأزمة التي أثرت على القطاع المصرفي في العالم والخليج إلا أن متانة القطاع في لبنان وحفاظه على توازنه لم يعرضه للخطر كالمصارف الأخرى في العالم، وذلك من خلال اعتماده على مصادر تمويلية كلاسيكية وغير خطرة، كما أن سياسة المصرف المركزي مع المصارف كانت محافظة جدا، عملت بمعايير وقوانين تحد من المخاطر بالنسبة للإقراض العقاري والمحافظ المالية وطبيعة الموجودات، مما ساهم في حفاظها على موقعها الثابت، كما حافظت على تدفق الودائع، والحديث للوزير شطح.

تأثيرات الأزمة
رغم أن القطاع المصرفي في لبنان حافظ على ثباته وإيراداته وودائعه إلا أن هناك جزء من الاقتصاد اللبناني تضرر متمثلا في الثروات الشخصية للبنانيين واستغناء بعض الدول عن خدمات اللبنانيين العاملين فيها واللذين كانوا مصدرا لبعض الإيرادات، أوضح الوزير: quot;هناك خسائر كبيرة تكبدها لبنانيون على مستوى ثرواتهم الشخصية والتي كانت مستثمرة في أسواق المال، كما أن تقلص اقتصادات بعض دول الخليج والتي دفعت الشركات والمؤسسات للاستغناء عن بعض الأيدي العاملة أو جميعها أدى إلى الاستغناء عن بعض اللبنانيين العاملين فيهاquot;.
إلا أنه يعود ويؤكد: quot;إلا أن تأثير ذلك على الاقتصاد اللبناني محدود، وتقدر نسبة اللبنانيين الذين خسروا وظائفهم في الخليج ما مقدار 3% فقط، كرقم تقديري، من أصل 300 ألف شخص، والتي تشكل ربع دخل العمالة اللبنانيةquot;. وأشار إلى الإجراءات التي أتبعتها لبنان لتفادي الأزمة من خلال تخفيض التوقعات بالنسبة للنمو من 8-9% في 2008، إلى 3% في العام 2009، والتي نتوقع أن نتجاوزها.

تفاؤل بالحكومة الجديدة
وعن مرحلة ما بعد الانتخابات اللبنانية التي فازت فيها الموالاة بأكثرية المقاعد في البرلمان اللبناني، عبر الوزير شطح عن تفاؤله بمستقبل لبنان الاقتصادي، وأن الأكثرية التي أطلقت حركة الاستقلال في العام 2005 هي أمل اللبنانيين اللذين اختاروها مجددا لتكمل المشوار، مؤكدا أن دور لبنان الاقتصادي هو جزأ لا يتجزأ من حركة 14 آذار والأغلبية النيابية الحالية، quot;نريد لبنان أن يكون كما أردناه، وكما هو قادر أن يكون من تطور في المستوى المعيشي، وقدرة على استقطاب الاستثمارات وخلق وظائف عبر الإصلاح الاقتصاديquot; كما عبر شطح. يتضمن برنامج عمل حركة 14 آذار بندا خاصا بالإصلاح الاقتصادي الذي يعتمد على خلق المناخ المؤاتي للمستثمرين اللبنانيين وغيرهم في قطاعات متنوعة في لبنان، كما يؤكد برنامج الإصلاح على مكانية لبنان الاقتراضية (أكثر من 38.5 مليار دولار من الديون، 14.6 مليار دينار)، كونه بلد آمن للاستثمارات، وأشار الوزير شطح إلى أن الأسواق المالية كانت تترقب نتائج الانتخابات اللبنانية لما لنتائج الانتخابات من تأثير على الوضع المالي اللبناني. quot;التفاؤل هو السمة الطاغية، ولكنها بحاجة إلى جهد لتحقيقه من قبل الفرقاء السياسيين اللبنانيينquot; حسب الوزير شطح.

وتمنى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حتى الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة محمد شطح، أن يختزل الفرقاء السياسيين اللبنانيين الحوار في الخلافات حول السياسة الخارجية والوضع الأمني والإستراتيجية الوطنية الكبرى لحماية لبنان من المخاطر الكبرى داخل هيئة الحوار، وعزلها عن أمور تسيير الدولة، كي لا يظل الإصلاح الاقتصادي في لبنان رهينة للخلاف الذي لا يزال قائما. quot;هناك العديد من الخطط الاقتصادية الإصلاحية والتنموية، وافق مجلس الوزراء مؤخرا على اثنتان منها متعلقتان بالسياسات المالية والتنمية الكلية وتنمية المناطقquot; كما جاء على لسان وزير المالية اللبناني، مشددا على ضرورة تشكيل حكومة فيها درجة عالية من التجانس، توافق على البيان الوزاري للمسار الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، ليحقق لبنان ما لم يستطع تحقيقه منذ 2006. وقال الوزير محمد شطح: quot;بالرغم من التأثير المحدود للانكماش الاقتصادي في العالم على لبنان، إلا أن الحكومة وافقت على عدد من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد وخلق المزيد من الوظائف كالإجراءات الضريبية، وكلفة الاقتراض، ودعم الفوائد على القروض الاستثمارية بسبب انخفاض معدلات التضخم خلال العام الماضي (2008) لتحفيز الاستثمار وسوق العملquot;، مضيفا: quot;كما وافق مجلس الوزراء المنتهية مدته على خطة تنموية لجميع المناطق اللبنانية، والتي من المفترض أن تكون نقطة انطلاق للحكومة المقبلة والتي تركز على البنية التحتية وإتاحة المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في القطاعات التي يراها منتجة، مع التركيز على قطاعات البنية التحتيةquot;.

إصلاح اقتصادي
ولم ينفي وزير المالية اللبناني حاجة مناخ الاستثمار اللبناني للعديد من المتغيرات ليثبت المزيد من الاستقرار، quot;فرغم توافر قطاع مصرفي جيد وآمن، ومناخ استثماري جيد، وقطاع خاص معروف بحيويته ومبادراته، إلا أننا بحاجة لمزيد من الثقة بالأجهزة القانونية والقضائية وقدرة الدولة على تطبيق القانون من ناحية العقود والمعاملات المالية، بالإضافة لكون إدارات الدولة فعالة وغير معيقة للاستثمارquot;. كما أكد الوزير شطح أن المجال مفتوح لتحسين وإصلاح البنى التحتية التي تخدم الحركة الاقتصادية بكل عناصرها كالكهرباء والاتصالات والمواصلات، وهو طموح الحكومة السابقة والتي عملت على إصلاح المناخ الإداري والسياسي وسلطة الدولة بحيث يرتفع أداء الاقتصاد اللبناني، ولكن المناخ منذ العام 2005 لم يكن متاحا لإصلاحات كبيرة، والأمل في الحكومة الجديدة لإطلاق عملية الإصلاح واتخاذ القرارات. وتقدر خسائر حرب تموز (الاعتداء الإسرائيلي على لبنان في 2006) بـ15 مليار دولار (5.67 مليار دينار)، حيث قدرت اللجنة العليا للإغاثة (قيمة الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية في لبنان 3.6 مليارات دولار (1.4 مليار دينار) مع تهدم 15 ألف مسكن و80 جسراً، في حين أصيبت 94 طريقاً بأضرار أو هدم تماماً). وقدر خبراء لبنانيون انه بعد شهر من القصف المتواصل (سيحتاج لبنان إلى عشر مليارات دولار (3.8 مليار دينار) لإعادة أعمال المباني والبنى التحتية وإنقاذ ملايين المؤسسات من الإفلاس). قال الوزير شطح معلقا: quot;ما حدث في لبنان أثناء وبعد حرب تموز كان مكلفا جدا، كما أنه لم يشكل أرضية للاستثمارات الحقيقة والتشريعات الجديدةquot;.

قطاعات المستقبل
البنية التحتية اللبنانية لا تزال بحاجة لكثير من الدعم من كافة المجالات والقطاعات، لذلك ركز الوزير شطح خلال حديثه عنها على أهميتها وأفضليتها وقيمتها المضافة على الاقتصاد اللبناني، كذلك الاستثمار في الثروة البشرية الكبرى، فقال: quot;لبنان من البلدان الأنجع في مجال الخدمات الفكرية كالموسيقى، الإعلانات والمحاسبة وغيرها، فهي خدمات مهمة وأساسية ونامية ومطلوبة وغير محدودةquot;. وعن دور الدولة في الخطة التنموية قال شطح: quot;من خلال خلق البنية التحتية وتوفير مناخ ملائم للنمو أفقيا، لوصل اللبنانيين في مختلف المناطق اقتصاديا، بالإضافة لإجراءات تشجيع الاستثمار وخلق وظائف جديدة لعشرات الآلاف التي تدخل سوق العمل كل عام، خصوصا وأن فرص العمل في الخليج لم تعد متاحة بالدرجة نفسها بالسابقquot;. ومن إجراءات تشجيع خلق فرص عمل كما بينها الوزير شطح، تخفيض الإيرادات الخاضعة للضريبة للمؤسسات بما يعادل الكلفة الجديدة للوظيفة التي يخلقها، وسيطبق خلال العام 2009 و2010 للمؤسسات الجديدة، وتخفيض كلفة الفوائد من خلال إجراءات اتخذها المصرف المركزي لخفض الاحتياطي الإلزامي للمؤسسات التي تخلق فرص عمل جديدة. كما كشف الوزير شطح عن خطة لرفع مستوى الطاقة في لبنان وتوفير الطاقة الكهربائية التي لا تتناسب وحجم لبنان الحالي واقتصاده، وتأمين الكهرباء بكلفة معقولة أكثر عبر تحسين أداء هذا القطاع المكلف، بالإضافة لقطاع الانترنت والاتصالات