الرياض:تباينت آراء خبراء واقتصاديين نشرت آرائهم في صحيفة المدينة السعودية حول إمكانية أن يتعرّض قطاع النقل بمختلف فئاته لخسائر كبيرة في النصف الأخير من العام 2009 بسبب مخاوف انتشار وباء أنفلونزا المسكيك، لا سيما بعدما أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءً عالميًا ورفعت درجة الإنذار من الخامسة إلى السادسة (القصوى)، كما واكبه سلسلة إجراءات يتعيّن على جميع الدول اتخاذها، وتوقع الخبراء تأثر الدول المعتمدة اقتصادياتها على قطاع السياحة سلبا بسبب الإحجام المتوقع على السفر والسياحة في قطاع النقل، إلا أن البعض قلل من خطورة تأثيره على قطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط، مشيرين في الوقت نفسه إلى انه من المتوقع تراجع الموسم السياحي في الدول الموبوءة بنسبة 20 في المائة، وتوقع المختصون أن يُمنى قطاع النقل الجوي بخسائر اضافية تبلغ 2.5 مليار دولار، واضافوا: ان قطاع النقل البحري سيكون الاقل ضررا إذ يتوقع ان تنخفض حركة النقل البحري بنسبة 5 في المائة. مشيرين إلى أن المتضرر الأكبر من جراء هذا الوباء العالمي هي دول أوروبا وأمريكا بسبب نشأة وانتشار المرض فيهما بصورة كبيرة.

ويشير الدكتور عبد الرحيم ساعاتي أستاذ الاقتصاد والتمويل الإسلامي إلى أن المنطقة العربية والإسلامية ستكون اقل مناطق العالم تأثرا وضررا من أزمة الوباء على قطاع النقل سوا ء كان البري أو البحري أو الجوي، مؤكدا أن العالم العربي والإسلامي يحكمه عامل التوكل وقليلا ماتؤثر فيه حالات الذعر التي تسببها الأوبئة في العالم بغض النظر عن ماهيتها وهذا كان واضحا في أزمة انفلونزا الطيور وأزمة جنون البقر حينما ظهرت، وأوضح أن قطاع النقل في العالم الغربي متوقع له خسائر سيشهدها وذلك لان القطاعات وخاصة النقل تعتمد لديهم بشكل كبير على تقارير منظمة الصحة العالمية وان الناس في الدول الغربية مثل أمريكا وأوروبا يأخذون هذه التقارير والإحصائيات بشئ من الجدية وعليه تتحدد تحركاتهم . وأضاف د.ساعاتي : رغم ذلك لابد من الإشارة إلى ضرورة عدم تعليق أي خسائر يمكن أن يشهدها قطاع النقل إلى انفلونزا المكسيك، ذلك أن هناك عاملا أساسيا وهو الأزمة الاقتصادية العالمية التي تأثر العالم بأسره بها وقد يكون التراجع في أرباح عدة قطاعات عائد لهذا السبب.

من جانبه اوضح الدكتور فؤاد بوقري أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز، أن الخوف والحذر بشكل عام في الاقتصاد كفيل أن يحدث مايسمى الدوائر المترددة أو التصادمية التي يمكن أن تؤثر على القطاع المستهدف من الناحية الاقتصادية غير أنه ولابد من التأكيد على عدم ربط أي خسائر يمكن أن تتحقق في قطاع النقل معلقين السبب لانتشار وباء أنفلونزا المكسيك وذلك لان سنة 2009م من أكثر السنوات تأزمًا من الناحية الاقتصادية والأزمة العالمية تأثيراتها ستكون طاغية على كافة القطاعات ولا يتوقع أن تحقق أي أرباح كبيرة لهذه السنة فمن غير الدقيق أن نعلق خسائر قطاع النقل على انتشار وباء أنفلونزا المكسيك، وأضاف: أن هناك حالات شفيت من المرض وان المرض في حيّز السيطرة، بعكس أنفلونزا الطيور وجنون البقر وهذا بدوره سينعكس على قطاع النقل كونه لن يتأثر بشكل كبير رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية ومنظمة الاياتا في رفع درجة الحرص والحذر، ولابد هنا من الاشارة إلى حرص الجهات الرسمية للسيطرة على المرض والحدّ من انتشاره إلى جانب أن رجب شهر وموسم عمرة ولن تتغيّر خطط الناس لأداء العمرة لمجرد انتشار وباء يمكن أن تكون الإصابة به مجرد احتمالية قد تحدث أو لا.

اما الدكتور أكرم العنتالي أستاذ مساعد اقتصاديات النقل البحري جامعة الملك عبد العزيز فأوضح أن النقل البحري هو مرآة للتطورات الجارية في دول العالم ويعكسها إيجابا أو سلبا لما يتأثر به المجتمع الدولي من أحداث ، وأضاف: لعل أحداث الوباء المنتشر عالميا وهو أنفلونزا المكسيك أو H1N1 وتأثيراته المختلفة على اقتصاديات دول العالم وخاصة المملكة العربية السعودية مع الازدهار الذي يحيط بالنقل البحري وإنشاء ميناء الملك عبدالله، فمع ذلك وجود اتجاه تؤكده الإحصاءات بأن هناك بالفعل تأثر في الحركة التجارية لم يلبث أن يتلاشى بفعل الأزمة المالية العالميةالى جانب أزمة أنفلونزا الخنازير فمن المقدر أن تنخفض الحركة عبر النقل البحري بحوالى 5 في المائة، خاصة في حركة المواشي الحية والأغذية المبردة والبضائع العامة لتقل عن تلك المسجلة لعام 2008م.

ومن جهة أخرى أكد مساعد المدير العام للمبيعات وخدمات الشحن بالخطوط الجوية السعودية سابقا حاتم زارع انه لا يمكن أن تعلق خسائر قطاع النقل الجوي على أزمة أنفلونزا المكسيك ذلك أن الأزمة السابقة تواكبت مع الهزة الاقتصادية التي اجتاحت العالم، وبالتالي ليس من السهل الحكم على أيهما أكثر تأثيرا على خسائر قطاع النقل بالرغم من أن كل أصابع الاتهام ستوجه للازمة الاقتصادية ذلك أن النقل العام من بداية مطلع 2008م وبالذات قطاع الشحن إذ ان الصادرات من الصين انخفضت بحوالى 25في المائة وهذا أثر بشكل كبير على النقل العام، وهناك شركات خفضت رحلاتها من وإلى الصين، وبالتالي فمتوقع أن تنخفض أرباح شركات الطيران مقارنة بالأعوام السابقة.

وحول مدى تأثير أزمة أنفلونزا الخنازير، أشار إلى أن مكافحة العالم لهذا الوباء تتزايد وتتطور والاحتياطات مكثفة من قبل كافة الدول لمواجهتها، وبالتالي لن تؤثر بشكل مباشر، مؤكدا أن النقل الجوي من الصناعات التي تتجدد كل يوم وتتأثر بأي أزمات طارئة قد يكون الاقتصادي منها الأكثر تأثيرا على هذا القطاع ولو عدنا بالذاكرة للوراء لوجدنا خسائر جناها قطاع النقل الجوي في أزمة النمور السبعة والتي كانت شبيهة بالأزمة الاقتصادية إلى حد ما لذلك أرى أن الوضع الاقتصادي سيؤثر في خسائر قطاع النقل الجوي لهذا العام أكثر من وباء المكسيك .

ومن جهة أخرى أشار الرئيس التنفيذي لشركة خدمات الطيران (عرباسكو) محمد الشبلان أن هناك تأثيرا على حركة النقل في المنطقة، ولكن ليس بالتأثير الكبير المماثل للدول التي ظهر وانتشر فيها هذا الوباء، مضيفا أنه لا يمكن عمل أي شئ للتخفيف من حدة انتشاره عدا التكثيف في نشر التوعية الصحية والمنشورات للمسافرين سواء المغادرين أو القادمين من تلك الدول الموبوءة عبر التعاون مع الهيئات الصحية العالمية.