الجزائر: حظرت الجزائر على البنوك إصدار قروض استهلاكية، في خطوة وصفها المحللون بأنها محاولة لوقف واردات تجد البلاد صعوبة في شرائها، بسبب انخفاض أسعار صادراتها الرئيسة من النفط والغاز. وتمثل الطاقة 97 % من صادرات الجزائر، لكن انخفاض أسعار النفط قلص قيمة هذه المبيعات بمعدل النصف، في حين استمر الارتفاع في استيراد سلع، تتراوح من السيارات إلى الغسالات الأتوماتيكية والأطعمة.

وقال أحد المحللين إن الحظر ربما يهدد بإثارة غضب ملايين الجزائريين من أصحاب الدخول البسيطة، الذين يستخدمون القروض لشراء سلع خارج نطاق قدرتهم، وقد يبعث برسالة سلبية للمستثمرين بشأن التزام الحكومة بإصلاحات السوق.

وقال ليث قهوجي من شركة ستراتيجيكا، وهي شركة استشارية جزائرية تملك مجموعة دويتشه بنك جزءاً منها، إن من الجيد تقليص فاتورة الواردات في الجزائر، فالأخيرة لا تستطيع الاستمرار في الاستيراد بمبلغ 35 مليار دولار سنوياً، لكنه أوضح أن الأسلوب الذي اتبعته الحكومة سلبي.

وأضاف أنه يرسل بإشارة متباينة لشركاء الجزائر الأجانب بشأن استعداد البلاد لتطبيق اقتصاد سوق حقيقي، كما يثير غضب المواطنين، لا سيما الذين ينتمون للطبقات الدنيا. ودخلت تعليمات وزارة المالية بمنع البنوك من إصدار قروض استهلاكية جديدة حيز التنفيذ في 29 يوليو. ولا تنطبق اللوائح الجديدة على الرهن العقاري أو القروض الاستهلاكية القائمة.

وقالت صحيفة الوطن الجزائرية، التي لها تأثير كبير، إن الحكومة اتخذت هذه الخطوة على عجل بسبب مخاوف من ارتفاع فاتورة وارداتها. وكتبت تقول quot;الحكومة مذعورةquot;.

ولم توضح وزارة المالية أسباب التغيير. وكانت الإذاعة الرسمية بثت خلال الأسابيع القليلة المنصرمة تقارير، مفادها أن المواطن العادي يغرق في مستويات خطرة من الديون، بسبب قروض استهلاكية خارج نطاق السيطرة.

وتعتمد الجزائر منذ سنوات على الواردات، لعدم وجود ما يكفي من الصناعات المحلية المنافسة، وهي مشكلة أنحى فيها المسؤولون باللائمة على اعتماد البلاد المفرط على قطاع الطاقة. ووصل الاستيراد إلى رقم قياسي بلغ 35 مليار دولار في عام 2008.

لكن المشكلة أصبحت أكثر خطورة منذ انخفاض أسعار النفط العام الماضي. وتراجعت أسعار النفط العالمية من 147 دولاراً للبرميل في يوليو العام الماضي إلى نحو 70 دولاراً الآن.

وأظهرت بيانات الجمارك، التي نشرت الشهر الماضي عن الأشهر الستة الأولى من هذا العام، أن قيمة الصادرات بلغت 20.7 مليار دولار، بانخفاض 46.5 % عن الفترة العام الماضي. وانخفض الفائض التجاري للجزائر من 19.75 مليار دولار إلى مليار دولار.

وتمثل السيارات جزءاً كبيراً من الواردات. واستوردت الجزائر، التي يبلغ تعدادها 35 مليون نسمة، أكثر من 150 ألف مركبة خلال النصف الأول من العام الحالي.

ومعظم البنوك في الجزائر تمتلكها الدولة، ويخضع النظام المصرفي للوائح مشددة، لكن الإقراض الاستهلاكي شهد بعض النمو. وتنشط البنوك الأجنبية في ذلك القطاع، بما فيها بنك بي ان بي باريباس وسوسيتيه جنرال.

وقد يزيد الحظر على القروض الاستهلاكية مخاوف المستثمرين من تنفيذ مشروعات في الجزائر. ويقول مستثمرون أجانب إن التغييرات المتكررة في اللوائح تجعل المناخ الاستثماري أمراً لا يمكن التكهن به.

كما يرون أن الروتين والقوانين التي تحد من ملكية الأجانب في أعمال تديرها في الجزائر يقلص مكاسبهم بشكل كبير.