عصام المجالي من عمّان: يأتي الموضوع الرئيس للاحتفال السنوي لليوم العالمي للسكان وهو الاستجابة للأزمة الاقتصادية: quot;الاستثمار في المرأة... اختيار ذكيquot; ليتطرق إلى الطاقة الكامنة في كل مجتمع من مجتمعات العالم التي لم تحقق بعد كل إمكاناتها، وأن توصل مجتمعاتها إلى مستويات معيشة أفضل. ويتزامن احتفال اليوم مع الأزمة المالية العالمية والتي قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي لتطال الجوانب الاجتماعية والصحية لكافة أفراد المجتمعات والمرأة على وجه الخصوص، حيث سيكون للأزمة عواقب عديدة على المرأة متمثلةً في التضحية بتعليم الفتيات، وانخفاض دخل المرأة نتيجة فقدان الوظائف، والتضييق على فرص الحصول على قروض التمويل متناهية الصغر والتي عادة ما تلجأ إليها المرأة.وضمن الأوضاع الاقتصادية المسيطرة على العالم هذه الأيام والتي تعني استمراريتها مواجهة أزمة إنسانية واجتماعية لا نعرف أبعادها الحقيقية بعد، يأتي هذا الموضوع ليطرح على بساط البحث طاقات المرأة وما يمكنها أن تفعله فيما لو تم الاستثمار الصحيح فيها.

واعتبرت الأميرة بسمة بنت طلال سفيرة النوايا الحسنة لصندوق الأمم المتحدة للسكان أن زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة ركيزة أساسية في تحقيق أهداف الألفية الإنمائية والقضاء على الفقر.وقالت الأميرة بسمة خلال رعايتها للاحتفال باليوم العالمي للسكان تحت شعار quot;الاستجابة للأزمة الاقتصادية، الاستثمار في المرأة خيار ذكيquot; إن الدول التي عالجت العديد من الأزمات بذكاء تلك التي وجهت استثماراتها نحو زيادة دخل النساء، واعترفت بالحاجة لتخصيص الموارد على جميع المستويات بما فيها تعزيز القدرات، ووضعت السياسات المراعية للنوع الاجتماعي للتوصل إلى الاستفادة الكاملة من الأثر المضاعف لمشاركة النساء.

وأضافت أنه وعلى الرغم من عدم معرفتنا الكاملة لآثار الأزمة الاقتصادية على النساء والمجموعات المهمشة الأخرى، إلا أن ما يمكن الجزم به هو أن مثل هذه الظروف لا تؤثر سلبافي المرأة والفتاة فقط، وإنما تمتد هذه التأثيرات السلبية تلقائيا على المجتمعات ككل. فالعمل على الحد من الفقر في العالم بدأ من خلال عمليات تمكين النساء اقتصاديا، والسياسات الناجحة في مواجهة الفقر كانت تستهدف زيادة دخل النساء. إذ تشير معظم تقارير الأمم المتحدة إلى أن فقدان النساء لمصادر الدخل يؤدي في البلدان الأشد فقرا، إلى ارتفاع معدلات وفيات الأطفال وانخفاض المستويات الغذائية والتعليمية والصحية.

وأكدت الأميرة بسمة قائلة quot;إن العالم مر في العديد من الأزمات الحرجة، وفي كل مرة تم إثبات مقولة إن أكثر عوامل التغيير الاقتصادي فعالية هي المرأة. فقد لاحظت لجنة أوضاع المرأة في الأمم المتحدة في دورتها لهذا العام تنامي البراهين حول الأثر المضاعف الناتج من الاستثمار في المرأة والفتاة، إن كان على صعيد الإنتاجية أو الكفاءة أو النمو الاقتصادي المستدام. كما أن زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة يعتبر ركيزة أساسية في تحقيق أهداف الألفية الإنمائية والقضاء على الفقرquot;.وأوضحت أن الدول التي عالجت العديد من الأزمات بذكاء كانت تلك التي وجهت استثماراتها نحو زيادة دخل النساء، واعترفت بالحاجة إلى تخصيص الموارد على جميع المستويات بما فيها تعزيز القدرات، ووضعت السياسات المراعية للنوع الاجتماعي للتوصل إلى الاستفادة الكاملة من الأثر المضاعف لمشاركة النساء.

سهير العلي
فيما ركزت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي سهير العلي في كلمتها على ضرورة استثمار الفرصة السكانية التي تمثل تحديا تنمويا مهما للأردن.وقالت العلي إن الهدف ليس فقط الوصول إلى الفرصة وإنما الاستفادة مما يصاحبها من تغيرات اقتصادية واجتماعية، من خلال رصدها والتخطيط والإعداد المسبق لها، وتوفير بيئة سياسات مناسبة للاستفادة من هذه التغيرات، بحيث نؤمن للجميع مستوى معيشة أفضل وهي خطوة بالغة الأهمية يمكن أن تساعد على الارتقاء بالمجتمع.

وتوقعت أن يساهم الاستثمار الايجابي للفرصة السكانية في تحسين نوعية حياة المواطنين وزيادة معدلات التشغيل وخفض معدلات البطالة والتمتع بمستويات عالية نسبيا من التنمية وتحقيق فورات اقتصادية ايجابية في قطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية المختلفة وذلك نتيجة للتغيير في التركيب العمري للسكان.وأكدت أنه من أجل المساهمة في علاج آثار الأزمة الاقتصادية على المرأة إن وجدت، لا بد من مراعاة السياسات المبنية على النوع الاجتماعي؛ وينبغي أن يكون توسيع الفرص الاقتصادية للنساء الفقيرات موضوعا جوهريا للسياسات العامة وشبكة الأمان الاجتماعي وعمليات القطاع المالي كذلك. وقالت quot;حماية المرأة من آثار الأزمة لا يعني أن يتم التعامل معها كضحية فحسب، فالمرأة يمكن أن تكون هي عنصر التغيير، واعتبار النساء طرفا اقتصاديا كاملا والاستثمار في تعليمهن وصحتهن هو طريقة ذكية للمساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية في بلدان العالمquot;.

رائدة القطب

من جهتها أكدت أمين عام المجلس الأعلى للسكان الدكتورة رائدة القطب أهمية تمكين المرأة باعتبارها quot;المفتاح الرئيس لتفعيل الاقتصاد وتطويرهquot;.وقالت الدكتورة القطب إن فئة النساء هي الأكثر تأثراً بالأزمة الاقتصادية عالميا نتيجة لارتفاع أسعار المعيشة وانخفاض الدخل وفقدان الوظائف وانخفاض ميزانيات الأسر خاصة تلك التي تعيلها النساء .وبحسب القطب، فإن هذه التحديات تدفع المجتمعات إلى ضرورة الاستثمار في المرأة من خلال التعامل مع قدراتها وإمكاناتها وتفعيل أدوارها كعامل اقتصادي رئيس، للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية على الأسرة. ولتحقيق هذا الهدف، وفق القطب، فان ذلك يتطلب توسيع فرص انضمام المرأة إلى القوى العاملة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً كأهم عوامل التغيير الاقتصادي فعالية، فالاقتصاد الذكي والذي يدرك قيمة الاستثمار في المرأة يمهد الطريق ليس أمام انتعاش اقتصادي فحسب وإنما أمام نمو اقتصادي أيضاً .

لوك ستيفنز
وركز المنسق المقيم للأمم المتحدة وممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان لوك ستيفنز على أهمية الاستمرار في الاستثمار في النساء والشابات باعتبارهن quot;محركات التنميةquot;، ورغم ذلك تجدهن يدفعن الثمن مقابل صحتهن ورفاههن، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية.
واعتبر ستيفنز أن الاستثمار في صحة النساء، خاصة صحتهن الإنجابية، هو استثمار في رفاههن ورفاه أسرهن ومجتمعهن.

وقال في كلمته، لا بد من توفير كافة السبل للسيدات حتى تحصل على خدمات الصحة الإنجابية، ما يساعد أسرهن من التخطيط لحياتهم، بالمقابل فإنهن يحصلن على فرص أكثر للتعليم والتدريب والعمل، الأمر الذي بدوره يعود بالنفع على الأسر والمجتمعات والدول.
وعرض المجلس الأعلى للسكان خلال الاحتفال فيلما وثائقيا حول الفرصة السكانية يوضح فيه أن الأردن على أعتاب تحول ديمغرافي تصاحبه تأثيرات على الحالة الاقتصادية والاجتماعية قد تكون ايجابية إذا ما تم التخطيط والإعداد المسبق لها، أو تشكل تحديات في حال عدم استغلالها. كما يصادف هذا العام الذكرى السنوية العشرين لليوم العالمي للسكان الذي تم اعتماده في العام 1989 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتباره فرصة لرفع الوعي بالمسائل السكانية وعلاقتها بالتنمية.إلى ذلك، تنفذ المؤسسات الوطنية المعنية الحكومية وغير الحكومية عددا من النشاطات في إطار الاحتفال بهذا اليوم تتضمن ورش عمل وندوات ومحاضرات توعوية وبرامج تدريبية وجلسات تثقيفية ينفذها كل من المجلس الأعلى للشباب ومعهد الملكة زين الشرف التنموي ومديرية التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأردن والمجلس الأعلى للسكان وعدد من الشركاء.

تقدم الأردن

كما أطلق المجلس الأعلى للسكان في الاحتفال التقرير الوطني الذي يحمل عنوان quot; حول التقدم في تنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 1994- القاهرة بعد مرور خمسة عشر عاماًquot;، quot; و يوثق التقدم الذي أحرزه الأردن خلال الخمس عشرة سنة الماضية في المجالات التنموية المختلفة. ويواجه الأردن تحديات سكانية تتمثل بارتفاع النمو السكاني واستقرار مستويات الإنجاب، وسرعة النمو السكاني في الحضر وعدم توازن التوزيع السكاني بين الأقاليم وما يشكل ذلك من تزايد الضغوط على الخدمات المختلفة وعلى الموارد الطبيعية المتاحة مما يحدث عدم توازن بين الموارد البشرية والموارد الأخرى.

وكشف التقرير أن الأردن حقق انجازات كبيرة في مجال تمكين المرأة في مجالات الصحة والتعليم، غير أن مشاركتها السياسية والاقتصادية ما زالت دون الطموح، كما أن هناك ممارسات ومعيقات ثقافية وأسرية تحول دون وصول معظم الإناث إلى حقهن الشرعي في الميراث.وعلى الرغم من النتائج الايجابية التي حققها الأردن خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، إلا أنه ما زال يواجه تحديات كبيرة خاصة في ظل التحول الديموغرافي البطيء، والأزمة الاقتصادية العالمية ومضاعفات العولمة الأمر الذي يتطلب منه بذل المزيد من الجهد والتعاون والتشارك ما بين جميع القطاعات لتحقيق الأهداف المرجوة من المؤتمر الدولي للسكان والتنمية.