لم توفر الشركات والمصانع الألمانية الإجراءات لحمايتها تماماً من أعمال التجسس، وهذا يعرض التقنية العالية والمتطورة التي تصنع في ألمانيا لخطر السرقة.

برلين: في خضم الأحداث، التي جرت عقب إزالة الجدار التي قسّم ألمانيا لأكثر من نصف قرن، انشغلت الحكومات الألمانية المتعاقبة عن قضايا حساسة جداً، وهي أن الانفتاح الذي حدث أيضاً، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، غيّر نمط عمل المخابرات السرية، التي تشكلت في ما بعد، خاصة في روسيا وفي البلدان الصناعية، فلم يعد لها دور التجسس التقليدي، كما كان الحال خلال فترة الحرب الباردة، بل تسلط اهتمامها الآن على التجسس الصناعي والاقتصادي، وهما العاملان اللذان يحركان السياسة العالمية اليوم.

وفي هذا الصدد، أشار تقرير، وضعه توركارد إيفين، مدير قسم الحماية من التجسس والجواسيس في مكتب حماية الدستور، وحصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، أشار إلى أن الشركات والمصانع الألمانية لم توفر الإجراءات الكفيلة من أجل حمايتها تماماً من أعمال التجسس، وهذا يعرض التقنية العالية والمتطورة التي تصنع في ألمانيا لخطر السرقة.

وحسب ما ورد أيضاً، فإن هذا الوضع يجعل المصانع والشركات الألمانية عرضة لتكون ضحية التجسس من الخارج، ويجب عليها أن توفر بسرعة الوسائل كي تمنعها. ولقد شهد عام 2009 سلسلة عمليات تجسس للمخابرات السرية الروسية والصينية، وهذا يشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد والصناعة الألمانية، وبالأخص في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.

وبرأي إيفين أيضاً، لم يوفر مكتب حماية الدستور وسائل جديدة وتقينات جديدة لمواجهة عمليات التجسس، ولأنه لم يعط حتى الآن الاهتمام الخاص بهذا الجانب، فمن المتوقع أن تواصل الجهات المخابراتية الأجنبية تجسسها وعملها أيضاً عام 2010.

والقطاع الصناعي المتوسط هو المستهدف في عمليات التجسس، والأكثر تعرضاً للخطر المصانع، التي تنتج سلعاً وبضائع مميزة وتنزلها إلى الأسواق، بعد تكتم خلال صنعها، أيضاً السلع التي تتميز ألمانيا بصنعها، وتعد رائدة السوق فيها. وهذا ينطبق بشكل خاص على قطاع السيارات والاتصالات والصناعة الحربية والمواد الحساسة، ويطال التجسس أيضاً خطط البناء، خاصة المنشآت الضخمة واستراتجيات إنتاج المصانع، فمن أجل الوصول إلى معلومات عنها، تسخر المخابرات الأجنبية جهود جواسيسها، كما تلجأ إلى الهجمات الكترونية، مثل الرسائل الالكترونية في الانترنت.

وحسب التقرير، فإن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالمخابرات السرية الصينية، التي تعمل بشكل منتظم وأهداف معينة، فحتى عام 2020، تريد الصين تخطي ما وصلت إليه التقنيات الغربية من تقدم وتطور، ويبدو أن المخابرات الصينية لا تتردد عن شراء أشخاص يعملون في مجالات تقنية معينة، وعلماء اقتصاد وعمال متخصصين، وحتى طلاب في ألمانيا وغيرها من جنسيات مختلفة، من بينهم صينيون يقيمون أو يدرسون في ألمانيا أو يعملون في مصانع وشركات مطلوب التجسس عليها، أيضاً عملاء يشاركون في تنفيذ مشاريع محددة. وبتقدير مدير قسم الحماية من التجسس والجواسيس، فإن هناك ما لا يقل عن 30 ألف شخص يحاولون توفير معلومات للصين حول الصناعة والتطور الصناعي الألماني.

إلا أن المشكلة ليس فقط في هؤلاء، بل جندت بلد مثل الولايات المتحدة وروسيا وغيرها من البلدان الصناعية جواسيس يعملون في سفاراتها، لذا من الصعب حصر أعمال التجسس أو منعها كلياً، وبرأي إيفين فإن أفضل الوسائل هي فتح حوار مع الشركات والمصانع، التي تخشي مثل هذا الخرق، من أجل توفير حماية أكثر تطوراً لها. فهي لا تستطيع توجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك، حفاظاً على سمعتها. ويلحقها ضرر كبير، إذا ما توجهت إلى السلطات الأمنية الألمانية، وهذا يجعل حصر عدد عمليات التجسس من الأمور الصعبة جداً.