حسام المهدي من القاهرة: أكد نائب رئيس هيئة المحطات النووية للمشروعات الدكتور علي عبد النبي أن عام 2010 سيكون بمثابة الانطلاقة الفعلية للمشروع النووي السلمي المصري، حيث أوشك الاستشاري الأسترالي- شركة ورلي برسون- أن ينتهي من إعداد الدراسات المتعلقة باختيار أفضل المواقع لإقامة أول محطة نووية مصرية، موضحاً أن شركة quot;ورلي برسونquot; لها باع طويل في إقامة المحطات النووية على مستوى العالم، حيث إنها ساهمت في تنفيذ 12 محطة داخل أوروبا وأميركا.

وأوضح عبدالنبي أن التعاقد الموقع مع هذه الشركة يشمل إعداد دراسات حول أربعة مواقع إضافية، إلى جانب quot;الضبعةquot;، وهي النجيلة وسفاجا ومرسى علم وحمامات فرعون، هذا إضافة إلى تحديث الدراسات المتعلقة بموقع الضبعة، خاصة وأن تلك الدراسات تم إعدادها في ثمانينات القرن الماضي، وهي فترة كافية لتغيير القوانين والأجهزة المتعلقة بإقامة المحطات النووية، مؤكداً أن الدراسات المتعلقة بموقع quot;الضبعةquot; تنتهي في آخر ديسمبر (كانون الأول) 2009، وسيتم الإعلان عنها في بداية يناير 2010، علماً أن المؤشرات الأولية تؤكد أن هذا الموقع هو الأنسب على الإطلاق لإقامة أول محطة نووية في مصر.

وأشار إلى أن أي مكان في العالم يصلح لإقامة محطة نووية، ولكن التكلفة الاقتصادية هي الفيصل في اختيار موقع دون الآخر، كما إن الموقع المثالي يتم اختياره على أساس وقوعه على بحر مفتوح -مثل البحر المتوسط- حتى تتوافر المياه اللازمة للتبريد، كما يلعب النشاط الزلزالي دوراً كبيراً في اختيار الموقع، حيث تزداد تكلفة الإنشاءات واحتياطات الأمان، في حال وقوع الاختيار على أماكن غير مستقرة من ناحية الزلازل والبراكين، فضلاً عن أن إنشاء المحطات في مواقع بعيدة من مصادر المياه يزيد من تكاليف المشروع، لأن ذلك يتطلب إقامة أبراج للتبريد.

ويخلص عبدالنبي من كل هذا إلى أن quot;الضبعةquot; هي المكان الأمثل لإقامة المشروع النووي المصري، ويأيد ذلك أنها بعيدة من الكثافة السكانية، مشيراً إلى أن العمل الفعلي في المشروع سيبدأ فور صدور قرار سياسي باختيار الضبعة لإقامة أول محطة نووية مصرية، بعد ذلك ستقوم الحكومة بطرح مناقصة عالمية لاختيار المقاول الرئيس، الذي سيتولى إنشاء المحطة، علماً أن بعض البنية الأساسية للبرنامج النووي قائمة بالفعل، وتتمثل في مباني العاملين وخط المياه سعة ألف مللي، إضافة إلى شبكة اتصالات تعمل بالألياف الضوئية، وشبكة كهرباء بطاقة 220 كيلوفولت، كما تقدمت الحكومة بمشروع قانون إلى مجلس الشعب لإنشاء جهاز الأمان النووي، الذي سيتولى الرقابة على المشروع في مراحله كافة، ومن المنتظر أن تتم الموافقة على هذا المشروع خلال الدورة البرلمانية الحالية.

وحول الضجة، التي أثارها بعض رجال الأعمال، لمنع إقامة المشروع في منطقة الضبعة، أشار الدكتور علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة المحطات النووية للمشروعات، إلى أن أصحاب رؤوس الأموال يحاربون إقامة محطة الضبعة بشتى الطرق، مع العلم أن هذا الأمر يدخل في إطار الأمن القومي المصري، والقيادة السياسية لن تسمح بمثل هذه المهاترات، quot;خاصة وأننا تأخرنا كثيراً عن اللحاق بركب التكنولوجيا النووية، فضلاً عن أن إقامة المحطات النووية لا يؤثر إطلاقاً على المشروعات السياحية، وإذا نظرنا إلى المحطات الأوروبية، نجد أنها مقامة داخل الكتل السكانية، والأهم من ذلك أن أرض محطة الضبعة تم تخصيصها بقرار جمهوري للمشروع النووي المصري، قبل أن تقام المشروعات السياحية، أي إن المطالبين بمنع إقامة المحطة النووية في منطقة quot;الضبعةquot; ليس لهم حق الاعتراض، وإذا كانوا متضررين من هذا الأمر، فعليهم أن يبحثوا لهم عن مكان آخر.

وفي ما يتعلق بالعوائد الاقتصادية للمشروع، لفت quot;عبد النبيquot; إلى أن البرنامج النووي المصري سيعمل على زيادة معدلات التنمية في الاتجاهات كافة، فضلاً عن أنه سينقل مصر نقلة تكنولوجية حضارية، تضعها في مصاف الدول المتقدمة، إلى جانب أنه سيوفر الطاقة للأجيال المقبلة، خاصة وأن البترول والغاز في طريقهما للنضوب، مع الأخذ في الاعتبار أن الكهرباء المتولدة من الطاقة النووية أرخص بكثير من نظيرتها الناتجة من المحطات التقليدية، ناهيك عن أنها غير ملوثة للبيئة. وتشير الدراسات الدولية إلى أنه في حالة تخطي سعر برميل البترول حاجز الثلاثين دولاراً، تكون الطاقة النووية هي الأرخص على الإطلاق.

نائب رئيس هيئة المحطات النووية للمشروعات الدكتور علي عبد النبي

وعن مشاكل التمويل، التي قد تعترض تنفيذ المشروع النووي المصري، شدد عبد النبي على أنه لا توجد مشكلة في هذا الأمر على الإطلاق، لأن الشركة التي ستتولى عملية التنفيذ، توفر التمويل اللازم، من خلال الشراكة بين بعض البنوك الأجنبية والوطنية والمستثمرين، ويتم ذلك عن طريق طرح مناقصة عالمية، تحدد طبيعة وجنسية الممولين، علماً أن الاستشاري الأسترالي- ورلي بارسون- يتولى أيضاً إعداد دراسات أنشطة ما قبل التعاقد، والتي من بينها إعداد تقرير حول أنسب الطرق لتمويل المشروع.

ونفى عبد النبي قيام الممول الأجنبي بإملاء شروط بعينها على البرنامج النووي المصري، موضحاً أن هناك لوائح وقوانين مصرية تنظم هذا الأمر، وعلى المموّل أن يقبل بها أو يرفضها، كما quot;إننا حريصون على ألا تقل نسبة مساهمة الشركات المصرية في تنفيذ المشروع عن 10 % في المحطة الأولى، وتزداد بالنسبة نفسها في المحطات التالية، ويرجع السبب في ذلك إلى ضرورة اكتساب الخبرة من المنفذين الأجانب.

وأكد عبد النبي أن مصر تمتلك من الخبرات والعلماء ما يؤهلها لإدارة مشروع نووي، ومن بين هؤلاء الدكتور طارق عزيز و الدكتور مدحت الجوهري والدكتور زاهي مسعود والدكتور صلاح النسر، وجميعهم مشهود لهم بالكفاءة في إنشاء وإدارة المحطات النووية على المستوى الدولي.

وبالنسبة إلى موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المشروع النووي المصري، أوضح عبد النبي أن دور الوكالة يقتصر على رقابة الأنشطة النووية، وطالما quot;أننا نعمل في المجال السلمي، فلن تكون هناك أية معوقات، علماً أنها تمنحنا مساعدات سنوية لسرعة تنفيذ المشروع، إلى جانب أنها تولّت مراجعة الجزء الفني لاختيار استشاري المشروع، ولا توجد أدنى مشكلة مع هذه الوكالةquot;.