في تقرير تحليلي تحت عنوان quot;ارتفاع تكلفة السلع يهدد بخنق الانتعاش الاقتصاديquot;، تكشف صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية النقاب عن أن الارتفاع الذي شهدته أخيراً أسعار مجموعة واسعة من السلع في مختلف أنحاء العالم (بدءاً من الذرة وحتى النفط الخام) ما هو إلا اتجاه يؤكد - لكن يمكنه أيضاً أن يعوق- عملية الانتعاش الاقتصادي.

القاهرة: ترى صحيفة وول ستريت جورنال أن ارتفاع الأسعار يمكن أن ينظر إليه بوصفه علامة إيجابية على أن الشركات تستعد للتمتع بانتعاشة في الإنفاق الاستهلاكي، أو أنه مقدمة للعودة إلى النمو المتصاعد الذي أصاب المستهلكين قبل أن تسيطر فترة الركود. وفي هذا الشأن، تنقل الصحيفة عن جيم أونيل، رئيس قسم البحوث الاقتصادية العالمية في غولدمان ساكس في العاصمة البريطانية لندن، قوله quot;إن الارتفاع الذي شهدته أسعار السلع الأساسية هو انعكاس للطلب القوي للغاية في العالم الناشئ، وكذلك انعكاس لانتعاش الآمال في زياد الطلب في العالم المتقدم. وهو أمر مشجع طالما أنه غير ثابت على الدوامquot;. في حين قال هيو غرانت، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سانت لويس للتكنولوجيا الحيوية الخاصة بالمحاصيل الزراعية إن موجة التراجع لم تعمل إلا على quot;حجبquot; الأزمة الغذائية التي شهدها عام 2008.

وتابعت الصحيفة حديثها في هذا الإطار بلفتها الانتباه إلى أن سعر مقدار الذرة ndash; التي تشكل عنصراً غذائياً في أنحاء الولايات المتحدة كافة ndash; قد ارتفع بنسبة 24 % منذ الأول من أيلول/ سبتمبر الماضي. وفي تايلاند، بلغ سعر الطن المتري من الأرز 618 دولارا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بزيادة نسبتها 11 % عما كان عليه في أيلول/ سبتمبر، لكن تلك القيمة تقل عن القيمة القصوى التي وصل إليها في نيسان/ أبريل عام 2008، حين وصل إلى ما يقرب من ألف دولار. كما ارتفع مؤشر أسعار الأغذية العالمية التي جمَّعتها الأمم المتحدة بنسبة 6.9 % في تشرين الثاني/ نوفمبر فقط عن تشرين الأول/ أكتوبر. فضلاً عن الزيادة التي شهدتها أسعار النفط هذا الأسبوع.

إلى ذلك، تشير الصحيفة إلى أن الأسعار المتزايدة للسلع، توضح بصورة جزئية، أن المخاوف التي تهدف من ورائها سياسات محافظي البنوك المركزية لكسب المال بسهولة إلى إنقاذ الإقتصاد، سوف تقود لنشوء حالة من التضخم.

وهنا، تنقل عن سبيروس أندريوبولوس، الخبير الاقتصادي في مورغان ستانلي العالمية في لندن، قوله quot;تتزايد الآن موجة التكهنات الخاصة بالتضخمquot;. وتمضي الصحيفة بعد ذلك لتقول إن إرتفاع الأسعار الفعلية والمخاوف من حدوث تضخم مستقبلي يهددان بوضع محافظي البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم في وضعية حرجة. فمن ناحية، يرغب الكثيرون منهم في إبقاء أسعار الفائدة منخفضة وقتاً أطول لدعم الانتعاش. لكن الحاجة للإبقاء على الأسعار موضع فحص قد تكبح جماحهم بصورة عاجلة.

وتلفت الصحيفة في الختام إلى أن أسعار المواد الغذائية تمثل مصدر قلق كبير في الدول النامية مثل الصين والهند، حيث يشكل الطعام جزءاً كبيراً من مبيعات المستهلكين. أما في الولايات المتحدة، حيث تبلغ معدلات البطالة 10 %، وتعمل الشركات بأقل من طاقتها، فيشكك خبراء اقتصاديون في أن الطفرة الحاصلة في أسعار السلع قد تؤدي إلى نشوء دوامة تضخمية تقليدية، تدعم فيها الأسعار والأجور المتزايدة بعضها البعض. كما يلفت خبراء اقتصاديون إلى أن صناعة الماشية الأميركية ستواجه هزة عنيفة، ما لم تتمكن من تجاوز تكاليف الإطعام المرتفعة. وتختم الصحيفة بتأكيدها أن الزيادة الكبيرة التي شهدتها أسعار السلع حظيت بتأثير كبير في أنحاء العالم كافة، وبخاصة في الدول النامية، التي تشكل حصة متزايدة من النمو العالمي.