يعيش قطاع السياحة والخدمات الفندقية في موريتانيا منذ الأحداث الإرهابية الاخيرة التي شهدتها البلاد تدهورا كبيرا طال الكثير من منشآته وادي الي شلل متفاوت للحركة السياحية في اماكن عديدة من هذا البلد الذي يمتاز بكونه لوحة سياحية بديعة بين الشاطئ والصحراء والحظيرتين الطبيعيتين quot;أرغين وجاولينغ quot; المصنفتان من طرف اليونسكو ضمن التراث الإنساني بالاضافة الي المدن التاريخية كشنقيط و وادان و تيشيت التي تتربع في قلب الصحراء بفنها المعماري المتميز ومكتباتها الثرية.

نواكشوط: لعل النصائح بعدم السفر الي موريتانيا او بأخذ الحذر خلال التواجد في هذا البلد التي اصدرتها وزارات خارجية عدد من الدول الغربية الي رعاياها بعد الأحداث الامنية الاخيرة خاصة بعد اغتيال الاسرة الفرنسية 2007 والعملية الانتحارية امام السفارة الفرنسية 2009 وعمليتي الاختطاف اللتين تمتا داخل الاراضي الموريتانية نهاية 2009 واللتين راح ضحيتهما رعايا من الجنسيتين الإيطالية والاسبانية زاد من تعقيد وضع قطاع السياحة والفندقة الناشئ.

وفي هذا الإطار تم تسجيل عدة حالات اغلاق طالت وفي فترة زمنية متقاربة عدة مطاعم يملكها او يديرها اجانب في العاصمة نواكشوط كانت توصف بكونها من ارقي المنشآت السياحية في البلاد ، خلال الاشهر الماضية.

آخر المطاعم التي تم إغلاقها خلال الفترة الاخيرة احد افخم المطاعم في العاصمة الموريتانية المعروف بـquot; equinoxquot; والذي يقع مقره في حي تفرغ زينة الراقي اعلن مالكه الامريكي قبل عدة اسابيع عن اغلاق ابوابه امام الزبناء.

ورغم ان المستثمر الأمريكي الذي اثار قراره المفاجئ الكثير من الاستياء في الاوساط النخبوية بنواكشوط حيث كان مطعمه يقيم دوريا معارض ثقافية وسهرات فنية ودورات تعليمية في اللغات منذ افتتاحه في شهر فبراير 2008 فضلا عن توظيفه لأكثر من عشرين مواطنا موريتانيا، لم يعلن عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء قراره هذا الا أنه ووفق العديد من المراقبين لايمكن فهمه الا في اطار التهديد الارهابي المتنامي في موريتانيا خاصة كون هذا القرار تم اتخاذه فترة وجيزة بعد مقتل ناشط انساني امريكي في العاصمة نواكشوط علي يد خلية سلفية موريتانية.

احدي الاعلاميات الموريتانيات المهتمات بالشأن السياحي الموريتاني صرحت لإيلاف بأن quot;حملةquot; إغلاق المطاعم الاجنبية في نواكشوط طالت قبلquot;equinoxquot; الامريكي بعدة أشهر مطاعم مملوكة لمستثمرين فرنسيين في العاصمة الموريتانية اهمها مطعم quot;64quot; الشهير في نفس الحي الراقي ومطعم quot;بلياردوquot; الذي تحول مقره الي مقر مركزي للحزب الجمهوري الحزب الحاكم سابقا في موريتانيا.

الصحافية ميم بنت احميد التي اكدت ان أسباب الإغلاق قد تختلف بالنسبة لكل واحد من ملاك هذه المطاعم نظرا للتسيب الاداري وعقلية الابتزاز السائدة في الاوساط الادارية الموريتانية ndash;حسبها-، اعتبرت ان السبب الامني والمتعلق في الاساس بالتزايد المتنامي لظاهرة التطرف قد يكون الدافع الأهم لهؤلاء للإقدام علي هكذا قرار خصوصا بعد الانباء المتزايدة عن وجود العديد من الخلايا التابعة لتنظيم القاعدة في نواكشوط والذي يضع علي رأس أهدافه استهداف الرعايا الغربيين.

من جانبه المدير الاداري والمالي لفندق quot;ايمانquot; احد افخم الفنادق الحديثة في العاصمة الموريتانية الشاب سيدينا ولد خالد ركز في حديثه لايلاف علي ان المعركة الحقيقية لتي يعول عليها الارهابيون في مواجهتهم مع السلطات القائمة هي زرع الرعب واخافة الاجانب من السفر الي موريتانيا في سبيل تحقيق هدفهم الاعلي وهو عزل البلد حضاريا عن العالم وفي هذا الصدد يعملون بكل جهدهم علي ترهيب المستثمرين الغربيين من الاستثمار في موريتانيا والاستقرار فيها.

وحسب الشاب سيدينا الذي يعمل منذ فترة في مجال السياحة و يشرف دوريا على استقبال وتنظيم الرحلات السياحية لعشرات السياح الوافدين الي موريتانيا فإن تأثير العمليات الارهابية علي قطاع السياحة في موريتانيا آخذ في الظهور حيث باتت فنادق نواكشوط تسجل في الفترة الاخيرة تناقصا شديدا لعدد الوافدين اليها من السياح اذ اصبحت نسبة هؤلاء لاتتجاوز 15 في المائة من مجمل الوافدين الأجانب علي قلتهم والذين تتمثل غالبيتهم في رجال الاعمال و اعضاء البعثات الرسمية.

السيدة مريم منت ابراهيم السالم صاحبة نزل فندقي علي الشاطئ اكدت خلال لقائنا معها علي انه على الدولة الموريتانية التي يعتبر قطاع السياحة فيها ناشئا (حيث لايوجد في موريتانيا على سبيل المثال حتي الآن فندق من خمسة نجوم) ويعاني العديد من المشاكل البنيوية كانعدام مراكز التكوين والتأطير ،ان تقوم بكل ما في وسعها لتحسين سمعتها وإيضاح الصورة الحقيقية لما تتمتع به البلاد من quot;مناجمquot; سياحية رائعة وجلب المستثمرين الأجانب وتشجيعهم علي الاستثمار في هذا القطاع والوقوف امام كل ما يتعرضون له من ضغوط وابتزاز من طرف مافيا الفساد وخلايا القاعدة.

ورغم ان موريتانيا شكلت قبل عدة سنوات ملجأ للعديد من المستثمرين الأجانب من غربيين وعرب وافارقة في قطاع السياحة ، تعزز مع سياسة الانفتاح خلال العشرية الاخيرة وكاد ان يقضي لدي بعض شرائح المجتمع خاصة تلك الراقية علي العديد من العادات الموريتانية القديمة المتعلقة بنمط وعادات الغذاء والسكن وتخليد المناسبات ، رغم كل هذا فإن العديد من المراقبين بات يعتبر ان ناقوس الخطر بدء يدق منذرا بتراجع كبير في هذا المجال نتيجة لعدة اسباب بعضها سياسي كعدم الاستقرار السياسي في البلد على خلفية الانقلابات العسكرية المتكررة والفساد الإداري وأهمها امني يتمثل في التهديد الإرهابي المتنامي في المنطقة.