دبي، لندن: سيكون على قطر تحمّل 12 شهراً أخرى على الأقل من تراجع أسعار العقارات، قبل حدوث انتعاش في 2011، حين تبدأ في جني ثمار تعامل حكيم مع التطوير العقاري.

وقال خبراء في القطاع إن قطر تتعلم الدروس من النموذج المعيب في دبي، للبناء بهدف المضاربة، والذي انكشفت عوراته أثناء الأزمة المالية العالمية، وشهد انهيار أسعار العقارات السكنية بنحو 60 % من أعلى مستوياتها في 2008. ونجت قطر من تلك العاصفة بأقل الخسائر، وتحركت الدولة للسيطرة على تطوير عقارات إدارية وتجارية وسكنية جديدة، بأسلوب قد يجعل سوقها الوليدة تتعافى قبل سوق دبي بنحو عام كامل.

وذكر زياد المخزومي المدير المالي في أرابتك، أكبر شركة مقاولات في الإمارات، quot;لم يكن لديك الكمية نفسها من العرض والمشروعات المكتملة في الوقت نفسه في قطر، ولذلك أعتقد أن التوقيت والتخطيط يصبّان في مصلحة القطريينquot;.

وقد انخفضت أسعار المساكن في قطر بحوالي 30 % منذ الأزمة. ويتوقع محللون في بنك الاستثمار (المستثمر الأول) مزيداً من الانخفاض بما يتراوح بين 10 و15 %، قبل التعافي العام المقبل، مع بدء ظهور نتائج السيطرة الحكومية المنضبطة على حركة الإنشاءات الجديدة.

وأشار بنك المستثمر الأول إلى أن شركات المقاولات في الإمارات العربية المتحدة تسعى بالفعل إلى الاستفادة من سوق الإنشاء المربحة في قطر بالنسبة إلى كل انواع العقارات، التي من المنتظر أن تنمو بنسبة 7 %، لتصل إلى حوالي 5.6 مليار دولار في 2010. من جهتها، بيّنت مؤسسة دي.تي.زد لاستشارات العقارات لرويترز أن أسعار العقارات التجارية في قطر، التي انخفضت بما بين 20 و30 % في 2009، من المرجح أن تستقر في الربع الثاني أو الثالث من العام الجاري.

وتعكس هذه التقارير عن النمو المتوقع والاستقرار تقارير مشابهة عن الاقتصاد القطري، الذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 16.1 % هذا العام، بفعل التوسع الكبير في منشآت الغاز الطبيعي في البلاد، بالمقارنة مع توقعات بنمو نسبته 2.5 % في دولة الإمارات العربية المتحدة. وأظهر استطلاع لرويترز في يناير/ كانون الثاني أنه من المرجح أن يؤدي ذلك لتحفيز الطلب على العقارات في قطر في تناقض صارخ مع دبي، حيث دفع الاضطراب في سوق الوظائف المغتربين إلى الفرار، مما أخّر انتعاش أسعار العقارات إلى عام 2012.

في المقابل، أكّدت مؤسسة بروليدز البحثية أن أكثر من 500 مشروع تطوير جمّدت أو ألغيت في أنحاء الإمارات أثناء الركود، لكن ذلك حدث مع سبعة مشاريع فقط في قطر. وقال بلير هاجكول العضو المنتدب في جونز لانج لاسيل للشرق الأوسط وشمال أفريقيا quot;نحن نشهد إشارة قوية من الكيانات المرتبطة بالحكومة في ما يتعلق بالطلب المتزايد (على الوظائف) في قطرquot;.
وأضاف quot;في نهاية الأمر، هم يتطلعون لاستحداث وظائف على المدى الطويل، لتنويع الاقتصاد بعيداً من قطاع النفط والغازquot;.

ولا تمثل الأموال قضية في قطر، على العكس من دبي، التي تعاني ضيق ذات اليد، والتي هزّت الأسواق العالمية يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني بطلب تأجيل سداد ديون بقيمة 26 مليار دولار، مرتبطة بقطاع العقارات.

وقالت قطر، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، إنها ستواصل الإنفاق، للحفاظ على قوة الدفع للنمو في سوقها المحلية، في حين ستواصل الاستثمار في الأصول المميزة في الخارج، مثل مشروع ناطحة السحاب شارد في لندن، والسفارة الأميركية في منطقة ماي فير القريبة. وتسعى قطر إلى ضمان قدرة شركاتها العقارية الأساسية على النجاة من العاصفة، بالعمل على إتمام عمليات اندماج دفاعية، واستخدام الذراع العقارية لصندوق الثروة السيادية في البلاد، للاستثمار فيها.

ونتيجة لذلك، ستمتلك شركة ديار القطرية 45 % على الأقل من مجموعة بروة الجديدة، التي ستشكّل، بعد الاستيلاء المقرر لشركة بروة العقارية على الشركة القطرية للاستثمارات العقارية. لكن جهود قطر واسعة النطاق لعزل سوقها العقارية من أي عدوى آتية من دبي، لن تغري على الأرجح كثيراً من أكبر مؤسسات الإنفاق العقاري في أوروبا بالمجيء إلى قطر في الوقت الحالي على الأقل.

ورغم وفرة الصفقات والفرص، إلا أن المنطقة تلطخت بالمشاكل الائتمانية الكبيرة لدبي ومسائل العقارات وعقلية quot;عليك بالبناء وسوف يأتونquot;. وقال مايكل بيرنباوم المدير الدولي لمجموعة كانام quot;بقدر ما أعرف.. فلم يذهب أي من الصناديق الألمانية المفتوحة الكبيرة إلى هناك، ولا يخطط لذلك. وإذا استطعت بناء جزيرة صناعية واحدة في البحر، فيمكنك مواصلة بناء الجزر، لدرجة أنه يصبح من الصعب التنبؤ بقيمة مبنى هناك خلال عشر سنواتquot;.

ويرى كثير من مراقبي السوق قطر وأيضاً البحرين والسعودية وعُمان أسواقاً مغلقة إلى حد كبير أمام المشترين الأجانب، الذين تقلقهم إمكانية اندلاع حروب أسعار بشأن الأصول الممتازة التي يشعرون أنه ليست لديهم فرصة للفوز بها.

وذكر ديفيد سون العضو المنتدب لشركة دبليو دبليو أدفايزورز لاستشارات الاستثمار العقاري quot;حين ازدهرت أسعار النفط في السنوات العشر الماضية، فإن كثيراً من الأموال، التي تكونت في الشرق الأوسط، ظلت في الشرق الأوسطquot;. وأضاف quot;إنها أجواء صعبة تماماً بالفعل أن تتنافس مع رأس مال جاء من داخل البلدquot;.