أوصى المؤتمر الاقتصادي الذي رعاه رئيس جمهورية العراق جلال طالباني، تحت شعار (الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة في العراق)، والذي نظمته مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون في فندق المنصور ببغداد وعلى مدى يومي السبت والاحد الرابع والعشرين والخامس والعشرين من نيسان/ أبريل الحالي بأن التناقض والتعارض بين السياستين المالية والنقدية يؤثر سلبا على النتائج النهائية المتوخاة لكلا السياستين مما يستلزم اهمية ايجاد آلية للتنسيق بين السياستين المالية والنقدية لإنجاز الإصلاح الاقتصادي.

بغداد: أوصى المؤتمر الاقتصادي الذي رعاه رئيس جمهورية العراق جلال طالباني بوضع تصنيف رسمي للجدارة الائتمانية للعراق من قبل مؤسسات تصنيف ائتمانية دولية معتمدة رسمياً، لاسيما بعد تبلور مؤسسات احصائية وطنية تتمتع بقدر مناسب من الشفافي، وذلم من اجل تعزيز زيادة الشفافية والافصاح في المؤسسات النقدية.كما أوصى بدراسة موضوع رفع الاصفار عن الدينار العراقي من حيث التوقيت والاثار السلبية المتوقعة كونه من المفترض ان يمثل اجراء نهائيا، والتعامل مع تذبذب سعر النفط بل تقلباته من الخصائص الاصيلة في سوقه بالتحوط، وزيادة الميل للادخار من الموارد الاضافية.

ومن بين التوصيات أيضا أن عقود الخدمة مناسبة ومجزية للدولة وعوائد العراق منها عالية ومجموع تكاليف الاستثمار والتشغيل والمدفوعات للشركات الاجنبية تمثل نسبة معقولة من الايرادات لذا نوصي بتبنيها في العقود النفطية، كما أن برامج التثبيت واعادة الهيكلة في الدول النامية التي تبنتها عالجت الاختلال المالي، اما الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية فقد بقيت على حالها او ازدادت حدة، لذلك ينبغي الالتفات الى تلك الاختلالات عند تطبيق بعض توصيات الصندوق في العراق.

وطالب المؤتمر بحشد السياسات الاقتصادية النقدية والمالية والمؤسساتية والتشريعية بما يسهم في زيادة مساهمة الاستثمار الوطني والاجنبي، خصوصا في القطاعات غير النفطية لرفع مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، والتــركيز على الاســتثمار في البنيــة التحتيــة وضـرورة اعتماد الاســتثمار بطريقة (البناء والتشغيل ونقل الملكية) للتخفيف من الضـغط على الموازنة الاستثمارية في إنشاء البنى التحتية وخاصة في مشـاريع الطـرق والكهــرباء.

كما جاء من بين التوصيات توفير بيئة اقتصادية مناسبة تعزز حالة التنافس بين القطاع العام والخاص على اساس اعتبارات الكفاءة الانتاجية والخضوع لقوى السوق ، ومنح القطاع الخاص الفرصة الكاملة للقيام بدوره في عملية التنمية، والاهتمام بمعالجة الاختلالات الهيكلية الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية ، فضلا عن معالجة الاختلالات المالية والنقدية، وضرورة استثمار زيادة عائدات النفط العراقي من اجل تخليص الاقتصاد من مشكلة الأحادية وتنويع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الاعتماد على القطاعات الرئيسة كالزراعة والصناعة.شارك في المؤتمر 45 باحثا وخبيرا، من جهات علمية وبحثية ومؤسساتية عديدة، كالبنك المركزي والجامعات العراقية ومراكز الدراسات والهيئة الوطنية للاستثمار، بالاضافة الى مستشارين في مجلس الوزراء العراقي.

وناقش المؤتمر في جلساته الاربع اربعة محاور هي: الاستثمار والقطاع الخاص، السياسة المالية والنقدية، القطاعات الانتاجية ومحور الطاقة، وخرج بتوصيات عدة أعرب البيان الختامي انها سترفع الى مجلس النواب والحكومة الجديدة ، حيث اشار الخبير الاقتصادي عباس الغالبي مقرر اللجنة التحضيرية وعضو اللجنة العلمية في المؤتمر في كلمته بالافتتاح الى: ان انعقاد المؤتمر يأتي في ظرف يعاني الاقتصاد العراقي فيه من اختلالات هيكلية وبنيوية كبيرة ، لاسيما مع وجود تعقيدات في عملية التحول الاقتصادي الجارية في البلاد ، والتي بدأت بعد عام 2003 ، حيث اقر الدستور العراقي بان الاقتصاد العراقي سيكون اقتصاد السوق، مضيفا: ان العراق مقبل على ثورة اقتصادية وتوسيعا للحركة الاستثمارية، وان هذا الامر لا يتم الا بوجود الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة.

وتضمنت اعمال الجلسات قراءات للبحوث المقدمة التي تتناول الاوضاع الاقتصادية العراقية في جوانبها المختلفة، ومنها: قراءة لمستشار رئاسة الوزراء الدكتور عبد الحسين العنبكي لبحثه الموسوم (اصلاح وخصخصة الشركات العامة)، تناول فيه برنامج تنمية القطاع الخاص في العراق واهم تحديات الاصلاح وتحديات التحول نحو الخصخصة، كما تطرق الى أهم ملامح خارطة الطريق لاصلاح الشركات، واشار الى أهم تحديات الإصلاح (التشغيل وفق معايير تجارية) وهي عدم توفر الكهرباء، ما ادى الى توقف جزء كبير من الطاقات الإنتاجية المتاحة وجعل كلف الإنتاج مرتفعة والمنتجات غير منافسة في السوق، وكذلك هيمنة الوزارات على قرارات مجالس الإدارة، وعقلية العاملين ليست التنافسية و التي تحتاج الى ثقافة السوق، والى غياب المعيار الذي يحدد وجود ميزة نسبية للمنتج من عدمه.

مشيرا الى: ان أهم تحديات التحول نحو الخصخصة هي: العمالة الفائضة وعدم وجود قرار جاد في الوزارات للتخلص من الشركات العامة، وان المدراء العامين للشركات والكثير من العاملين غير مرحبين بالخصخصة ويقاوموها بقوة، بالاضافة الى وجود نواقص في التشريعات.

كما قرأ الدكتور عبد الله البندر عضو الهيئة الوطنية للاسثمار بحثه الموسوم بـ (الدور التنموي للاستثمار في ظل الازمة العالمية) ، والذي طرح فيه جملة من التساؤلات من اهمها: هل ان الاستثمار مرادف للتنمية؟ مؤكدا في طرحه: ان الكثيرين من راسمي السياسات الاقتصادية وخاصة في الدول العربية ظنوا ان التنمية هي مرادف للاستثمار، وظنوا اننا كلما استثمرنا اكثر، تسارعت خطانا على درب التنمية، والحقيقة هي ان التنمية مشروع حضاري متكامل ، وما الاستثمار إلا بعداً واحداً في هذا المشروع وهو البعد الاقتصادي، موضحا: ان تحقيق التنمية يتطلب حجوماً ضخمة من الاستثمار، والاهم هو نوع الاستثمار ومدى انتاجيته ، واكد في بحثه ان الاستثمار لن يكون (العصا السحرية) التي ستنجز مهام التنمية.

وقرأ مدير عام مراقبة الصيرفة والائتمان/ وكالة في البنك المركزي العراقي وليـد عيدي عبـد النبي دراسته الموسومة : (الاستثمار الأجنبي ودوره المتوقع في تطوير الاقتصاد العراقي) قائلا: quot;الجدل ما زال قائما بشأن أهمية الاستثمار الاجنبي وجدواه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المضيفة له طالما أستمر الخلاف قائما بين أهداف ومصالح أطراف الاستثمار المختلفة، هذا على الرغم من أن الاستثمار الاجنبي المباشر قد مارس دورامهما في نمو اقتصاديات متعددة في قطاعات معينة، كحقول البترول في الخليج العربي ومزارع الشاي في الهند الا ان هناك بعض العواقب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الخطيره لهذا الاستثمارquot;.

مشيرا الى ان التنمية الشاملة بمفهومها المعاصر: هي مجتمعية واعية ودائمة ، موجهة وفق أرادة وطنية مستقلة من اجل أيجاد تحولات هيكلية واحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية، تسمح بتحقيق نمو مطرد لقدرات المجتمع المعني، وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه.

كما قرأ المدير المفوض للشركة العراقية لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة شيروان انور مصطفى بحثه الموسوم ( دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تنمية القطاع الخاص) ، قال فيه: موضوعة الاصلاحات الاقتصادية في العراق من المواضيع الحيوية للغاية، و دور قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاصلاحات الاقتصادية، وهو قطاع مهم وحيوي جدا ومن الممكن ان يخفض من مشاكل كثيرة اهمها مشكلة البطالة المقنعة المستفحلة في العراق بشكل كبير، ومن الممكن ان يضيف للناتج الاجمالي العراقي قيمة كبيرة ويخفف من نزيف العملة الصعبة التي تذهب الى خارج الحدود عبر تشغيل الكثير من الايدي العاملة العراقية، واستعرض الباحث الدراسات التي تويد ماذهب اليه.

كما شهدت جلسات اعمال المؤتمر مناقشة البحوث المقدمة في محوري القطاعات الانتاجية والطاقة والنفط، حيث قرأ الدكتور محمد صالح القريشي بحثه الموسوم (الاقتصاد النامي بين آلية السوق وتدخل الحكومة .. منظور اقتصادي سياسي للنمو والتنمية) قال فيه: ان النمو الاقتصادي والتنمية في الاقتصاد الوطني لايكون حقيقة ملموسة الا بوجود نظام سياسي شامل متناغم مع نظام اقتصادي يسعى لتحقيق مايراه السياسي، ولابد من وجود نظام سياسي لايحمل تناقضات في توجهه العام ليستوعب التوجه الاقتصادي ايضاً، وهي نقطة تجعلنا نقف امام النظام السياسي والاقتصادي واهميتهما وتفاعلهما معاً، فالاستقرار الاقتصادي الكلي يعد شرطاً ضرورياً.

وقرأ الباحث فاروق صالح الرمضاني بحثه الموسوم (القروض المصرفية للقطاع الزراعي) الذي قال فيه: ان العملية الاقراضية في القطاع الزراعي هي المحور الاساسي لتطويره لان المشاريع الزراعية تحتاج الى تمويل ومساندة فاعلة من قبل الدولة او من قبل الجهات المانحة او المقرضة، لأن العمل في القطاع الزراعي يحتاج الى رأس مال كبير، ومكننة متنوعة واراض شاسعة وبذور واسمدة واعلاف وادوية ولقاحات بيطرية لمكافحة الافات والامراض واستصلاح اراضي، وانشاء قنوات اروائية ومبازل لتحسين خصوبة التربة، وبناء وحدات سكنية للفلاحين والعاملين في المشاريع، وكذلك العمل بشكل جدي في تسهيل اجراءات عملية المنح او الاقراض، وايصال الاموال اللازمة الى مستحقيها المنتجين الحقيقيين.

واشار الرمضاني الى ان المصارف وشركات التمويل المالي تسعى الى ايلاء النشاط الائتماني سواء أ كان في القطاع الزراعي ام القطاعات الاخرى لتحقيق جودة الاداء وسرعة التنفيذ والتسديد في المواعيد المحددة والتموين في المشاريع الحقيقية ذات الربحية المضمونة بدراسة التدفقات النقدية المتوقعة للمقترض بشكل موضوعي، والاهم من ذلك دراسة الحاجة الفعلية للتمويل والمدة المطلوبة للسداد وان للقطاع الزراعي العديد من المشاريع التي تحتاج الى تمويل في اجال مختلفة قصيرة وقد تكون متوسطة او المشاريع الأستراتيجية التي تحتاج الى قروض طويلة الاجل.

واختتم الرمضاني بحثه بتأكيده اهمية ان التمويل في القطاع الزراعي يتأثر كثيرا بمقياس الربحية وبالتحوطات من المخاطر الائتمانية، لذلك على المسؤولين العاملين في الادارة الائتمانية، ان تكون لهم الخبرة والدراية التامة في دراسة التقديرات والكشوفات المالية بكل حرفة، بحيث تتم المواءمة بين التكلفة والمردود المالي، لكي يتم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.