يُحكى منذ فترة عن تجميد حسابات سورية بالدولار في مصارف لبنان، وذلك بسبب العقوبات التي فرضتها حكومات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وسويسرا. إلى أي مدى يؤثر هذا القرار على العلاقات بين لبنان وسوريا، وهل أبعاده ونتائجه تتعدى مساحة البلدين؟.


بيروت: أكدت مصادر مصرفية أن حسابات الدولار للمواطنين السوريين المقيمين فيلبنان تعتبر مجمّدة بموجب العقوبات التي فرضتها حكومات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وسويسرا.

وتُحظّر العقوبات المالية المشار إليها على المصارف تحريك الحسابات العائدة للسوريين، سواء أكانوا مسؤولين ومشمولين باللائحة السوداء، أم مجرد مواطنين عاديين، لأن الحكومة الأميركية فرضت منع التعامل بالدولار في كل العمليات العائدة لسوريا.

وأشارت هذه المصادر أن بعض المصارف السويسرية طلبت السماح باستثناء عدد من الحسابات العائدة لرجال أعمال سوريين، ولا تشملهم اللائحة السوداء، ولكن الدوائر الأميركية المعنية لم تُبلغ هذه المصارف جوابها النهائي بعد.

وذكرت هذه المصادر أن المصارف اللبنانية اضطرت للالتزام بهذه الإجراءات أيضًا، بموجب تعميم أصدره مصرف لبنان أخيرًا، وقضى بتجميد حسابات المواطنين السوريين المقيمين في بلدهم، الخاصة بالدولار، حتى إشعار آخر.

وعُلم أن العديد من أصحاب الحسابات السورية عمدوا إلى تحويل حسابات من الدولار إلى عملات أخرى، تجنبًا للوقوع تحت ضغط العقوبات الدولية.

في هذا الصدد، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديثه لـquot;إيلافquot; إلى أن هذا الموضوع يشكل سابقة خطرة، لأن الناس يخافون من تجميد حسابات أخرى، ولكن في الوقت عينه سوريا اليوم في وضع خطر ومتقلب، وهناك عقوبات جديدة ستطبّق، ولبنان مجبر بأن يتعاطى بهذه الطريقة، وهذا ليس خيارًا، لأن سورياتخضع لعقوبات دولية، ولا تستطيع إدخال نقد أجنبي إلى البلاد، وبالتالي تم تجميد حسابات السوريين في لبنان بالدولار، لو الحسابات كانت بالليرة عندها فلا مشكلة، ومن هنا اتخذ المصرف السوري المركزي إجراءً كي لا يخرج من عندهم أيضًا نقدًا صعبًا.

أما إلى أي مدى يؤثر ذلك على العلاقات اللبنانية السورية الاقتصادية؟ فيجيب حبيقة: quot;يؤثر الأمر سلبًا، ولكن السوريين يعرفون أننا مجبرون على تطبيق الأمر، فلبنان لم يتخذ بنفسه هذا القرار، ورجال الأعمال الذين منعوا من الحصول على العملات الصعبة، ليسوا مسيّسين،وعندما نجمّد حساباتهم نكون قد ألقينا بالقصاص عليهم، وهم لا علاقة لهم بالصراع القائم في سوريا، والأمر يترك أصداء سيئة في المستقبل، ولكن لبنان غير مخيّر، بل مجبر، وسوف يعذروننا.

هذا القرار شمل سياسيين، وكذلك مواطنين عاديين، ألا ترى أن ذلك يشكل إجحافًا. يجيب حبيقة: quot;الأمر يشكل إجحافًا بالتأكيد، ولكن إذا لم يطبّق لبنان ذلك، سنتعرض لعقوبات من الخارج، رغم ذلك هناك العديد من السوريين الذين لديهم جنسيات لبنانية، وبالتالي هؤلاء لا يطبّق عليهم الموضوع، وهناك سوريون آخرون لديهم أولاد أو أفراد من عائلاتهم لبنانيون، وهم يستطيعون إيجاد مخارج كي يتخلصوا من هذا الإجراء.

ولدى البعض شركات في لبنان، وهذه الأخيرة لبنانية، وهم مساهمون فيها، والقرار اتخذ، ولكن تطبيقه صعب، لأنه يحتمل الكثير من المخارج، اكون المجتمعان اللبناني والسوري متداخلين.

يضيف حبيقة: quot;هذا القرار لا يعني أن لبنان تبنى موقف الاتحاد الأوروبي وأميركا في فرض عقوبات على سوريا، بل يعني أن لبنان يحمي ظهره، وبوضعنا السياسي الداخلي، ومع التقلبات الموجودة، يجبألا نعرّض بلدنا للخطر، وسوريا لا تستفيد شيئًا إذا تعرّض لبنانللخطر، وبالتالي السوريون يستفيدون إذا نأى لبنان بنفسه عن المخاطر لأنه منفذ لهم، ولبنان لا خيار له، وغير مسرور بتطبيقها، بل هو مجبر.

لدى سؤاله بأن هناك فئة في لبنان مستلمة الحكم فيه، وهي مع النظام في سوريا، هل برأيك ستتدخل من أجل التأثير على قرار تجميد الحسابات السورية في لبنان بالدولار؟. يجيب: quot;ليس من مصلحة لبنان أن يتدخل لأن عدم القيام بهذا الإجراء سيضرّ بلبنان، ولا ينفع سوريا. والسوريون الذين لديهم حسابات في لبنان قد تبنوا سياسات لتدارك الأمر.

ويتابع حبيقة: quot;السوريون مع تحويل حساباتهم إلى يورو في لبنان، فالأمر لا يؤثر على هذا الأخير، ولكن غدًا سوف نرى تجميد الحسابات باليورو، وعندما يتحدثون عن تجميد الحسابات بالدولار في لبنان، فيعني ذلك النقد الأجنبي.