أظهرت وثائق تم تسريبها عبر موقع ويكيليكس الشهير أن دعم بريطانيا المتحمس للمعاملات المصرفية وفق الشريعة الإسلامية أثار مخاوف في واشنطن من إمكانية أن تتحول العاصمة البريطانية، لندن، إلى مركز رئيسي يعنى بدعم الإرهاب وتمويله.


القاهرة: سمحت رزمة إصلاحات مالية سبق أن اتخذتها حكومة حزب العمال السابقة للبنوك الإسلامية بأن تكبر وتزدهر في بريطانيا، وهو ما أتاح فرصة تكديس أصول تزيد قيمتها عن 12 مليار جنيهإسترليني، وفقاً لما ذكرته اليوم صحيفة التلغراف البريطانية.

ومن أجل التوافق مع الشريعة الإسلامية، لم تدفع منتجات تلك البنوك المالية أو تُحَاسب على أية فوائد، ولم يكن بمقدور البنوك أن تستثمر في الكحول والتبغ أو شركات المقامرة.

لكن في الوقت الذي روّج فيه المسؤولون الحكوميون لبريطانيا على أنها الكيان الاقتصادي الأكثر ارتباطاً بالشريعة الإسلامية في العالم الغربي، أوضحت وثائق تحصَّل عليها موقع ويكيليكس أن الولايات المتحدة شعرت بالخوف من إمكانية استخدام البنوك كأداة أو وسيلة يتم من خلالها تقديم الدعم المالي للإرهابيين.

وتبين، وفقاً لما ورد في الوثائق، أن وزارة الخارجية الأميركية كانت مهتمة للغاية بتلك المسألة، لدرجة أنها أمرت دبلوماسيين أميركيين في لندن بأن يعدوا تقريراً عن أنشطة البنوك التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية في بريطانيا. وذكرت التلغراف أن البرقية المشار إليها أُرسِلت من مكتب وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كونداليزا رايس، في حزيران/ يونيو عام 2006، وكانت تطلب معلومات عن quot;المؤسسات المالية الإسلاميةquot; المعرضة للاستغلال لأغراض غير مشروعة أو إرهابية، مثل إنشاء حسابات لإخفاء الأنشطة غير المشروعة وعمليات غسيل الأموال.

واشتبهت الولايات المتحدة بشكل خاص في أن quot;التبرعات الخيريةquot; ndash; التي يتعين على البنوك الإسلامية أن تقدمها للتوافق مع الشريعة ndash; يمكن أن يتم ضخها إلى المتعاطفين مع تنظيم القاعدة. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أن واشنطن كانت حريصة على اكتشاف ما إن كان المنظمون البريطانيون والمحققون يمتلكونهفي قضايا مكافحة الفساد منquot;قدرةquot; وquot;فعاليةquot;كانت تتيح لهم مراقبة البنوك الإسلامية. كما طُلِبت معلومات في هذا الصدد عن أنواع العملاء الذين لديهم حسابات لدى تلك البنوك.

وبينما ظل التقرير الذي تم إعداده بمعرفة السفارة الأميركية طي الكتمان، أرسلت برقية أخرى منفصلة بعدها بشهرين، وتحديداً يوم السابع عشر من آب/ أغسطس عام 2006، تزعم أن الحكومة البريطانية كانت على علم بأوجه القصور العميقة في التنظيم الخاص بالجمعيات الخيرية التي تربطها علاقات بجماعات إرهابية في الخارج.

وتردد أن ستيوارت يانغ، وهو من مسؤولي وزارة الداخلية البريطانية، قد أخبر دبلوماسيين أميركيين بأن مفوضية المؤسسات الخيرية خرجت تماماً عن مسارها في ما يتعلق بالطريقة التي تعاملت من خلالها مع الجماعات التي يُشتَبه في أنها تموِّل الإرهابيين.

ورأت الصحيفة أن هاتين البرقيتين جاءتا لتبرزا الطبيعة المثيرة للجدل التي كانت تتميز بها السياسة الخاصة بحزب العمال لتعزيز مكانة لندن كمركز للتمويل الإسلامي. وكانت بريطانيا الدولة الوحيدة في غرب أوروبا التي طلبت منها الولايات المتحدة معلومات عن الأنشطة الخاصة بالبنوك التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية.