واشنطن: تؤكد الأرقام الجيدة المتعلقة بسوق العمل لشهر كانون الأول (ديسمبر) في الولايات المتحدة نهوض الاقتصاد الأميركي بصورة تدريجية، لكنه يبقى ضعيفًا، ويتوقع أن يستعيد نشاطه بشكل بطيء أيضًا في 2012.

وأعلنت وزارة العمل الجمعة أن معدل البطالة في البلاد تراجع إلى 8.5% في كانون الأول/ديسمبر الماضي، في أدنى مستوى له منذ شباط/فبراير 2009، وأن الاقتصاد الأميركي وفّر 200 ألف وظيفة في خلال شهر، أي مرتين أكثر من تشرين الثاني/نوفمبر.

وبعد ظهور عدد كبير من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، تحمل هذه الأرقام quot;أدلة إضافية على تحسن سوق العمل، بما يتوافق مع تسارع الاقتصاد في النصف الثانيquot; من العام، كما لفت مايكل غابن الخبير الاقتصادي لدى باركليز كابيتال. لكن ما زال أمام الولايات المتحدة تحديات عدة لمواجهتها.

فتراجع البطالة يخفي واقع أن العديد من الأشخاص توقفوا تدريجيًا عن البحث عن عمل، في حين يفترض على عكس ذلك بعد نحو سنتين من بدء انتعاش سوق العمل رؤية عدد من العاطلين عن العمل ينضمون إلى صفوف الفئات العاملة.

أما بخصوص إيجاد وظائف، فقد أشار عدد من خبراء الاقتصاد إلى أنها ازدادت في كانون الأول/ديسمبر على الأرجح، بسبب التوظيفات الموقتة لنهاية العام. أما بالنسبة إلى كل الربع الأخير من السنة، فإن تحسن سوق العمل تباطأ قياسًا إلى الفصل الثالث. واعتبرت جويل ناروف من مكتب ناروف إيكونوميك ادفايزرز أن quot;العمل هو لبّ المشكلةquot;.

ولتأمين ما يعتبره خبراء الاقتصاد دورة النمو المثلى، يجب توفير عدد كبير من الوظائف وزيادة الأجور لحثّ الأميركيين على الإنفاق. لكن في الوقت الحاضر لم يتوافر quot;الدليل على أن الاقتصاد هو على طريق توفير عدد أكبر من الوظائفquot;، كما قال نيغل غولت من مكتب quot;آي اتش اس غلوبال إنسايتquot;.

ويعتبر استهلاك الأسر المحرك التقليدي لنمو البلاد، لكنه يتعثر في استعادة هذا الدور، بسبب استفحال التضخم، ولأن الأميركيين منشغلون في عملية تخفيف الديون بعد سنوات الإسراف، التي أدت إلى الأزمة.

ويعتبر مسؤولو الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) أن هذه العملية ما زالت بعيدة عن الإنجاز، ويتوقع أن تستمر في إعاقة النمو في 2012. وإذا كانوا يعوّلون على تباطؤ ملحوظ للتضخم فإن هذا التوقع لا يحظى بالإجماع.

وفي الوقت، الذي يتأكد فيه تباطؤ الاقتصاد العالمي، كما أعلنت الجمعة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، فإن وضع الولايات المتحدة ما زال يبدو هشًا. ولفتت في هذا الصدد إليزابيث ديوك، وهي من حكام الاحتياطي الفدرالي، إلى أن quot;الانعكاسات المحتملة لأزمة الديون العامة في أوروبا تبقى مصدرًا لقلق كبيرquot;.

وتفيد التحقيقات الأخيرة للاتحاد المهني quot;اي اس امquot; أن الارتياب المحيط بأوروبا يلقي بظلاله على قرارات الشركات بشأن الاستثمار، وبالتالي على الانتعاش الاقتصادي.

ويأتي الخطر أيضًا من الداخل، خصوصًا وأن الكونغرس عاجز عن التفاهم على التدابير بهدف إنعاش الاقتصاد، والتي يعتبرها البنك المركزي ضرورية. وقد شدد الاحتياطي الفدرالي هذا الأسبوع، على أن يقوم المسؤولون بمساعدة سوق السكن، التي ما زالت صعوباتها تؤثر على الاقتصاد.

إلى كل ذلك، تضاف مشكلة quot;مثيرة للقلق الشديدquot;، تتمثل في انتشار البطالة الطويلة الأمد، كما قالت بيتسي ستيفنسون لوكالة فرانس برس. واعتبرت هذه البروفسورة في جامعة برينستون أن انتعاش الاقتصاد الأميركي هو اليوم مثلما كان quot;طوال العام الماضي (...) ضعيفًاquot;.