تقلص الاقتصاد الألماني في الربع الرابع ليصبح عرضة لخطر حدوث ركود ضحل في الوقت الذي تعاني فيه بلدان منطقة اليوروديونا هائلة، وتتطلع إلى الدولة ذات الاقتصاد الأقوى في الاتحاد الاوروبي لإعطاء دفعة لمنطقة اليورو.


إعداد لميس فرحات: بعد عامين من النمو القوي، ركود الاقتصاد في ألمانيا يمكن أن يذكي المحادثات الدولية للبلاد لتحفيز النمو الاقتصادي. ويقول الاقتصاديون إن ميزانية ألمانيا المتوازنة تقريباً، وقدرتها على اقتراض المال بتكاليف زهيدة يعطيها مجالاً لتعزيز النمو البطيء الذي تعاني منه الدول الاوروبية الأخرى. لكن المستشارة الالمانية انجيلا ميركل من غير المرجح أن تبدل تركيزها من التقشف في الميزانية نحو تدابير التحفيز، إلا إذا كانت تهديدات الركود أكثر وضوحاً. ويشير اقتصاديون إلى أن هذا الاحتمال بات وارداً إذا أصبحت الدول التي تعاني أزمات الديون في منطقة اليورو خارج نطاق السيطرة.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; ان حالة الركود يمكن أن تكون أسوأ مما كان متوقعاً، ما قد يصعب على ميركل مهمة اقناع المشرعين المتشككين والناخبين بدعم تمويل إضافي لعمليات الإنقاذ الألمانية لتساعد بلدان منطقة اليورو. ويبدو أن ألمانيا وغيرها من دول اليورو الأقوى مالياً، ستضطر قريباً إلى رفع الالتزامات الاقراضية لليونان للحفاظ على البلاد من التخلف عن سداد الدين والدخول إلى الفوضى. وتخشى ميركل أن تضطر المانيا الى المساهمة بمزيد من الاموال لشبكة الأمان المالية لايطاليا واسبانيا لحماية قدرة تلك البلدان على اقتراض الأموال في أسواق السندات.

وأكد رئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي الحاجة إلى مزيد من النمو في أوروبا خلال زيارته الى برلين يوم الاربعاء. وفي حين لم يستثن مونتي دور ألمانيا الحيوي كمحرك اقتصادي في أوروبا، قال إن تدابير التقشف والاصلاحات الايطالية لن تنعش النمو الاقتصادي quot;ما لم يكن الإطار الأوروبي مواتياًquot;.

من الناحية المضرة، وصلت معدلات البطالة في المانيا إلى أدنى مستوياتها منذ 20 عاماً، وساعد الإنفاق الاستهلاكي على تعويض التباطؤ في الصادرات. في هذا السياق، يقول بيرند سوب - ديينس، الشريك المنتدب لمجموعة ديينس للآلات الألمانية: quot;لا اعتقد ان العالم على وشك الانهيار، فطلبات التصدير لا تزال تنمو بفضل الطلب القوي في آسياquot;، لكنه قال ان quot;لا احد يعرف ما يمكن ان يكون أثر أزمة الديون السيادية في أوروباquot; مضيفا أنه يخشى أن تؤدي إلى أزمة مصرفية وائتمانية في المانيا.

وقال مكتب الاحصاءات الحكومية الصلبة ان الطلب المحلي على الاقتصاد الألماني شهد نمواً بنسبة 3 ٪ العام في عام 2011 ، ما يشكل انخفاضاً من 3.6 ٪ في عام 2010. لكن إذا كان الاقتصاد الألماني ينكمش أو ينمو بصورة طفيفة في الربع الأول، فإن معظم الاقتصاديين يتوقعون ركوداً على نطاق واسع قبل أن يتعافى الاقتصاد ببطء في أواخر عام 2012.

ومن المتوقع ان تؤدي أزمة الديون في أوروبا الجنوبية إلى حال من الذعر في الأسواق المالية، وتعمق الركود الاقتصادي في ألمانيا، وفقاً للمحليين الاقتصاديين. بالتالي، هناك قليل من الضغط السياسي على حكومة ميركل في الوقت الراهن لتحفيز النمو من خلال زيادة الإنفاق أو خفض الضرائب، كما فعلت ألمانيا بنجاح في العام 2009 ndash; 2010.

وقال الاقتصاديون إن عجز الميزانية في المانيا يشكل 1 ٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، وهي نسبة أصغر بكثير من معظم الاقتصادات المتقدمة الأخرى، كما أن ألمانيا تملك مجالاً واسعاً من التدابير التي تعزز النمو على المدى القصير. يشار إلى أن الدول الاوروبية التي تعاني ازمات ديون لا يمكن تحملها مثل اسبانيا وايطاليا، عمدت إلى خفض الانفاق الحكومي من أجل تعزيز ثقة المستثمرين في السندات، لكن التدابير التقشفية تدفع اقتصاداتها إلى ركود أعمق.