تسببت دعوات إلى إحياء الذكرى الثانية لثورة 25 يناير في مصر بقلق السائحين وخشيتهم من وقوع حوادث أمنية، ما أثر في حركة السياحة سلبًا أخيرًا، كما يتخوف المستثمرون المصريون من فاعليات الذكرى غدًا ومن حُكم محكمة جنايات بورسعيد بعد غد السبت في قضية quot;المجزرةquot;.
القاهرة: تسببت المخاوف الناجمة من حدوث مواجهات ومصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن في الذكرى الثانية للثورة المصرية، المقرر الاحتفال بها غدًا الجمعة، في حدوث انخفاض حاد في حركة السياحة في المدن الرئيسة السياحية.
وقال سيف العماري عضو مجلس ادارة الاتحاد المصري للغرف السياحية ان معدلات الاشغال السياحي في بعض المدن السياحية الشهيرة وصلت إلى نسب لا تتجاوز 10 % إلى 20 %.
وأوضح العماري في اتصال هاتفي اليوم مع وكالة الاناضول للأنباء quot;حركة السياحة حاليًا في الاقصر لا تتجاوز 10%، فالكل في الداخل والخارج لديه شعور بعدم الاستقرار في البلدquot;. واضاف إن من بين 280 مركب سياحي عام لا تعمل سوى 8 فقط، وبقدرات ضعيفة للغاية، لا تتناسب مع معدلات الحركة الطبيعية.
واستقبلت مصر 11 مليون سائحًا في العام الماضي، وتستهدف استقبال 14 مليون سائح خلال العام الجاري حسب تصريحات سابقة لوزارة السياحة. وأكد عضو مجلس ادارة الاتحاد المصري للغرف السياحية أنه quot;في ظل حالة الاستنفار الأمني الحالية والمخاوف المتعلقة بالسلامة فان الأجانب لن يغامروا بالقدوم إلى دولة لا يعلم أحد مصير الاحداث فيهاquot;.
وأضاف العماري إن استمرار التوتر الأمني وعدم الاستقرار السياسي سيعمق من انخفاض حركة السياحة لبعض المناطق والمدن السياحية الشهيرة، مثل الاقصر وشرم الشيخ والغردقة. لافتًا إلى أن استمرار الوضع الحالي سيؤثر بقوة على قدرة قطاع السياحة على تحقيق العائدات المتوقعة.
وتأمل وزارة السياحية في الوصول إلى عائدات تزيد على 13 مليار دولار سنويًا من الحركة السياحية خلال العام الجاري مقابل 11 مليار جنيه، تم تحقيقها في العام الماضي طبقا لتصريحات سابقة لوزير السياحة هشام زعزوع.
من جانبه قال هشام جبر صاحب أحد مراكز الغوص الشهيرة في مدينة شرم الشيخ إن الوضع صعب للغاية على العاملين في قطاع السياحة. وأضاف quot;حركة السياحة انخفضت بطريقة غير مسبوقة بسبب التوتر السياسي في البلدquot;. وأضاف إن اصحاب الفنادق يلجأون إلى خيارات صعبة لمواجهة حركة الركود، مثل تخفيض الأجور أو تقديم عروض سعرية لا تتفق مع جودة الخدمات المقدمة.
المستثمرون في مصر يحبسون أنفاسهم ترقبًا لذكرى الثورة
حدثان مرتقبان تفصل بينهما ساعات قليلة، لكنهما يثيران قلق المستثمرين المصريين منذ فترة طويلة، الأول فاعليات الذكرى الثانية للثورة المصرية غدًا، التي من المتوقع أن تشهد حشدًا كبيرًا من قوى سياسية مؤيدة، وأخرى مناوئة للرئيس المنتخب محمد مرسي، والثاني، حُكم محكمة جنايات بورسعيد بعد غد السبت في القضية المعروفة إعلاميًا باسم quot;مجزرة بورسعيدquot;.
وقال رئيس غرفة التجارة الأميركية في القاهرة، جمال محرم، إن الأمور يجب أن تهدأ حتى نستطيع تشغيل عجلة الإنتاج مرة أخرى، ونحقق أهداف الثورة، عبر زيادة معدلات النمو الاقتصادي وجذب استثمارات كبيرة للدولة. وأضاف محرم في تصريحات هاتفية للأناضول quot;الاضطرابات الحالية لن تشجّع على زيادة الاستثمارات أو رفع معدلات النمو.. تحديات اقتصادية كبيرة تواجه مصر، على رأسها جيوش العاطلين عن العمل، وزيادة معدلات التضخمquot;.
وتستهدف الحكومة المصرية تحقيق معدل نمو 3.5%، ما يستلزم ضخ استثمارات لا تقلّ عن 276 مليار جنيه مصري خلال العام المالي الجاري، مع زيادتها خلال السنوات المقبلة للوصول إلى معدل نمو 7% عام 2022، بحسب تصريحات سابقة لوزير الاستثمار أسامة صالح.
من جانبه، أكد أمين اتحاد المستثمرين العرب ورئيس وحدة المشاركة المصرية الأوروبية في وزارة التعاون الدولي، السفير جمال بيومي، على أنه لا يعارض تنظيم المظاهرات، شريطة أن يكون التظاهر من أجل البناء لا الهدم. وانتقد بيومي اعتصام بعض من جماهير النادي الأهلي المصري quot;الألتراسquot; أمام مقر البورصة المصرية أمس الأربعاء، وتعطيلهم حركة المرور في مرفق مترو الأنفاق وكوبري أكتوبر في العاصمة القاهرة. ونظم quot;ألتراس أهلاويquot; اعتصامات أمس شلت حركة المرور في العاصمة المصرية للمطالبة بالقصاص لضحايا مجرزة بورسعيد من مشجّعي النادي الأهلي.
وتتجه أنظار جموع المصريين بعد غد السبت إلى بورسعيد للاطلاع على حكم محكمة الجنايات في قضية مقتل 72 من مشجّعي النادي الأهلي المصري، خلال مباراته مع النادي المصري البور سعيدي، فبراير/شباط الماضي 2012، وهي القضية المعروفة إعلاميًا باسم quot;مجرزة بورسعيدquot;.
وقال بيومي للأناضول quot;حان الوقت لتنظيم المظاهرات، لأننا لسنا في حرب أهلية، ويجب أن يكون هناك أسلوب متحضر للتعبير عن المطالب.. هناك حالة من عدم الثقة في الأخرين، وسوف تؤثر على سقف البيت الذي نعيش فيهquot;.
وحول أثر الفاعليات المرتقبة على المساعدات الخارجية ومفاوضات القروض التي تطلبها الحكومة المصرية من جهات تمويل أجنبية منها صندوق النقد الدولي، أكد بيومي على أن مصر لها دور محوري كبير في المنطقة وبقية الدول تحرص على مساعدتها لتحقيق الاستقرار ومنع الاضطرابات، قائلا:quot; إسرائيل نفسها لا تتمنى أن تكون مصر مضطربة، فما بالك بأميركا والخليجquot;، لكنه استطرد، وأعرب عن قلقه من تأخر معدلات النمو وتعطيل خطط القضاء على الفقر والبطالة.
وتُشير أحدث تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر إلى أن معدل البطالة في البلاد بلغ خلال الربع الثالث من العام الماضي 12.5%، ما يمثل تحديًا هو الأكبر اقتصاديًا واجتماعيًا أمام الحكومة المصرية، التي تخطط لتوفير 800 ألف فرصة عمل سنويا لخفض معدلات البطالة.
بدوره، أعرب أمين عام جميعة مستثمري العاشر من رمضان، أيمن عبد الله، عن أمله في انتهاء فاعليات الغد بدون مشكلات، حتى لا تتزايد جراح قطاع الاستثمارات في البلاد، مضيفا أن الاستثمارات المحلية والأجنبية في مصر تراجعت خلال العامين الماضيين بنسب كبيرة بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي.
وقال عبد الله إنه لا يتوقع حدوث أية اضطرابات في المناطق الصناعية على خلفية أية مناوشات محتملة غًدا بين القوى المعارضة والمؤيدة للنظام الحاكم، مؤكدا على أن أصحاب المصانع أطلقوا حملات توعية الفترة الماضية لحثّ العمال على الإنتاج وإقناعهم بأن زيادة معدلات الإنتاج هو السبيل الوحيد لإنقاذ الدولة من عثرتها الاقتصادية وللحفاظ على فرص العمل القائمة وزيادتها لاحقا.
وطبقا لبيانات هيئة التنمية الصناعية، فقد وصل عدد المدن الصناعية في مصر إلى 94 مدينة صناعية، منها 23 في محافظات الصعيد. وشمالًا، حيث محافظة بورسعيد، أكد مدير جمعية المستثمرين في المنطقة الحرة في المحافظة، مجدي كمال، على أن حركة الاستثمارات متوقفة تمامًا في المحافظة منذ اندلاع ثورة يناير قائلًا:quot; لم يفتح مصنع واحد جديد منذ الثورة، ونتمنى انتهاء فاعليات الغد، وأزمة مجزرة بورسعيد بدون مشكلاتquot;.
استبعد كمال إثارة مشكلات من جانب quot;ألتراس مصراويquot; رابطة مشجعي النادي المصري البورسعيدي، في حالة إصدار أحكام مشددة على المتهمين في قضية quot;مجزرة بورسعيدquot;، مضيفًا أن quot;الألتراسquot; بينهم شباب لديه قدر كبير من الوعي، ويعلم أن إثارة المشكلات ستؤثر على حركة التجارة والاستثمار في المحافظة، مشددًا على ضرورة تحقيق الاستقرار في البلاد لجذب المستثمرين وتوفير فرص العمل وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي. وتراجع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي إلى 15.5 مليار دولار من 36 مليار دولار قبل اندلاع ثورة يناير.
بدوره قال مدير العلاقات الخارجية بجمعية مستثمري مدينة بدر، أحمد عبدالغني، إن المستثمرين في الجمعية قلقون من تظاهرات الغد، ومصابون بالتشاؤم من الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.
وأضاف عبدالغني للأناضول أن الجمعية عقدت أمس الأربعاء، اجتماعًا لبحث أزمة ارتفاع الدولار أمام العملة المحلية quot;الجنيهquot;، ما أثر سلبًا على وارادات مستلزمات صناعية مهمة في صناعات حيوية، مثل الأدوية.
تراجع اشغالات فنادق شرم والغردقة تحسبًا لمخاطر
الى ذلك رصدت وزارة السياحة المصرية تراجعا في حركة الاشغالات الفندقية في مدينتي شرم الشيخ والغردقة، أكبر المناطق المصرية جذبًا للسياحة خلال شهر يناير/كانون الثاني الجاري بنسب تتراوح ما بين 5% و10%. كما رصد أصحاب الفنادق والمنشآت السياحية تراجعًا في حركة الأفواج السياحية وإلغاء بعض الحجوزات، بسبب الدعوات إلى التظاهر في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، المقررة غدًا الجمعة.
وقال مجدي سليم وكيل وزارة السياحة ورئيس هيئة تنشيط السياحة الداخلية في مصر إن حركة الإشغال الفندقي تراجعت خلال يناير الجاري بسبب حالة الترقب التي تسيطر على السائحين بشأن مظاهرات جمعة الثورة. وأضاف سليم quot;أن عودة الخيام مرة أخرى إلى ميدان التحرير، وتظاهرات الالتراس في وسط القاهرة وحول مقر البورصة المصرية أثرت سلبًا على قرار السائح بالحضور لمصر خوفًا من المخاطر الامنية والسياسيةquot;.
ورغم هذا التراجع، الا أن سليم أكد أن خطة التنشيط السياحي مستمرة، وأنه تمت إقامة مهرجان السياحة الروسية الذي يختتم اعماله غدا الجمعة. وتوقع وكيل وزارة السياحة المصرية زيادة حركة الإشغال الفندقي في المدينتين السياحيتين عقب انتهاء فعاليات الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة.
من جانبه قال سالم صالح مدير مكتب هيئة التنشيط السياحي في مدينة شرم الشيخ في مكالمة هاتفية مع الأناضول إن حركة الإشغال الفندقي في مدينة شرم الشيخ تراجعت هذا الشهر بنسبة 5% لتصل الى 57%. وبالنسبة إلى الوضع في الغردقة أكد أحمد مصطفى مدير مكتب هيئة تنشيط السياحة في المدينة ان حركة الإشغالات الفندقية تراجعت في الغردقة خلال شهر يناير الجاري بنسبة 10% لتصل الى 58% مقابل 68% بنهاية ديسمبر الماضي.
وقال مصطفى quot;إن الإشغالات كانت قد ارتفعت في بداية شهر يناير الجاري إلى 71 % بسبب استقرار الأوضاع السياسية عقب اقرار الدستور، ولكنها تراجعت بسبب الدعوة إلى تنظيم مظاهرات في الذكرى الثانية للثورة المصريةquot;.
التعليقات