عمان: أثارت خطة الاردن لبناء اول محطة نووية للاغراض السلمية بمساعدة روسية الكثير من المخاوف والشكوك حيث دعا المعارضون لهذا المشروع المثير للجدل وبينهم خبراء الى التخلي عنه، مؤكدين ان بلادهم لاتملك لا الامكانيات ولا الخبرات اللازمة له.وكانت الحكومة الاردنية اعلنت نهاية الشهر الماضي اختيار شركة quot;أتوم ستروي اكسبورتquot; وquot;روست أتوم اوفرسيزquot; الروسيتين لبناء وتشغيل أول محطة نووية من اجل توليد الكهرباء وتحلية المياه بكلفة تصل الى عشرة مليار دولار.ويستورد الاردن 97% من احتياجاته النفطية كما انه يعد واحدا من افقر دول العالم في المياه بعجز يتجاوز 500 مليون متر مكعب سنويا.

ويشتمل المشروع على بناء مفاعلين نوويين بقدرة 1000 ميغاواط لكل منهما، يبدا تشغيل الاول عام 2021 والثاني عام 2023.ويقول الاردن الذي يعاني من ظروف اقتصادية صعبة وشح في الموارد الطبيعية ودين عام تجاوز 23 مليار دولار ان المشروع سيخفض كلفة انتاج الكهرباء الذي يكلف خزينة الدولة نحو ملياري دولار سنويا.لكن خبراء حذروا من هذا المشروع معتبرين انه ينطوي على مخاطرة كبيرة، وداعيين الأردن الى اعادة النظر به.ويقول علي قسي عضو الائتلاف الاردني لمكافحة مشروع المفاعل النووي لوكالة فرانس برس quot;نحن خائفون من هذا المشروع لان فيه خطرا على البلد والناس والبيئة والاقتصاد ولا نرى أن له ضرورةquot;.

واضاف quot;هناك بدائل أرخص وأفضل وأسلم كالطاقة البديلة النظيفة والمتجددة الخالية من المخاطرquot;.واوضح قسي انه quot;ليس من المنطقي ان نقيم مشروعا نوويا ونحن نعلم ان الاردن يقع في منطقة معروفة تاريخيا بتعرضها الدائم للزلازل وانه لايملك الامكانات والكوادر البشرية الضالعة ولا المياه اللازمة والاموال الطائلةquot;.ومن المفترض ان يقام المشروع في منطقة عمرة الصحراوية في محافظة الزرقاء (شرق عمان).من جهته، يري رؤوف الدباس الناشط البيئي والمستشار في وزارة البيئة ان quot;هذا الخيار كان يجب ان يكون اخر المطاف بعد ان نكون قد استنفدنا كل شيءquot;.واضاف لوكالة فرانس برس quot;كان يجب عمل دراسات من جميع النواحي الاقتصادية والفنية وأخذ رأي المجتمعات التي تقطن مكان المفاعلquot;.

وتابع quot;يجب ان تكون هناك جهات رقابية حثيثة ودقيقة جدا من وزارة البيئة والصحة والقطاع الاشعاعيquot;، مشيرا الى انه لا يجد في هذه المؤسسات quot;أي خبرة في هذا المجالquot;.وبحسب الدباس فأنه quot;لاتوجد لدى الاردن خامات من اليورانيوم ترتقي للمستوى التجاري يمكن الاستفادة منها في المفاعلات النووية ما سنضطر معه الى استيراد هذه المواد الغاليةquot;.واضاف ان quot;الطاقة النووية تحتاج الى كميات هائلة جدا من المياه ونحن من افقر دول العالم بالمياهquot;.واوضح ان quot;المحطة يعتزم انشاؤها في منطقة تقع على طرق رئيسية تربط الاردن بالعراق والسعودية وهي معرضة للتسلل ولمشاكل امنية اكثر من المناطق الاخرىquot;.وتابع ان quot;اقامة مثل هذه المشاريع يحتاج الى 10 سنوات في وقت نحن نحتاج الطاقة اليوم!quot;.

واعتبر انه quot;لذلك لن تكون هناك اي فائدة استراتيجية للاردن في المضي قدما لتطوير الطاقة النوويةquot;.ويرى الدباس ان quot;المكتسبات الاقتصادية التي حصلت عليها اليابان من المفاعلات خلال ثلاث عقود فقدتها في ثانية وستبقى تبعاتها قائمة لمئة سنة اخرى قادمة. فهل يستطيع الاردن تحمل ولو خطأ صغير في هذا المجال؟quot;.وهو بذلك يشير الى حادث محطة فوكوشيما شمال شرق اليابان في 11 آذار/مارس 2011 والذي يعتبر الاخطر منذ كارثة تشرنوبيل قبل 25 عاما.

من جهتها، انتقدت مسؤولة حملات المناخ والطاقة في الوطن العربي لدى منظمة السلام الأخضر صفاء الجيوسي في بيان الاتفاق، ودعت الحكومة الاردنية الى quot;التخلي عن هذه الخطط قبل فوات الاوانquot;.ورأت ان quot;هذا القرار هو سوء تقدير، ونحن رأينا ما حدث في فوكوشيما، لا يمكننا السماح بتكرار ذلك في الأردنquot;.واكدت الجيوسي ان quot;الطاقة المتجددة هي سبيلنا للتقدم، فالطاقة النووية لن تبني مستقبلنا الاقتصادي ولن تمنحنا الاستدامة في الطاقةquot;.وقالت مجموعة من منظمات البيئة المحلية في بيان مشترك السبت ان quot;الاردن يفتقد الى التشريعات الناظمة للسلامة والعمل النوويquot;، منددين quot;بعبثية القرارات التي لازمت هذا البرنامجquot;.

من جانبه، اكد خليل العطية النائب النافذ في مجلس النواب الاردني لوكالة فرانس برس quot;نحن لدينا مشكلة كبيرة بالطاقةquot; لكن quot;الحكومة والجهات المختصة لم تقنع الاردنيين بجدوى هذا المشروعquot; لحد الان.واضاف quot;البرلمان السابق كان قد اتخذ قرارا بمنع انشاء المفاعل الا بعد استكمال الدراساتquot;، مشيرا الى انه quot;لم يتم حتى الان اعلام المجلس واعضاءه بالدراسات التي تمت ومدى جدواهاquot;.وتابع quot;نريد ان نسمع من رئيس الحكومة (عبد الله النسور) هل هو مقتنع بهذا البرنامج النووي ويدافع عنه كما يدافع عن باقي القراراتquot;وبحسب العطية فان quot;هناك انقساما في الرأيquot; في داخل المجلس حول هذا الموضوع.في المقابل دافع رئيس هيئة الطاقة الذرية الاردنية عن هذا المشروع وفوائده.

وقال خالد طوقان نهاية الشهر الماضي ان المشروع quot;سيخفض كلف أنتاج الكهرباء في بلد تبلغ فاتورة الطاقة فيه نحو 4 مليارات دينار (5,6 مليار دولار) يذهب نصفها لانتاج الكهرباءquot;.واضاف في تصريحات اوردتها وكالة الانباء الاردنية quot;علينا أن نستفيد من وجود 35 الف طن من اليورانيوم يكفي الاردن لمائة سنةquot;، مشيرا الى انquot;المشروع سيوفر كذلك عشرة الاف فرصة عملquot;.واوضح ان لدى الاردن quot;جيلا من المختصين يجري تعليمهم وتدريبهم في أفضل دول العالمquot;، مؤكدا ان quot;الدولة ستتخذ أفضل الاجراءات لحماية الانسان والبيئةquot;.