دافع ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة مطولة أجراها مع مجلة دير شبيغل الألمانية واسعة الانتشار، عن سياساته المثيرة للجدل، التي يحاول من خلالها إنقاذ اليورو، مشيرًا في الإطار نفسه إلى أن الأحوال في المنطقة تسير نحو الأفضل.


بسؤاله في بداية المقابلة عن السر وراء رحيل ثلاثة مسؤولين اقتصاديين وماليين ألمان عن البنك المركزي الأوروبي، هم يورغ أسموسين، أكسيل ويبر ويورغن ستارك، أكد دراغي أنه لا يمكن مقارنة الأسباب الخاصة برحيل كل مسؤول من هؤلاء المسؤولين. وأوضح أن أسموسين سبق أن أعلن بوضوح أن أسبابًا أسريةً فقط هي التي دفعته إلى العودة من أجل العمل في الحكومة في العاصمة برلين.

تحسن تدريجي
وبمواجهته بأن ويبر وستارك تقدما باستقالتيهما بسبب سياساته، أشار دراغي إلى أنهما استقالا قبل وصوله إلى البنك المركزي الأوروبي. وأضاف أن الحقيقة تتمثل في أن الأحوال في منطقة اليورو بدأت تتحسن بشكل كبير منذ ذلك الوقت، مشيرًا إلى أن معظم البيانات الاقتصادية - المالية بدأت تسير في الاتجاه الصحيح خلال الآونة الأخيرة.

لكنه أعقب بقوله إن ذلك لا يعني انتهاء أزمة منطقة اليورو، فالمخاوف التي يشعر بها بعض قطاعات الشعب في ألمانيا لم يتم تأكيدها حتى الآن، مشيرًا إلى أنهم سبق أن أوضحوا من البداية أنهم يسيرون في إطار التوصيات التي قرروا الالتزام بها مستقبلًا، وأن الأمر اللافت تمثل في انخفاض معدلات التضخم وتراجع حالة عدم اليقين.

تابع دراغي في سياق حديثه بالقول إنه لم يتم التغلب بعد على الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أوروبا، بيد أنه أوضح أن هناك الكثير من الإشارات المشجّعة، مثل تعافي الاقتصاد في العديد من البلدان، خاصة وأن حالات اختلال التوازن في التجارة الأوروبية بدأت تتراجع إلى جانب انحسار العجز الحاصل بالميزانيات في الاتحاد النقدي.

اليونان مطالبة بالمزيد
وبسؤاله عمّا إن كانت اليونان بحاجة إلى عملية إنقاذ أخرى أم لا، قال دراغي إن أشياء قليلة هي التي تغيّرت للأفضل هناك، وإن البلاد باتت مطالبة بالقيام بمزيد من الجهد.

أضاف أن هناك بعض الدول التي ستكون بحاجة إلى برنامج يستمر على مدار ثلاثة أعوام، وأن بعض الدول الأخرى قد تحتاج برامج ربما تستمر لمدة أطول. وأكمل في سياق متصل بقوله إنه مازال من المبكر للغاية تقويم السياسات الخاصة بالحكومة الألمانية الجديدة، مشيرًا إلى أن الأزمة أظهرت له أن الاتحاد النقدي غير مكتمل، وأن هناك حاجة ماسة إلى إصلاح ومعالجة نقاط الضعف الواضحة أمام الجميع الآن.

وأوضح دراغي أنه إذا ما كانت ألمانيا أقل تنافسية، فإن منطقة اليورو بأسرها ستتعرّض للخسارة، لأن الإنتاجية ستقلّ حينها. كما اعترف بأنه لم يكن بوسعهم خلال السنوات الأخيرة أن يسيطروا على أسعار الفائدة طويلة الأجل، لأن المستثمرين لم يكونوا مستقرين مطلقًا بسبب أزمة اليورو. وهو ما يفسّر السر وراء إقدام كثيرين على نقل أموالهم إلى ألمانيا من أجل شراء سندات حكومية ألمانية آمنة.

وختم دراغي بقوله إنهم إذا تمكنوا من تبديد الشكوك، فسيقوم المستثمرون مرة أخرى بإخراج أموالهم من ألمانيا والعودة بها إلى بلادهم وسترتفع أسعار الفائدة مجددًا.