تتفاقم الازمة الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة التي تتخبط فيها ليبيا بعد فشل السلطات في ردع المطالبين بنظام فدرالي عن تعطيل نشاط اكبر الموانئ النفطية وتعبئة الاحزاب السياسية الرامية الى الاطاحة بالحكومة.
ويعطل المحتجون وهم من جهاز حرس المنشئات النفطية منذ نهاية تموز/يوليو 2013 اكبر الموانئ النفطية في شرق ليبيا متسببين في انخفاض كبير في انتاج النفط الى 250 الف برميل يوميا مقابل نحو 1,5 مليون قبل بداية هذه الحركة.
واقتصاد هذا البلد الغني بالنفط يتميز بتبعية كاملة لعائدات المحروقات التي تمثل اكثر من 96% من اجمالي الناتج الداخلي.
وتقدر الخسائر الناجمة عن هذه الازمة بنحو تسعة مليارات دولار وفق اخر تقديرات وزارة النفط الليبية.
وحذر ممثل احدى المؤسسات المالية الدولية المعتمد في طرابلس من ان quot;الوضع يزداد خطورة وان الحكومة قد تلجأ الى قروض للوفاء بالتزاماتهاquot;.
وفي بادئ الامر كان المحتجون المدججون بالسلاح يتهمون الحكومة بالفساد مشيرين الى اختلاس في كميات النفط التي تشحن على ناقلات النفط.
ونفت الحكومة ذلك وامرت بفتح تحقيق.
لكن هذه المبادرة لم ترض المحتجين الذين سارعوا في الاعراب عن مطالبهم الحقيقية المتمثلة في حكم ذاتي في اقليم برقة في اطار نظام فدرالي.
وقد اعلن إبراهيم الجضران نفسه في اب/اغسطس quot;رئيس المكتب السياسي لاقليم برقةquot; قبل ان يعلن في تشرين الاول/أكتوبر تشكيل حكومة محلية.
ورفض رئيس الوزراء علي زيدان التفاوض مع هذه quot;الحكومةquot; المعلنة بشكل احادي الجانب والتي تعتبرها طرابلس quot;غير شرعيةquot; لكنه وافق على وساطة مع المؤتمر العام الوطني (البرلمان) والقبائل المحلية.
لكن هذه المبادرات لم ترض المحتجين الذين يطالبون ضمن مطالب اخرى بمنح منطقة برقة حصتها من العائدات النفطية.
وكثف زيدان من تهديداته باللجوء الى القوة ضد المحتجين لكن دون تنفيذها خوفا من اراقة الدماء على حد قوله.
واعتبر خالد البلاب استاذ العلوم السياسية في جامعة المرقب في شرق البلاد انه quot;اذا فضلت الحكومة الخيار العسكري لرفع الحظر فانها ستزيد في تعقيد الوضع وتجازف بادخال البلاد في مرحلة اشد خطراquot;.
واضاف ان quot;انصار الحكم الذاتي في برقة فرضوا انفسهم ككيان سياسي وبالتالي يجب التفاوض معهمquot;.
لكن المحتجين اختاروا التصعيد باعلانهم مطلع كانون الثاني/يناير نيتهم تسويق النفط بانفسهم.
واعتبر زيدان الاربعاء هذا الاعلان محاولة quot;النيل من السيادة الوطنيةquot; وهدد quot;بقصفquot; كل سفينة تحاول الوصول الى الموانئ التي يسيطر عليها المحتجون.
ويأخذ منتقدو زيدان في المؤتمر العام الوطني، على الحكومة ضعفها وينتقدونها خصوصا لانها لم تتمكن من بسط الامن في البلاد التي تسودها الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
ويحاول بعض النواب المناوئين لزيدان منذ اشهر الاطاحة بالحكومة دون التمكن من جمع العدد الكافي من الاصوات لذلك.
ولم تفلح مذكرة حجب ثقة رفعها 72 نائبا معظمهم من حزب العدالة والبناء المنبثق عن الاخوان المسلمين، حتى الان في ذلك لعدم حصولها على اجماع.
واعتبر زيدان الذي لا ينتمي الى اي حزب، الاربعاء ان منتقديه يشكلون quot;اقليةquot; في المؤتمر العام الوطني ودافع عن انجازات حكومته واعلن عن تعديل وزاري قريبا.
واعتبر المحلل الليبي فرج نجم ان quot;المؤتمر ليس قادر على الاطاحة بالحكومة لسبب بسيط وهو انه عاجز على التفاهم على من سيخلفهquot;.
وتصاعد الاستياء ايضا ضد المؤتمر بعد مصادقه في نهاية كانون الاول/ديسمبر على قرار يمدد ولايته التي كان يفترض ان تنتهي في شباط/فبراير، حتى 24 كانون الاول/ديسمبر 2014.
وقال نجم ان quot;بعض اعضاء المؤتمر يريدون التخلص من الحكومة لتبرير تمديد ولايتهم والظهور بانهم جهة القرار الوحيدةquot; في البلاد.