فونتينبلو: كشفت أكبر دراسة مستقلة أجريت على جيل الألفية تمت بالتعاون ما بين معهد إنسياد للأسواق الناشئة، ومؤسسة هيد فاونديشن، ومؤسسة يونيفرسوم، أن جيل الألفية يفضلون الموازنة ما بين التنمية الشخصية والحياة المهنية أكثر من المال والمكانة الاجتماعية، بالإضافة إلى أنهم يتميزون عن غيرهم من الأجيال، بالطموح ويؤمنون بقدرتهم الذاتية على توجيه مسيرة حياتهم المهنية. وتم إجراء هذه الدراسة بهدف معرفة السيناريوهات النمطية المتنوعة لجيل الألفية في بيئة العمل، واكتساب رؤى إضافية وواضحة حول الفئة الهامة من الموظفين، من مواليد الفترة الزمنية ما بين 1984-1996، الذين سرعان ما سيشكلون الشريحة الأكبر من القوى العاملة المستقبلية.

&
ووفقاً للدراسة، فقد فضّل 73% من الذين شملتهم الدراسة حول العالم، الذين تجاوز عددهم 16 ألف شخص، الموازنة ما بين الحياة المهنية والشخصية على جني الرواتب العالية، كما فضّل 82% منهم الموازنة ما بين الحياة المهنية والشخصية على تقلد منصب أعلى في شركاتهم، وذلك على النقيض تماماً من الأجيال التي سبقتهم، الذين وافق 42% منهم على تفضيل عدم العمل بتاتاً على العمل بوظيفة يكرهونها، حيث كانت هذه النزعة أكثر انتشاراً في كل من تشيلي ولبنان والبيرو. وعلى الرغم من سيادة المواضيع العامة، إلا أن الدراسة حددت الاختلافات الإقليمية الرئيسية، بالإضافة إلى الاختلافات ما بين جيل الألفية الأصغر والأكبر سناً.
&
وفي هذا السياق قال بيتر نيلاندر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة يونيفرسوم: "سيشكل جيل الألفية الغالبية العظمى من القوى العاملة خلال الخمس إلى الست سنوات القادمة، ومن وجهة نظر أرباب العمل، فإن الشركات التي ستعمل على تلبية احتياجات جيل الألفية ستتصدر قائمة المؤسسات التي ستستقطبهم وتوظفهم وتحافظ عليهم. وقد أدى نطاق وعمق الدراسة إلى تحديد الاختلافات الإقليمية والمحلية، مؤكدةً على أن النهج المحبب لإدارة هذا الجيل والتواصل معه سيؤدي بالضرورة إلى النجاح".
&
من جهتها قالت فينيكا دي راو، المدير التنفيذي لمعهد إنسياد للأسواق الناشئة: "إن مدى توافر المواهب المدربة والملتزمة يعتبر من العوائق الرئيسية في مسيرة الأعمال ضمن الأسواق الناشئة. ومن الأهمية بمكان معرفة العوامل التي تؤثر على القرارات المهنية والسلوك القيادي لهذا الجيل الذي كثر الحديث حوله".
&
خلافاً لما هو شائع، جيل الألفية يحدد خياراته بنفسه
لا تعد العائلة والأصدقاء من العوامل الرئيسية المؤثرة على طبيعة مهنة جيل الألفية، حيث أفاد 5% فقط ممن شملتهم الدراسة إلى أن أصدقائهم يؤثرون بقوة على خياراتهم، وهذا الاستثناء الوحيد كان في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث يأخذ الأشخاص هناك بعين الاعتبار آراء أصدقائهم. أما جيل الألفية الذي ولد في محيط العام 1996، فإن آراء أصدقائهم تحظى بدرجة أقل من الأهمية مقارنةً بجيل الألفية الأكبر سناً، فقد أشار 10% فقط من المشاركين في الدراسة بأن آراء آبائهم مهمة، ما يسلط الضوء على تحلل الروابط ما بين مفهوم "الآباء المسيطرون"، الذين يهيمنون وبقوة على القرارات والخيارات المهنية لأبنائهم، والآباء المؤثرون على واقع القرارات المهنية لأبنائهم، فقد أضحى جيل الألفية أكثر استقلالاً مما كان يعتقد في البداية.
&
بالرغم من تفضيلهم الموازنة ما بين حياتهم المهنية والشخصية، إلا أن جيل الألفية يتطلع إلى القيادة
من أهم الدوافع الرئيسية المهنية السعي لأن تصبح رائداً أو تحتل منصب إداري رفيع، حيث أكد 41% من المشاركين في الدراسة أن هذا الأمر مهم جداً بالنسبة لهم، ومن الدوافع الأساسية لكي تصبح رائداً امتلاك المال (35%)، والنفوذ (31%)، واغتنام الفرصة لتقلد منصب استراتيجي (31%)، ما يشير إلى أن الدافع الرئيسي لجيل الألفية كي يصبح رائداً ينبع من الداخل، ولا علاقة له بالدور القيادي التقليدي لإدارة وتدريب الموظفين الآخرين. أما الاستثناء لهذا التوجه فنجده في نيجيريا وجنوب أفريقيا، حيث أفاد 70% من جيل الألفية اللذين شملتهم الدراسة أهمية أن يكونوا مدراء أو قادة لباقي الأشخاص. في حين أبدى جيل الألفية الأصغر سناً اهتماماً أكثر نسبياً في التدريب والتوجيه كجزء من الدور القيادي.
&
ورغم كون القيادة تمثل الهدف الرئيسي، إلا أن أهمية الألقاب تختلف اختلافاً كبيراً في مختلف أنحاء العالم، فعلى الرغم من أهميتها في كل من أفريقيا، وآسيا، والمحيط الهادئ، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، نجد أن لا أهمية تذكر للألقاب في وسط وشرق أوروبا، ولا ترتبط بهذا الموضوع في كل من أمريكا الشمالية، وأوروبا الغربية. كما يهتم جيل الألفية الأصغر سناً بدرجة أقل بالألقاب، بالمقارنة مع من ولد في العام 1984.
&
وبالنسبة إلى مدى أهمية أن يصبح المرء مديراً، فقد أشار 24% ممن شملتهم الدراسة أنهم يرغبون وبقوة بالحصول على مهنة بمسار صعود سريع، وترقيات متواصلة. في حين ركز معظم أفراد جيل الألفية على النمو وتعلم الأمور والمواضيع الجديدة (45%)، وهو ثاني أهم هدف لهم في الحياة بعد الموازنة ما بين الحياة المهنية والشخصية. أما الخوف الأكبر لحوالي 40% من المشاركين في الدراسة على الصعيد العالمي فقد تجسد في التورط بوظيفة لا تمتلك أية فرص للتنمية.
&
وقال هنريك برسمان، المدير الأكاديمي لدى مؤسسة هيد فاونديشن والأستاذ المشارك في منهاج السلوك التنظيمي لدى كلية إنسياد لإدارة الأعمال: "سيشغل جيل الألفية في المستقبل القريب مناصب قيادية هامة على الصعيد العالمي، سواءٌ كان ذلك في قطاع الأعمال، أو الأوساط الأكاديمية، أو القطاع الحكومي، أو في قطاع المنظمات غير الربحية. لكن السؤال هنا، هل سيكونون على استعداد للقيادة؟ إذا كان الأمر كذلك، فكيف سيتمكنون من ذلك، وكيف ستقوم الأجيال السابقة بتحديدهم واستيعابهم ومن ثم تطويرهم وإعدادهم لمواجهة التحديات الهائلة التي سيتعرض لها العالم، وكيف ستعتمد الإجابات على هذه الأسئلة على السياق المحلي والإقليمي الذي يعيش ويعمل في كنفه قادة المستقبل، ومن أجل الإجابة على هذه الأسئلة بالدرجة الأولى قمنا بإعداد هذه الدراسة".

يرفض جميع أفراد جيل الألفية أن يداروا وفق ذات المنهجية
توجد اختلافات كبيرة بين المناطق فيما يتعلق بصورة وشخصية المدير الكامل، حيث يلعب مفهوم التمكين دوراً كبيراً في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأفريقيا، في حين تبرز النزاهة والخبرة بشكل رئيس في وسط وشرق أوروبا، أما جيل الألفية في أمريكا اللاتينية فإنه يقدر المثال الحي الذي يحتذى به والقادر على تقديم المشورة، بينما على المدراء في منطقة الشرق الأوسط تقديم الإجابات عن كل شيء. وبالنتيجة، فإن المدراء القادرين على العمل كقدوة حسنة هو ما ينتظره جيل الألفية الأصغر سناً والنساء بشكل رئيسي.
&
وعند التوجه بسؤالهم عن الفترة الزمنية التي يتوقعون فيها الحصول على ردود أفعال من مدرائهم حول مستوى أدائهم، أجاب 26% منهم أنهم يتوقعون الحصول على استجابة من المدراء بوتيرة أسبوعية، وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 35% في وسط وشرق أوروبا، و31% في أمريكا الشمالية، و30% في منطقة الشرق الأوسط، وجميعها بعيدة كل البعد عن خطط التنمية الشخصية السنوية، فجيل الألفية يتوقع وجود نهج ذو أثر كبير صادر عن الإدارة.
&
هذا ويرى جيل الألفية العالم بنظرية وردية، مختلفة تماماً عن الأجيال التي أبصرت النور بعد الحرب العالمية الثانية، والأجيال التي ظهرت ما بين الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام. فالود وللطف هو من أكثر المعايير أهمية في ثقافة أرباب العمل في المستقبل، وهو ما أشار إليه 64% من المشاركين في الدراسة، الذين عرفوا التنوع بالتنوع الثقافي (85%). وأخيراً، فقد أبدى 8% فقط خشيتهم من أنهم لن يحصلوا على الفرص التي يستحقونها بسبب جنسهم، وتقل هذه النسبة بشكل أكبر عند جيل الألفية الأصغر سناً.
&
وأضافت السيدة فينيكا دي راو: "وفرت هذه الدراسة مقارنة مثيرة للاهتمام حول سلوك جيل الألفية في الدول المتقدمة والناشئة، وذلك من خلال الوصول إلى عدد كبير من المشاركين المقيمين في هذه الاقتصادات التفاعلية. كما أنها تظهر، أن الإفراط في تبسيط التعميمات حول هذا الجيل سيشكل خطراً على المؤسسات وصانعي السياسات، فضلاً عن أنها كشفت عدم مصداقية بعض المفاهيم الشائعة حولهم".
&
&