إيلاف من مراكش: أكدت أرقام ومعطيات تم تداولها، الثلاثاء، بمراكش، ضمن أشغال مؤتمر الطاقة العربي الحادي عشر، أن المنطقة العربية لازالت تعاني فقرا على مستوى إمداد الكهرباء، وأن نسبة مهمة من سكان الدول العربية تعاني من نقص في إمداد الكهرباء أو انعدامه.

فقر الطاقة

ذكر سليمان الجاسر الحربش المدير التنفيذي لصندوق التنمية الدولية (أوفيد)، في معرض مداخلته، خلال جلسة "أمن الطاقة كشراكة عالمية"، التي ترأسها المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية بمصر، أنه على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلتها الدول العربية في توفير الطاقة الكهربائية وتوزيعها، "لايزال أكثر من 36 مليون عربي يعانون من النقص في إمداد الكهرباء أو انعدامه"، مشيراً إلى أن "معظمهم في المناطق الريفية".

أبرز الحربش، في ذات السياق، أن "انقطاع الخدمات الكهربائية، مبرمجاً كان أو غير مبرمج، يمثل تحدياً لمستخدمي الكهرباء، بغض النظر عن الفجوة بين الريف والحضر".

وشدد الحربش على أن "فقر الطاقة" يمثل تحدياً لا يمكن التغلب عليه إلا من خلال الشراكات الاستراتيجية.

محور الطاقة

لاحظ الحربش أن التحديات المتعلقة بأمن الطاقة "ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع أمن المياه والغذاء"، وزاد موضحاً أنه "لا ينبغي أن يغيب علينا، في المنطقة العربية، أن توفير إمدادات الطاقة المستدامة ليس التحدي الوحيد الذي يواجه المنطقة في الأمد البعيد، إذ تجيء ندرة المياه الصالحة للشرب والزراعة في مقدمة هذه التحديات"، مبرزاً أن ما يعرف بمحور الطاقة / المياه / الغذاء هو عتبة التقدم إلى مستقبل مستدام للبشرية.

مزارع ورجل أعمال

رغم أن الجلسة أريد لها أن تتناول "أمن الطاقة كشراكة عالمية"، فإن طبيعة المعطيات التي ساقها الحربش لم تغب عن مداخلة الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز المهنا، مستشار وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية. وهي الجلسة التي تفاعل مع مناقشاتها كل من عباس علي النقي الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وعزيز رباح وزير الطاقة والمعادن والتنمية البشرية المغربي.

وشدد المهنا على أن "أمن الطاقة يعد واحداً من أهم الموضوعات، دوليا وإقليميا، التي لاتهم الاقتصاد العالمي والدول المنتجة والمستهلكة للبترول فقط، بل تهم، كذلك، الأفراد وتمس معيشتهم"؛ وزاد، قائلا إن "أمن الطاقة المتمثل في توفير الكيروسين، مثلا، لمزارع بسيط في أواسط أفريقيا، يساوي في الأهمية، أو قد يزيد على أمن الطاقة لرجل الأعمال الغني في لندن".

الأخوات السبع

إثر ذلك، قدم المهنا لمحة تاريخية عن تطور أمن الطاقة العالمي، فقال عنه إنه تطور مع تطور الاقتصاد نفسه، معدداً ثلاث مراحل رئيسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية: أولى عرفها بــ"مرحلة سيطرة شركات البترول العالمية الغربية، أو ما يعرف بالأخوات السبع، التي استمرت إلى نهاية الستينيات الميلادية. وشملت السيطرة علميات الاستكشاف والإنتاج والتكرير والتسويق وتحديد الأسعار وأخيراً امتلاك التقنية"؛ وثانية، بدأت في بداية السبعينات الميلادية، قال عنها إنها "مرحلة سيطرة دول (أوبك) على السوق، من حيث تحديد كمية الإنتاج والأسعار"، وأنها "استمرت خمسة عشر عاما، ارتفعت خلالها الأسعار من دولار و20 سنتا في 1970 إلى 35 دولارا في 1980". فيما بدأت المرحلة الثالثة مع حدث الغزو العراقي للكويت، الذي قال عنه إنه "أحدث هزة كبيرة في السوق، وفي العلاقات بين المنتجين والمستهلكين، أدت إلى الانتقال إلى المرحلة الثالثة من العلاقات بين الدول المنتجة والمستهلكة، وبروز أمن الطاقة كقضية عالمية مشتركة".

تعاون

توسع المهنا في الحديث عن جديد العلاقة بين الدول المنتجة والمستهلكة، وصولاً إلى محطة انهيار الأسعار، في عامي 2015 و2016، الذي أسفر عن تعاون الدول المنتجة من (أوبك) وخارجها، بشكل لم يسبق له مثيل، من أجل عودة الاستقرار للسوق، مع تركيزها، في نفس الوقت، على مصالح الدول المستهلكة.

وأبرز المهنا أن الدول المنتجة أخذت تأخذ في الاعتبار "إمكان تضرر بعض الدول التي انخفضت أسعار عملتها بشكل كبير، فيما هي تستورد البترول بالدولار الأميركي مثل الهند، وجنوب أفريقيا، وتركيا وبعض دول أميركا اللاتينية"، منتهياً إلى أنه "مع تغير الاقتصاد العالمي والسوق البترولية، وتغير المؤثرين في هذه السوق وتجاربهم، تطور التعاون الدولي البترولي، من حيث التركيز على أمن الطاقة، بشكل حقيقي"، معتبراً أن "الترابط الاقتصادي الكبير بين مختلف الدول وشعوبها، ونمو اقتصادات دول العالم الثالث، لتصبح أكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي من أي فترة مضت، أعطى هذه الدول دورا أهم وأكبر في السوق البترولية، لأنها باتت تهتم بتوفر الإمدادات البترولية على المديين القصير والطويل".