حتى في ظل برنامج خصخصة مبهم ينحاز مستثمرو البرازيل إلى جانب مرشح اليمين جايير بولسونارو الذي يعوّلون على وعوده الاقتصادية أكثر من منافسه اليساري فرناندو حداد في انتخابات الرئاسة.

إيلاف: تقلبت بورصة البرازيل صعودًا وهبوطًا على وقع تصريحات مرشح اليمين المتطرف بشأن كيفية إنعاش اقتصاد أكبر بلد في أميركا الجنوبية ونموها الضعيف بعد سنتين من الكساد التاريخي في سنتي 2015 و2016.

نجح خلال الحملة على كسب ثقة الأسواق بفضل مستشاره الاقتصادي صاحب العقيدة الليبرالية باول غويديس، الذي يتوقع أن يصبح وزيرًا "قويًا" في فريقه في حال فوزه الأحد، والذي وعد بتعديل العقيدة الحمائية البرازيلية التقليدية.

لكن التدابير التي يريد اعتمادها غويديس، الراغب في خصخصة المؤسسات لتخفيف الدين العام تتجاوز، ما يقول بولسونارو إنه مستعد للقبول به بعدما ظل طيلة 27 عامًا كنائب في مجلس النواب يدافع عن المؤسسات الحكومية.

أعلن بولسونارو الذي يتوقع فوزه في الدورة الثانية من الانتخابات أنه لن يخصص الأنشطة الرئيسة في شركتي الطاقة الحكوميتين الكبيرتين "بتروبراس" للنفط والغاز، و"إلكتروبراس" للكهرباء. وهاجم بشكل خاص المستثمرين "الأجانب" الذين اتهمهم بأنهم يريدون "شراء البرازيل" ملمّحًا بشكل خاص إلى الصين. وفي اليوم التالي، تراجع سهم "إلكتروبراس" قرابة 10% في بورصة ساو باولو.

تقول ليزا فيسيدي خبيرة شؤون أميركا اللاتينية في مؤسسة "ذي ديالوغ" (الحوار) الأميركية "إن تسويف بولسونارو حول الخصخصة ربما يعكس افتقاره للخبرة (الاقتصادية)، وعدم وجود موقف واضح لديه بشأن سياسة الطاقة، وميوله الشعبوية".

تضيف أنه من الواضح بالنسبة إليها أن "بولسونارو سيتبع سياسة عامة تقوم على فتح قطاعي النفط والكهرباء أمام الاستثمارات الخاصة".

وهو موقف يجعله محبذًا لدى المستثمرين على منافسه اليساري فرناندو حداد مرشح حزب العمال بزعامة إيناسيو لولا دا سيلفا الذي يريد تفادي مزيد من الخصخصة ويدافع عن مشاركة أكبر للدولة في رأسمال بتروبراس التي تبلغ مديونيتها 70 مليار ريال (16 مليار يورو).

تغيير جذري
تضيف روبرتا براغا من المركز الأطلسي، وهو معهد فكري مقره كذلك في الولايات المتحدة، أن عقيدة باولو غويديس "ستعني إدخال تغيير كبير إن لم يكن جذريًا بالنسبة إلى البرازيل إذا وضعت موضع التنفيذ"، وحتى إذا لم يتم تنفيذها، "من المرجح أن نشهد مجموعة من السياسات الملائمة" للمستثمرين إذا كان الهدف هو تخفيض ديون بتروبراس".

على العكس من ذلك، تقول المحللة إن "برنامج حداد الاقتصادي الذي ما زال غامضًا يثير القلق بين المستثمرين الذين يتساءلون عما إذا كان يمكنه أن يقود البرازيل باتجاه تحسين قدرتها التنافسية". وهم قلقون بشأن مشروع يهدف إلى مواصلة التدابير التي اتخذها الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا لإبقاء هذه الشركات في عهدة الدولة.

تحتل البرازيل المرتبة 153 على لائحة تضم 180 دولة في ما يتعلق بحرية تنظيم المشاريع التجارية، بحسب تصنيف سنوي لمؤسسة "هيريتيج فاونديشن" الفكرية الأميركية.

وهي تشغل من حيث القدرة التنافسية المرتبة 72 من 137 خلف جنوب أفريقيا وتركيا، وفق المنتدى الاقتصادي العالمي. بشكل عام، يعتزم بولسونارو مواصلة الخصخصة التي بدأها الرئيس المنتهية ولايته اليميني الوسطي ميشال تامر.

إلا أن المرشح اليميني المتطرف، الذي حصل على 59% من نوايا التصويت وفقًا لآخر استطلاعات الرأي، قال إنه "لا يمكن خصخصة ما هو استراتيجي"، وعنى بذلك على وجه الخصوص البنوك العامة التي لن تُطرح للبيع.

أما بالنسبة إلى القطاعات الأخرى، فاقترح صيغة "الأسهم التفضيلية" التي من شأنها أن تسمح للحكومة بالمحافظة على سيطرتها على الشركات حتى بحصة متدنية.

تقول فيسيدي إن "المستثمرين يتابعون الوضع من كثب. الأمر المؤكد أنه في ظل بولسونارو لن تعود البرازيل إلى الاستراتيجية الوطنية لإدارة الموارد التي اعتمدها لولا والتي سيدافع عنها حداد بالتأكيد إذا أصبح رئيسًا".
&