وافقت الإدارة الأميركية على منح إعفاءات محدودة وموقتة لليابان والهند وكوريا الجنوبية بحسب بلومبيرغ لكي تواصل استيراد النفط الإيراني مقابل تخفيض الاستيراد وبهدف منع ارتفاع أسعار النفط.

إيلاف من لندن: هبطت أسعار النفط أمس الخميس بسبب مخاوف من تراجع الإمدادات وضعف الطلب العالمي وتوقعات التباطؤ الاقتصادي العالمي.

مخاطر العجز
وانخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم يناير 37 سنتًا أو 0.49% إلى 74.67 دولارا&للبرميل.

وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 29 سنتًا إلى 65.02 دولارا للبرميل. كما تراجعت أسعار النفط الجمعة كرد فعل على تقارير بارتفاع الإنتاج العالمي، رغم المخاوف من تأثير العقوبات الأميركية على إيران، التي يبدأ تطبيقها في بداية الأسبوع المقبل.&

سجل مزيج برنت القياسي 72.60 دولارا للبرميل، وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 63.45 دولارا للبرميل. وهذا يعني أن برنت خسر 12% من سعره منذ بداية شهر أكتوبر، وخسر غرب تكساس الوسيط أكثر من 13% من سعره في الفترة عينها.

رغم العقوبات الأميركية التي تستهدف الصادرات الإيرانية، والمقرر أن تدخل حيز التطبيق في 4 نوفمبر المقبل، فإن أسعار النفط هبطت نحو 13 دولارا منذ وصولها إلى أعلى مستوياتها في 4 سنوات في أوائل أكتوبر الحالي.

وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، يوم السبت الماضي، إنه لا يوجد سبب يدفع روسيا إلى تثبيت أو خفض مستويات إنتاجها النفطي، مشيرًا إلى أن هناك مخاطر بأن تواجه أسواق النفط العالمية عجزًا.

وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية، وروسيا غير العضو في المنظمة، اتفقتا في يونيو الماضي على زيادة إمدادات النفط، لكن المنظمة لمّحت في الأسبوع الماضي إلى أنها قد تضطر لإعادة تطبيق تخفيضات في الإنتاج مع ارتفاع المخزونات العالمية.

تصدير النفط الإيراني لن يتوقف كليًا&
الصين والهند وتركيا لا تزال تستورد النفط الإيراني حتى اليوم، أي ساعات قليلة قبل دخول العقوبات الأميركية ضد إيران حيز التنفيذ. وتشير التقارير الإخبارية إلى أن هناك توترًا داخل الإدارة الأميركية نفسها، يتركز حول كيفية الضغط على الدول المستوردة للنفط الإيراني.&

يطالب جون بولتون مستشار الأمن القومي بوقف كلي للتصدير الإيراني، لكن الخارجية الأميركية تريد منح إعفاءات إلى بعض الدول لمنع ارتفاع الأسعار نحو مستويات غير مقبولة أميركيًا.

وحسب بلومبيرغ، وافقت الإدارة الأميركية على منح إعفاءات محدودة وموقتة لليابان والهند وكوريا الجنوبية لكي تواصل استيراد النفط الإيراني مقابل تخفيض الاستيراد وبهدف منع ارتفاع أسعار النفط.

الصين المستورد الأكبر للنفط الإيراني تبقى الرقم الصعب في حسابات الرئيس ترمب. إنها منافس وغير قابلة للضغوط التي تمارسها واشنطن عادة على الحلفاء. ورفضت الصين الطلب الأميركي بالتوقف عن شراء النفط الإيراني، لكنها وافقت على عدم زيادة حجم المشتريات من إيران. ترى الصين فرصة استثمارية مهمة في إيران بعد نزوح الشركات الأوروبية والأميركية من إيران. وقد تسعى الصين إلى استعمال مسألة العقوبات على إيران كورقة تفاوض مع واشنطن في الحرب التجارية بين البلدين حسب بلومبيرغ.

وتصر تركيا أكبر رابع مستورد للنفط الإيراني على الاستمرار في شراء النفط الإيراني، ولكن اليابان وكوريا الجنوبية أوقفتا استيراد النفط الإيراني كليًا. الهند تطلب إعفاءات، لأن المصافي الهندية تفضل الخام الإيراني الثقيل. بينما المصافي الصينية تحتاج النفط الخام، وستستورد من أي مصدر كان. وهي الآن نشطة في تخزين النفط الإيراني. وفضلًا عن إيران لا تزال الأسواق تعاني من أزمة فنزويلا، التي فقدت أكثر من 50% من طاقتها الإنتاجية، لأقل من مليون برميل يوميًا. ناهيك عن مشاكل أمنية في نيجيريا وليبيا. إضافة إلى نقطة مهمة هي إلغاء أو تأجيل استثمار ما يقارب 1 ترليون دولار في مجالات البحث وتطوير مصادر نفط وغاز جديدة خلال سنوات أسعار النفط المنخفضة 2014-2017.

قلق من تراجع النمو الاقتصادي العالمي
من جهة أخرى، يتزايد القلق بشأن تباطؤ أو حتى تراجع النمو الاقتصادي العالمي، الأمر الذي قد يؤدي إلى هبوط في الأسعار نتيجة لتراجع الاستهلاك وارتفاع إنتاج النفط الخام. الأسعار المنخفضة قد تشجع على تقليل الإنتاج وتحفيز تصاعد الاستهلاك. ومن فوائد الأسعار المنخفضة أنها تساهم في زيادة النشاط الاقتصادي، لكن الهبوط الكبير في الأسعار يحمل مخاطر تراجع الاستثمار في قطاعات الغاز والنفط.

قد يحاول أعضاء أوبك دعم الأسعار بتخفيض الانتاج بالتنسيق مع شركاء أو منتجين من خارج أوبك مثل روسيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة بعض المنتجين لحصصهم في السوق. كما يعتقد بعض المحللين أن دعم أسعار النفط وسط تباطؤ اقتصادي عالمي قد لا ينجح. لذا أفضل سيناريو لأوبك هو تقليل احتمالات ارتفاع المخزونات النفطية وتجنب انهيار الأسعار.

يتزايد القلق حول سلامة الاقتصاد العالمي وتأثير ذلك على أسعار النفط التي شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال شهر أكتوبر الماضي. وتترقب الأسواق مدى تأثير العقوبات الأميركية على النفط الإيراني ورغم تطمينات روسيا والسعودية إلى أنها ستعوّض أي نقص في السوق، إلا أن الصادرات الإيرانية لن تتوقف تمامًا، وقد تفقد جزءًا كبيرًا من صادراتها النفطية، ولكن الإنتاج السعودي والروسي سيعوّضان هذا النقص وكذلك الإنتاج الأميركي المتصاعد، مما قد يخلق تخمة، رغم العقوبات على إيران.

ناقلات النفط الإيرانية تتحدى العقوبات
في سياق مواز، قالت رويترز إنه من الصعب تقييم الكميات النفطية التي ستصدرها إيران بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ والأسواق تحتاج أن تعرف الأرقام، ولكن نقلًا عن مصادر في قطاع النفط تقول رويترز إن معرفة حجم صادرات إيران من الخام تزداد صعوبة مع قيام السفن بإغلاق أنظمة التتبع، ما يفاقم حالة الغموض التي تكتنف مدى عزوف المشترين عن النفط الإيراني خوفًا من العقوبات الأميركية. ومن شأن تخزين مزيد من النفط أن يجعل مسألة تحديد أرقام الصادرات أكثر صعوبة.

ووسط ضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهدئة أسعار النفط، فإن عدم وضوح الصورة في ما يتعلق بالصادرات يزيد صعوبة التحدي الذي تواجهه الدول الأعضاء في أوبك، وبصفة رئيسة السعودية، أكبر منتج في المنظمة، لتعويض انخفاض الشحنات الإيرانية.

يشار إلى أن إيران ثالث أكبر منتج للنفط الخام في أوبك، وتتفاوت التقديرات حول صادراتها في أكتوبر بأكثر من مليون برميل يوميًا، وهي كمية تكفي لتغطية احتياجات تركيا من النفط وتحريك الأسعار في السوق العالمية التي يقدر حجمها بنحو 100 مليون برميل يوميًا.&

وحتى إبريل الماضي، أي قبيل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن حزمة العقوبات ضد إيران، بلغت صادرات إيران 2.5 مليون برميل يوميًا.

تراجعت الصادرات الإيرانية في النصف الأول من شهر أكتوبر إلى 1.8 مليون برميل يوميًا، وهذا الرقم قد يتناقص إلى حدود مليون برميل يوميًا أو حتى 800 ألف برميل يوميًا. وتلجأ إيران أحيانًا إلى بيع النفط من خلال كيانات غير حكومية وشركات خاصة، وهذه بدورها تبيعه إلى من يرغب في الشراء.

لكن لا توجد أرقام دقيقة. ومما زاد الأمر تعقيدًا أن شاحنات النفط الإيرانية المتجهة نحو آسيا تغلق أجهزة التتبع لإخفاء موقعها وإلى أين تتجه.
&
ربما يخلق ذلك مشكلة لخدمات تتبع السفن التي تحاول أن تحدد بدقة تاريخ، أو حتى ساعة، تحميل الناقلة بشحنتها من الخام.
وهناك تكهنات بأن كميات كبيرة من الخام الإيراني ستتوجه إلى ميناء داليان في شمال شرق الصين خلال هذا الشهر للتخزين، وفي أوائل نوفمبر.

لتخفيف التصعيد مع واشنطن وسط حرب تجارية شرسة من المتوقع أن تخفض الصين استيراداتها النفطية من إيران في شهر نوفمبر الحالي. ورغم ذلك ستواصل إيران تصدير نفطها إلى مشترين، مثل الهند والصين، بغرض التخزين، وليس الاستهلاك، ما يزيد صعوبة تحديد كميات النفط التي تصل إلى السوق، بحسب بعض المصادر المطلعة.

كما تشير البيانات إلى أن صادرات الخام الإيراني في أكتوبر لا تزال منخفضة عن مستوى 2.5 مليون برميل يوميًا على الأقل في إبريل، قبل أن يعلن ترمب في مايو انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية إيران النووية، ويعيد فرض عقوبات عليها. وهبطت الصادرات دون 1.2 مليون برميل يوميًا تحت وطأة عقوبات سابقة تم رفعها في أعقاب توقيع الاتفاقية النووية في 2015.

وقالت واشنطن إنها تريد خفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر، لكن إيران والسعودية تقولان إن تحقيق ذلك أمر مستبعد. وتدرس إدارة ترمب منح إعفاءات من العقوبات إلى الدول التي تقلص وارداتها من الخام الإيراني.

أما إيران فذكرت أن أميركا ستمنح إعفاءات إلى دول مستوردة، ما سيتيح لشحناتها أن تستمر بمستوى أقل، إذ تدّعي أن السعودية والمنتجين الآخرين لا يستطيعون تعويض صادراتها بالكامل.

&


&