رغم الحديث عن بعض الخصومات التي تجاوزت نسبتها الـ20%، تشهد سوق العقارات والشقق في لبنان تباطؤًا ملحوظًا، فكيف يؤثر ذلك على الإقتصاد اللبناني عمومًا؟.

إيلاف من بيروت: كشفت دراسة جديدة أجرتها شركة رامكو للاستشارت العقارية عن أن متوسط سعر الشقة السكنية قيد الإنشاء الواقعة في الطبقة الأولى في بيروت يبلغ 3.359 دولارًا أميركيًا للمتر المربع، بحسب بيان للشركة.

وبحسب البيان، شملت الدراسة 252 مبنًا سكنيًا قيد الإنشاء في بيروت الإدارية، وبلغ متوسط ارتفاع هذه المباني 13 طبقة، مما يعني أن متوسط ارتفاع الشقق يقع في الطبقة السادسة.

يبلغ متوسط حجم الشقة الجديدة حاليًا 182 مترًا مربعًا، وبما أن متوسط الزيادة لكل طبقة يبلغ 75 دولارًا أميركيًا للمتر المربع، فإن متوسط قيمة الشقة الجديدة يبلغ 679.588 دولارًا أميركيًا قبل التفاوض.

وأشار البيان إلى أنه "تختلف هوامش التفاوض من مطور إلى آخر، بعض المطورين يقاومون ضغوط السوق، ولا يظهرون مرونة في الأسعار، بينما البعض الآخر أكثر مرونة، كما إن بعض الخصومات تجاوزت 20%. لذلك تقدر رامكو أن معدل الحسومات على الأسعار المدرجة تتراوح بين 10-15 %، ما يعني أن متوسط قيمة شقة قيد الإنشاء يبلغ 594.639 دولارًا أميركيًا بعد عملية التفاوض.

يعود الانخفاض في متوسط قيمة الشقق الجديدة في بيروت إلى هوامش المفاوضات المتزايدة في ظل التباطؤ الحالي في سوق العقارات في بيروت. وقد تأثرت أيضًا بتخفيض المساحات المعروضة، والتي تقلّصت مع مرور الوقت. فقد انخفض متوسط مساحة الشقة الجديدة بـ 128 مترًا مربعًا بين عامي 2009 و2017. لذلك أصبحت الشقق التي يزيد حجمها على 250 مترًا مربعًا منتجًا نادرًا.

بطبيعة الحال، يضيف البيان، فإن المناطق الأغلى ثمنًا هي تلك التي تقع في منطقة وسط بيروت (BCD) وعلى طول الساحل، بأسعار تبدأ من 5.000 دولار أميركي للمتر المربع. وعلى العكس من ذلك، في الغالبية العظمى من أحياء العاصمة بيروت، تتراوح أسعار الشقق قيد الإنشاء ما بين 2.000 إلى 3.000 دولارًا للمتر المربع ، تبعًا لمستوى الطبقة.

اختلاف الأسعار
يقول روبير ضومط (متخصص في بيع العقارات) لـ"إيلاف" إن أسعار متر الأراضي تختلف بين منطقة وأخرى. فمثلًا منطقة الأشرفية في بيروت مقسمة بحسب المناطق، فهناك أراض، المتر المربع فيها يساوي 3 آلاف دولار، وأخرى 4 آلاف دولار، وذلك بحسب الأحياء. أما خارج بيروت فإن الأسعار أدنى من ذلك، فمنطقة عين سعادة مثلًا يبلغ سعر متر الأرض فيها 500 أو 600 دولار. في حين يبلغ متر البناء في عين سعادة أيضًا، إذا كان المنزل قديمًا حدود الـ 1000 دولار، والجديد 1500 إلى 1700 دولار.&

في الجنوب وسائر المناطق - يتابع ضومط - فإن الأسعار أقل من ذلك، ويتم تصنيف الأسعار بحسب كثافة السكان والتجارة، بخلاف قرية &لا حياة عملية فيها، وقد شهدت العقارات تراجعًا ملحوظًا في مبيعها.

تفوق إمكانياتهم
من جهته يقول المتخصص الاقتصادي الدكتور كمال حيدر لـ"إيلاف" إن تراجع قطاع العقارات في لبنان سببه الرئيس الحالة الأمنية المتدهورة في سوريا.

أما كيف يؤثر تراجع قيمة المبيعات العقارية على اقتصاد لبنان؟. فيقول "برأيي هو مؤشر سلبي أكثر منه إيجابي، لأنني أنظر إلى الأجيال الصاعدة، فلا يكفي اليوم أن نقول إن التاجر ربح مثلًا في بيع عقاره، ما يهمني هو هل يستطيع الشباب اليوم تأمين الشقق مع وجود أسعارها المرتفعة نسبة إلى ما كانت عليه في الماضي البعيد؟. اليوم أصبح الأمر أكبر من إمكانياتهم، وبما أن الأجور لم ترتفع مع الغلاء، فإن الشباب لن يستطيعوا شراء شقق لهم وتأمين مستقبلهم.

يتحدث حيدر عن الأجانب في لبنان الذين لديهم "كوتا" محددة لشراء ما يقارب الـ3%، لكن الأكثرية يسجلون العقارات بأسماء لبنانيين، ولا نغش أنفسنا، ونقول إن هناك هجومًا على العقارات من الأجانب والعرب، فهذا ما نسمعه كثيرًا من السياسيين والإعلام، واليوم في لبنان لا استقطاب كما في الماضي للخليجي في الدرجة الأولى والميسور جدًا، لأنه يفضّل مثلًا أن يمضي فصل الصيف في إسبانيا وفي ماربييا مثلًا.

يضيف إن "المستثمرين في لبنان يتريثون كثيرًا قبل شراء العقارات فيه، والأمر عائد في الدرجة الأولى إلى مجريات الأحداث السورية وعدم تشكيل الحكومة، ومدى تأزم الأوضاع السياسية في لبنان، ما يجنّب أي مستثمر عربي أو حتى أجنبي التوجّه إلى لبنان، وخوض غمار الاستثمار فيه، من هنا يبدو اليوم أن الحركة الاستثمارية في العقارات في لبنان ضعيفة جدًا، علمًا أن المواطنين أنفسهم لا يملكون في غالبية الأحيان الأموال اللازمة لشراء أي عقار أو منزل، حتى مع الحديث عن نسبة في انخفاص الأسعار في الشقق الذي يشهده لبنان".
&