طنجة : كشفت ندوة في طنجة، شارك فيها مسؤولون أفارقة كبار أن التخوفات الاقتصادية تشكل أبرز التحفظات التي يصادفها طلب انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، بالإضافة إلى كون النطاق الجغرافي الحالي لميثاق المنظمة لايشمل المغرب.

وقال توماس بوني يايي، رئيس بنين سابقا ورئيس سابق للاتحاد الإفريقي، إن الحاجز الجغرافي لايعتبر عائقا جديا أمام انضمام المغرب، الذي حصل على الموافقة المبدئية لرؤساء الدول ال 15 المكونة لمجموعة إيكواس.&

وأضاف بوني بابي ، الذي كان يتحدث أمس خلال الندوة الافتتاحية للدورة 11 لمنتدى ميدايز بطنجة"إن رؤساء "إيكواس " شكلوا في قمتهم الأخيرة لجنة من خمس رؤساء دول لدراسة الملف المغربي وتقديم وثيقة بشأنه للقمة المقبلة". وأضاف بوني بابي أن من بين الاقتراحات تعديل اتفاقية "إيكواس" ليفسح المجال أمام توسيع المنظمة الإقليمية إلى المغرب، وأيضا موريتانيا التي قدمت بدورها طلبا للانضمام، وتونس التي قدمت طلبا لقبولها كعضو ملاحظ.

وأشار بوني يايي أن المغرب ليس غريبا عن منطقة غرب إفريقيا، بل هو عضو في عائلتها، تجمعه معها روابط التاريخ والدين والدم، إضافة إلى حضوره الاقتصادي القوي، إذ أصبح أول مستثمر في هذه المنطقة.&

وفي رده على التحفظات التي عبرت عنها بعد الأوساط الاقتصادية، أشار بوني إلى أن القارة الإفريقية بكاملها مقبلة على إنشاء منطقة للتجارة الحرة، ما يجعل هذه التحفظات خارج السياق.

من جانبه ، قال مصطفى سيسي لو، رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا"هدفنا هو خلق مجموعة إقليمية قوية اقتصاديا، وانضمام المغرب بقدراته ومؤهلاته سيمكننا من تحقيق هذا الهدف"، مشيرا إلى أن سوق "إيكواس" سيرتفع حجما بعد انضمام المغرب إلى 400 مليون مستهلك، وسيصل إنتاجها الخام الداخلي إلى 800 مليار دولار.&

وأضاف أن انضمام المغرب مفيد للطرفين، لأن المغرب بدوره يعتبر أن استمراره في التطور وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات وكسب الرهانات يتطلب منه الانضمام إلى مجموعة إقليمية قوية اقتصاديا.

من جانب آخر ، دعا بوبو سيسي، وزير المالية والاقتصاد في مالي، إلى التركيز على الجانب الاقتصادي عند الحديث عن طلب انضمام المغرب إلى إيكواس. وقال "إن الرهانات السياسية سرعان ما تفقد بريقها وراهنيتها، وبالتالي تتراجع المشاريع المبنية على أساسها، أما الرهانات الاقتصادية فتتميز بطول مداها واستمرارها".&

وأشار إلى أن الروابط التاريخية الراسخة بين المغرب ودول غرب إفريقيا أسست في الماضي على المصالح التجارية، مشيرا إلى أن تجارة القوافل هي التي نسجت هذه الروابط الدينية والثقافية والتاريخية.

وبخلاف ذلك، يرى موسى مارا، رئيس سابق لحكومة مالي، أن العامل السياسي يبقى حاسما أكثر من العامل الاقتصادي في ما يتعلق بانضمام المغرب لمجموعة "إيكواس".&

وقال "الرهانات الأساسية لدول المنطقة هي رهانات بناء الدولة. صحيح أن حجم الاقتصاد مهم، لكن عندما تكون الدولة ضعيفة وغير قادرة على إدارة دفة التنمية لصالح السكان فلا يمكن الحديث عن الاقتصاد".&

وأضاف أن المغرب لديه تجربة رائدة ويمكن أن تستفيذ منها دول المنطقة. كما أن المغرب سيشكل بالنسبة للمنطقة ربطا إضافيا بالاقتصاد العالمي، اعتبارا لكونه يشكل قطبا ماليا إقليميا مزدهرا ومركزا للنقل والتجارة الدولية، إضافة إلى دور الجامعة المغربية في تكوين الأطر العسكرية والمدنية لدول المنطقة.

أما مبارك لو، المستشار الاقتصادي للرئيس السنغالي، فيرى أن انضمام المغرب لـ "ايكواس" لا يصادف أي اعتراض من طرف الاتحاد الإفريقي الذي قسم القارة إلى خمس مناطق إقليمية ضمنها غرب إفريقيا. وأضاف لو "إن انضمام المغرب لغرب إفريقا يخدم أهداف الاتحاد الإفريقي الرامية إلى تحقيق اندماج اقتصادي في كل منطقة على أسس منطقية وعقلانية"، مشيرا إلى أن "إيكواس" ستحتل مع انضمام المغرب المرتبة 15 كأقوى اقتصاد في العالم، وستتعزز مرتبتها إلى الرتبة العاشرة في 2030.

من جانبه ، دعا محمد توفيق ملين، مدير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بالمغرب، إلى ضرورة التزام التروي والحكمة والتدرج فيما يتعلق بانضمام المغرب إلى مجموعة" إيكواس". وأشار ملين إلى أن الأمر لا يتعلق بتراجع أو فتور في طلب المغرب، وإنما بوجود العديد من الإشكالات التي تتطلب حلا، خاصة الإشكاليات الأمنية في بعض دول المنطقة، وقضية الهجرة، ومسألة العملة الموحدة لمجموعة "إيكواس"، رغم أنه اعتبر أن "موعد 2020 الذي حددته المنظمة لتحقيق هذا الهدف غير واقعي".

وأشار ملين إلى أن على المغرب أن يكيف قيادة استراتيجياته الاقتصادية والتنموية مع الواقع الجديد، مشيرا إلى أنه كان يخطط على الصعيد الوطني، ومع انضمامه للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا أصبح عليه أن يخطط على مستوى هذه المجموعة، وأن يأخذ مصالحها وقوانينها بالاعتبار.

وأكدفيصل مكوار، نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن عالم الأعمال المغربي والإفريقي يعملان معا ويتعاونان، مشيرا إلى أن استثمارات المغرب في غرب إفريقيا ارتفعت من 500 مليون دولار إلى 1.2 مليون دولار خلال العقد الأخير، وكلها استثمارات أنجزت في إطار شراكات مع فاعلين محليين.

وأشار إلى أن المشاورات قد بدأت بين رجال الأعمال المغاربة ونظرائهم في دول غرب إفريقيا، وأن هناك اقتناع لدى الطرفين بأن الاتحاد سيكون في مصلحتهما معا وسيعزز موقع رجال أعمال المنطقة على الصعيد العالمي.