موسكو: لم يكن يخطر في بال نخبة عالم المال والأعمال التي ستشارك في منتدى دافوس العام المقبل بانها قد لا تتذوق الكافيار والفودكا من روسيا في ظل تراجع اقتصاد هذا البلد بسبب العقوبات الغربية، وتهديد الكرملين بمقاطعة الملتقى السنوي في جبال الألب السويسرية.

وأثارت المعلومات التي تحدثت عن طلب منظمي المنتدى الاقتصادي العالمي من كبار رجال الأعمال الروس المقربين من الكرملين عدم حضور الاجتماع المرتقب في يناير حفيظة روسيا، التي تزداد عزلتها جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.&

وحذر رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف هذا الأسبوع من أن روسيا لن ترسل وفداً إلى منتدى دافوس إذا لم يدع إليه كبار رجال أعمالها أوليغ دسريباسكا وفيكتور فيكسيلبرغ وأندريه كوستين.

وتعليقا على السجال، قال الخبير في الشؤون الروسية لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بافيل باييف إن روسيا "فقدت أهميتها في دافوس".

وكتب في موقع "يورآجيا دايلي مونيتور" بعد منتدى العام الماضي أن "الشؤون الروسية كانت تحظى باهتمام كبير في دافوس". لكن الحال تغيّر حيث "يعاني الاقتصاد الروسي من الركود، متأثرا بشدة بالفساد وغياب القوى المحركة له".&

وكان ديريباسكا تحديدا الشخصية الأكثر ارتباطا بدافوس حيث عرف عن قطب الألمنيوم الملياردير إقامته حفلات صاخبة على هامش المنتدى، حتى أن قناة "دوشت" الروسية الليبرالية لفتت مازحة الأسبوع الماضي إلى أن دافوس "خسر ملك حفلاته".

ونمت ثروات رجال أعمال على غرار ديريباسكا في ظل دافوس على أنقاض الاقتصاد السوفياتي. وفي تسعينات القرن الماضي، اقترحت روسيا إصلاحاتها خلال دافوس. وفي العام 1996، أعرب رجال أعمالها خلال المنتدى عن دعمهم إعادة انتخاب بوريس يلتسن.&

ونظمت روسيا عرضا مبهرا في دافوس 2008، حيث أقامت أمسية استثنائية في حلبة تزلج بحضور مجموعة من الطهاة وأفضل المتزلجين الروس.

"جزء من اللعبة"

وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن رجال أعمال على غرار أثرياء روسيا هم من أضفى على دافوس الجاذبية التي بات يتمتع بها اليوم.&

وقال بيسكوف للصحافيين إن "ديريباسكا وفيكسيلبرغ وكوستين لم يتحولوا إلى من هم الآن بفضل المنتدى، بل أن منتدى دافوس أصبح على ما هو عليه بفضل رجال أعمال من هذا النوع".

وبدأ نفوذ روسيا في دافوس بالتراجع منذ العام 2014، عندما فرض الغرب عقوبات إثر ضمها شبه جزيرة القرم الأوكرانية. وديريباسكا وفيكسيلبرغ وكوستين شملتهم جميعا لائحة الأفراد الخاضعين لعقوبات أميركية.

وأكد المحلل المالي والمتابع للشأن الروسي كريس وايفر أن نفوذ روسيا في دافوس بلغ ذروته في 2008 قبل أن يبدأ بالتراجع مذاك. وفي ظل تراجع وزن البلاد الاقتصادي على الصعيد العالمي كذلك، لم يكن بإمكان روسيا تجنب ابتعادها عن الأضواء.&

وقال وايفر "شكل العام 2018 نقطة تحول. كان العام الماضي مؤذيا أكثر عندما تعلق الأمر بالعقوبات مقارنة بالسنوات السابقة". وكانت روسيا قبل التطورات الأخيرة تؤكد أنها سترسل وفدا أكبر إلى دافوس العام المقبل.&

وفي منتصف أكتوبر، قال أنتون كوبياكوف، أحد مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن هناك "اهتمام بالغ (بالمنتدى) من قبل ممثلي الجانب الروسي والوفود الدولية" على حد سواء.&

وأكد "نحن بحاجة ملحة إلى توحيد صفوف المجتمع الدولي المستعد للتعاون". بدوره، استبعد وايفر أن ينفذ الكرملين تهديد مدفيديف الذي يعد موجها أكثر "للداخل" الروسي.&

وتوقع بأن ترسل موسكو "وفدا مصغرا" إلى دافوس مؤكدا أن استراتيجيتها الاقتصادية لا تزال تتمثل بـ"عدم السماح للسياسة السيئة بالتأثير على الأعمال التجارية الجيدة".&

وأضاف "هناك خيبة أمل كبيرة من الجانب الروسي جراء العقوبات. لكنهم سيذهبون إلى دافوس (...) سيحضرون لكن دون توقعات كبيرة. هذا جزء من اللعبة".&