يشارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أعمال المنتدى رفيع المستوى بين أفريقيا وأوروبا لتعزير الشراكة بينهما، ويعقد العديد من اللقاءات مع مسؤولين سياسيين واقتصاديين في العاصمة النمساوية فيينا، في زيارة رسمية تستمر 4 أيام.

إيلاف من القاهرة: يبدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارة إلى النمسا، هي الأولى لرئيس مصري منذ 12 عامًا، للمشاركة في المنتدى الأفريقي الأوروبي لتعزيز الشراكة، إلى جانب لفيف من الزعماء والقادة الأفارقة والأوروبيين، تلبيةً لدعوة كلٍ من المستشار النمساوي سيباستيان كورتز الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، والرئيس الرواندي بول كاجامي الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.

قال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير بسام راضى، إن توجيه الدعوة إلى الرئيس للمشاركة في أعمال المنتدى تنطلق من التقدير لدور ومكانة مصر الأفريقية والإقليمية، لاسيما في ضوء الرئاسة المصرية المقبلة للاتحاد الأفريقي خلال العام المقبل 2019، مشيرًا إلى أنه من المقرر أن تتناول كلمة الرئيس خلال المنتدى رؤية مصر نحو دفع وتعزيز جهود التنمية في أفريقيا.

إضافة جديدة
على الجانب الثنائي بين مصر والنمسا، أوضح راضي، أن زيارة الرئيس للنمسا ستتضمن أيضًا عقد لقاء قمة مع المستشار النمساوي، فضلًا عن مباحثات ثنائية مع عدد من كبار المسؤولين والساسة والمستثمرين النمساويين لبحث أطر التعاون الثنائي خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة، التكنولوجيا والابتكار، التعليم والبحث العلمي، والنقل والسكك الحديدية، فضلًا عن تبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشأن الملفات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

ولفت إلى أن زيارة السيسي للنمسا تاريخية، لأنها تأتي بعد 12 عامًا، إذ كانت آخر زيارة لرئيس مصري إلى فيينا عام 2006، موضحًا أن الرئيس سيحضر المنتدى رفيع المستوى بين اتحادي أوروبا وأفريقيا، الذي سيكون بمثابة انطلاقة الشراكة والتعاون بين القارتين.

وذكر أن المنتدى يختلف عن القمة الأوروبية الأفريقية المعتادة، مشيرًا إلى أن تلك هي القمة الأولى من نوعها وتعتبر إضافة جديدة، ولكن في المسار نفسه، وهو التعاون لخلق المزيد من فرص العمل والاستثمار والاقتصاد والنهوض بالأحوال التجارية والاقتصادية بصفة عامة للدول الأفريقية.

أفاد بأن القمة ستكون فيها جلسة خاصة بالشؤون السياسية وجلسات خاصة لدفع الاستثمار وتفعيله في أفريقيا وخلق فرص عمل والاهتمام بالشباب والابتكار والتكنولوجيا والحكومة الإلكترونية.

جدول لقاءات
وعن برنامج الزيارة، قال سفير مصر في النمسا، السفير عمر عامر، إن السيسي سيستهل برنامج زيارته إلى العاصمة النمساوية فيينا بلقاء مع الرئيس النمساوي صباح اليوم الإثنين.

أضاف عامر، في تصريحات للوفد الإعلامي المصري، أن الرئيس سيلتقي عقب ذلك مع المستشار النمساوي سيباستيان كورتز في مقر المستشارية، ومن المقرر أن يشهد السيسي وكورتز التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين الجانبين.

وأوضح أنه من المقرر أن يلتقي الرئيس السيسي عقب ذلك برئيس البرلمان النمساوي، مشيرًا إلى أن برنامج الرئيس السيسي يوم الثلاثاء المقبل سيشهد المشاركة في أعمال منتدى "أوروبا- أفريقيا" بحضور أكثر من 50 رئيس دولة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

إصلاحات واستثمارات
وقال السفير المصري إن السيسي سيشارك في أكثر من مائدة مستديرة على هامش فعاليات المنتدى. وأشار إلى أن الرئيس سيختتم برنامج زيارته للعاصمة فيينا صباح الأربعاء المقبل، بعقد لقاء مع 12 من كبرى الشركات النمساوية وعدد من رجال الأعمال المصريين والتي تنظمه الغرفة التجارية النمساوية.

وقال إن الرئيس السيسي سيعرض مستجدات الأوضاع في مصر في ما يخص جهود الدولة في الإصلاح الاقتصادي وكل الفرصة الاستثمارية في ما يخص المشروعات القومية الكبرى.

وذكر تقرير صادر من الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن التحرك المصري الخارجي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى النمسا، تحكمه مجموعة من الأهداف ، في مقدمتها العمل من أجل كل ما يعزز الأمن القومي المصري بكل عناصره بمعناها الواسع، ويحقق المصالح الوطنية المصرية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية وغيرها، وأيضًا كل ما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، إضافة إلى دور مصر في قارتها الأفريقية وعلى المستوى الدولي.

دور أفريقي ريادي
وذكرت الهيئة أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس السيسي إلى النمسا لها أهداف عديدة، وتحمل مدلولات ذات أهمية كبيرة تستمدها من واقع مصر الراهن ودورها الإقليمي والدولي، وكذلك من جدول أعمال الزيارة الذي يشمل زيارة ثنائية إلى النمسا، ثم مشاركة مصر على مستوى القمة في لقاء أوروبي- أفريقي يعقد في العاصمة النمساوية فيينا في إطار منتدى أوروبا – أفريقيا.

وقالت: انطلاقًا من الواقع الراهن في مصر، فإن أولويات العمل الوطني هي توفير الدعم الدولي لجهود مصر في تحقيق التمنية الشاملة وتحسين حياة المواطنين وإصلاح الأداء الاقتصادي؛ بما في ذلك جذب الاستثمارات الخارجية وجلب التكنولوجيا المتقدمة والشركاء الدوليين في هذه المجالات وزيادة السياحة والصادرات، في الوقت نفسه فإن تحقيق الاستقرار ومواجهة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط أحد أهداف السياسة الخارجية المصرية حاليًا.

من جانب آخر، فإن دور مصر ومسؤوليتها في القارة الأفريقية يفرضان عليها التواصل مع كل القوى العالمية والمجموعات الدولية لتوفير الدعم السياسي والاقتصادي لتنمية أفريقيا، وفي هذا الإطار سافر الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا مرتين للمشاركة في القمة الألمانية – الأفريقية وإلى الصين للمشاركة في منتدى الصين – أفريقيا وغيرهما، يضاف إلى ذلك أن مصر سوف تتولى في بداية عام 2019 رئاسة الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي يضاعف دورها ومسؤوليتها في هذا المجال.

بحث قضايا سياسية
أضافت الهيئة أنه تجسيدًا لكل ما سبق، جاء برنامج زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى النمسا التي تعد أول زيارة له إلى النمسا وأول زيارة لرئيس مصري منذ (11) عامًا، وتستغرق الزيارة أربعة أيام، من بينها شق ثنائي، حيث يعد الرئيس الوحيد من بين قادة وممثلي (50) دولة الذي وجّهت إليه دعوة إلى زيارة ثنائية قبيل بدء القمة متعددة الأطراف بين أوروبا وأفريقيا.

تتضمن الزيارة الثنائية اجتماعًا مع الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بلين، ثم يجتمع الرئيس السيسي مع مستشار النمسا سباستيان كورتز، حيث سيشهد الزعيمان توقيع عدد من مذكرات واتفاقيات التعاون بين مصر والنمسا، كذلك سيلتقي الرئيس السيسي مع رئيس البرلمان النمساوي، لبحث تعزيز العلاقات بين الشعبين، وفي ختام الزيارة سوف يلتقي الرئيس مع المسؤولين عن نحو (13) من كبرى الشركات النمساوية بحضور عدد من رجال الأعمال المصريين وذلك في لقاء تنظمه الغرفة التجارية النمساوية.

تستهدف جميع هذه اللقاءات بحث سبل زيادة الاستثمارات النمساوية في مصر ودعم التبادل التجاري والتعاون الفني والتكنولوجي والعلمي مع النمسا، كما سيعرض الرئيس السيسي ما حققته مصر من إنجازات في مجال النهوض الاقتصادي والتنمية، إضافة إلى بحث قضايا منطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية والأمن في البحر المتوسط وقضايا الهجرة غير الشرعية والتعاون مع أوروبا من منطلق رئاسة النمسا حاليًا للاتحاد الأوروبي في دورته الحالية التي تستمر حتى نهاية عام 2018

علاقات تجارية مزدهرة
وتكتسب مشاركة السيسي في هذا المنتدى أهمية مضاعفة بالنظر إلى أن مصر تستعد لتولي رئاسة الاتحاد الأفريقي عام 2019، إضافة إلى اهتمامها بدعم التنمية في أفريقيا، فضلًا عن أهمية علاقات مصر مع أوروبا، حيث تمثل صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 40% من إجمالي الصادرات المصرية، بينما تمثل واردات مصر من دول الاتحاد الأوروبي نحو 37% من إجمالي الواردات المصرية، إضافة إلى وجود العديد من الاتفاقيات الشاملة بين مصر وأوروبا، وعلى رأسها اتفاق الشراكة المصرية – الأوروبية التي اكتملت بنهاية العام الحالي جميع مراحل تنفيذه من الطرفين.

وأوضح تقرير هيئة الاستعلامات أن جمهورية النمسا دولة صغيرة في وسط أوروبا من حيث عدد السكان حوالى 9 ملايين نسمة ومن حيث حداثة استقلالها، وكذلك من حيث صغر مساحتها (نحو 84 ألف كيلو متر مربع)، إلا أنها بلد بالغ الأهمية لنا ولمنطقتنا ولأوروبا وللبشرية كلها بفضل قادتها التاريخيين ودورهم وحكمتهم التي جعلت من بلادهم مركزًا دوليًا للسلام والسياحة والثقافة والأمن والحوار العالمي والدبلوماسية.

فالنمسا دولة ذات تاريخ عريق، كانت إمبراطورية في عصر الإمبراطوريات الكبرى، ولكن جمهورية النمسا بوصفها الحالي وحدودها الراهنة، حصلت على استقلالها في عام 1955 بعد ما تعرضت خلال الحربين العالميتين لتغييرات كبيرة سياسية وعسكرية وجغرافية.

وأشار تقرير هيئة الاستعلامات إلى أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والنمسا قد تعززت في الوقت الراهن، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري نحو 400 مليون يورو سنويًا، كما إن هناك ما يقرب من 600 شركة نمساوية تعمل مباشرة في السوق المصري تعمل في قطاعات استثمارية متنوعة هي (الصناعات الكيميائية – النقل - صناعات هندسية - مواد البناء - صناعة الأغذية - العقاقير الطبية والكهرباء). وقد تم تنظيم بعثة استكشافية لرجال الأعمال والشركات النمساوية (6 شركات تعمل في مجالات تشمل تكنولوجيا الري وإدارة النفايات والطاقة وتكنولوجيا إدارة الأعمال والنفط والغاز) إلى القاهرة في مايو 2015، بالتعاون مع الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية والقسم التجاري بالسفارة النمساوية بالقاهرة.

إهتمام إعلامي
تعتبر العلاقات المصرية النمساوية من العلاقات المتميزة تاريخيًا، بسبب دور النمسا التقليدي كدولة محايدة أثناء الحرب الباردة، والعلاقة الخاصة بين المستشار النمساوي السابق كرايسكي والرئيس الراحل أنور السادات وإسهامه في إطلاق عملية السلام، وفي الفترة الأخيرة تعززت هذه العلاقات من خلال زيارات متبادلة.

ففي 16/9/2018 قام دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وسيباستيان كورتز مستشار النمسا بزيارة لمصر، استقبلهما الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتم خلال اللقاء استعراض والتشاور حول عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي والنمسا بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد، وعلى رأسها مشكلة الهجرة غير الشرعية. تطرق اللقاء إلى عدد من الملفات الأخرى مثل الأزمة الليبية والسورية، حيث توافقت الرؤى ووجهات النظر حول استمرار العمل على التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات المختلفة التي تشهدها المنطقة والتي تساهم بشكل أساسي في تفشى ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

تحظى زيارة الرئيس المصري إلى النمسا بإهتمام إعلامي في النمسا، وقالت وكالة الأنباء النمساوية "أ ب أ"، إن قبول السيسي دعوة الرئيس النمساوي إلكسندر فان دير بيلن، لزيارة البلاد، تأتي في إطار إجراء محادثات حول تعزيز التعاون الثنائي.

ووصل الرئيس السيسي، ظهر أمس الأحد، إلى النمسا للمشاركة في منتدى أفريقيا - أوروبا الرفيع المستوى، الذي استضافه الرئيس الرواندي بول كاجامي والمستشار النمساوي كورز.


&