الكلمات مهمة، والطريقة التي تصاغ بها إعلانات الوظائف يمكن أن تحدد الأشخاص الذين قد يتقدمون لتلك الوظيفة.

هذه مشكلة كبيرة، قد تواجهك إذا كنت صاحب شركة وترغب في توظيف مزيد من النساء والأقليات العرقية، ضمن فريق العمل لديك. لذلك هل يمكن للتكنولوجيا أن تزيل هذا الانحياز غير المقصود؟

وصف الوظيفة الذي يستخدم عبارة "نبحث عن شخص يقود فريقا" ربما يبدو غير ضار.

لكن الدراسات أثبتت أن كلمة "يقود أو يدير" تشجع الرجال أكثر من النساء، على التقدم للوظيفة.

"تذكير الألفاظ"

وتقول كيران سنايدر، الرئيس التنفيذي لشركة تكستيو للبرمجة ومقرها سياتل، إن تغيير الكلمة إلى "يطور أو ينمي" ستكون أكثر قبولا لدى النساء.

وتستخدم شركة تكستيو الذكاء الاصطناعي، من أجل دراسة وصف الوظائف في الوقت الحالي، وتلقي الضوء على أية ألفاظ قد تتصادف أنها للتذكير أو التأنيث. ويقترح البرنامج بدائل لهذه الألفاظ.

وتقول سنايدر: "نحن لا نشرح لماذا هذه العبارة أو تلك تُقصي النساء. نحن فقط نقدم البيانات، ويمكن حينها للشركة المعنية أن تستنتج لماذا لم تنجح هذه العبارة".

وحينما استخدمت شركة "أتلسيان" الأسترالية العملاقة للبرمجة برمجيات تكستيو في إعلاناتها للوظائف، كانت النتائج رائعة، حيث شهدت زيادة في توظيف النساء في وظائف تقنية حول العالم بنسبة 80 في المئة، خلال فترة عامين.

وفي عام 2011، وجد باحثون من كندا والولايات المتحدة أن إعلانات الوظائف، التي تستخدم صياغة ذكورية، "أدت إلى أن النساء أصبح لديهن أحساسا أقل بأن الوظيفة أو الشركة المعلنة مناسبة لهن، وذلك مقارنة بنفس الإعلان الذي يستخدم صياغة أنثوية"، وذلك حسبما أشارت الدراسة.

وشركة أبلايد للتقنية تقدم نصائح، لتحقيق توازن بين الجنسين في إعلانات الوظائف، وأداة لتسجيل متوسط مدة قراءة الإعلان.

شكل الإعلان

وتقول الشركة إن الحكومة البريطانية، وهيئة النقل العام في لندن، وفنادق هيلتون ودار نشر بنغوين راندام هاوس ضمن عملائها، الذين استفادوا من تعديل لغة إعلانات الوظاائف، لتصبح أكثر شمولا وتنوعا.

حتى شكل إعلان الوظيفة يمكن أن يصنع فارقا.

تكشف تحليلات شركة تكستيو أن الإعلانات ذات النقاط الطويلة، التي تفصل مسؤوليات الوظيفة، تشهد انخفاضا في أعداد النساء المتقدمات للوظيفة.

كل هذه الأمور مهمة، وأثبتت دراسة حديثة أنه كلما زاد تنوع فريق العمل، زاد تنوع الأفكار وتحسنت أرباح الشركة.

وتتفوق الشركات، التي تزيد من التنوع العرقي بين موظفيها التنفيذيين، في الأداء بنسبة 33 في المئة، مقارنة بنظيراتها من الشركات الأخرى، وذلك وفقا لشركة ماكنزي لاستشارات الأعمال.

وذكرت دراسة أعدها اقتصاديون أمريكيون أن الانتقال من مكتب، كل أفراده من الذكور أو كل افراده من الإناث، إلى مكتب مقسم بالتساوي بين الجنسين يزيد من أرباح الشركة، بنحو 41 في المئة.

وتقول الدكتورة ويندي هيرش الزميلة بمعهد دراسات التوظيف بمقاطعة ساسكس في بريطانيا: "هناك وعي يتزايد في بريطانيا، بأهمية الشمول والتنوع. أصحاب الأعمال يدركون أنه إذا توجه إعلان الوظيفة باتجاه فئة واحدة من المتقدمين، فإنك ربما تفقد بعض العاملين الموهوبين للغاية".

من المؤكد أن تحليل البيانات والتعلم الآلي مكننا من تدقيق أكبر، للغة التي نستخدمها في التوظيف، حيث تؤخذ القرارات استنادا إلى أدلة قوية وليس تخمينات.

ولكن على الرغم من ذلك، فإن بعض خبراء الموارد البشرية يحذرون من الإفراط في استخدامها.

ويرى ويليام تينكوب، مستشار تكنولوجيا الموارد البشرية ورئيس موقع RecruitingDaily.com الإخباري، أن تعديل إعلانات الوظائف بشكل شامل قد يفرغها من مضمونها، ويجعلها غير جاذبة لأي أحد.

ويقول: "أنت لا ترغب في أن يمل المتقدمون للوظيفة من نص الإعلان".

وسيلة النشر

وتشير الدكتورة هيرش إلى أن المكان أو المنصة، التي ينشر عبرها إعلان الوظيفة، يحدد بدرجة ما المتقدمين للوظيفة.

وتقول إنه، على سبيل المثال، إذا نشر إعلان الوظيفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن أولئك الذين لا يستخدمون تلك المواقع، وهم عادة من المرشحين الأكبر سنا، ربما لا يرون الإعلان بالأساس.

وتضيف: "الذهاب إلى وكالة متخصصة في التوظيف لنشر الإعلان ربما يستبعد أيضا الأشخاص، الذين لا يعرفون تلك الوكالة".

لكن رغم تحفظه، إلا أن تينكوب يرحب بخدمات مثل شركة تكستيو وأبلايد ويقول: "إنهم يحاولون حل مشكلة لم يتم حلها بالفعل، لأن كثيرا من الأشخاص هذه الأيام يقومون فقط بقص ولصق مهام وتفاصيل الوظيفة من إعلان إلى آخر".

-------------------------------------------------------------------

يمكنكم استلام إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.