إيلاف: صدر من صندوق النقد العربي الإصدار الأول من تقرير الاستقرار المالي في الدول العربية، الذي تم إعداده بالتعاون والتنسيق بين صندوق النقد العربي وفريق عمل الاستقرار المالي في الدول العربية، المنبثق من مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، والمكون من مدراء الإدارات المعنية بالاستقرار المالي لدى المصارف المركزية العربية.

تناول التقرير بفصوله السبعة جوانب إقتصادية ومالية عدة تهم الدول العربية في إطار سعيها إلى تعزيز الاستقرار المالي، حيث تناول الفصل الأول التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الاستقرار المالي العربي. تم إلقاء الضوء في هذا الفصل على التحديات التي تواجه إقتصادات الدول العربية وأثر الإنعكاسات المتوقعة للتطورات الاقتصادية العالمية عليها مثل ارتفاع أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة الأميركية.&

أكد التقرير على أهمية دور صانعي السياسات، والبنوك المركزية في تنفيذ إصلاحات هيكلية ومالية لتعزيز النمو الاقتصادي وبما ينعكس إيجاباً على الاستقرار المالي. كذلك تم التطرق إلى مؤشر التنافسية لدى اقتصادات الدول العربية والمُعد من قبل منتدى الاقتصاد العالمي وكذلك مؤشر سهولة الأعمال للدول العربية والمُعد من قبل البنك الدولي.

أما الفصل الثاني فقد تناول تطورات الأطر التشريعية والمؤسسية للإستقرار المالي في الدول العربية، حيث بيّن التقرير جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية الرامية إلى تطوير الأطر المؤسسية والتشريعية لتعزيز الاستقرار المالي، بما في ذلك جهود التنسيق مع السلطات الاشرافية الأخرى.&

تناول الفصل الثالث تطورات أداء القطاع المصرفي العربي والمخاطر المحتملة، حيث بيّن التقرير أبرز المؤشرات المالية المتعلقة بالقطاع المصرفي العربي الذي يبلغ حجم موجوداته حوالى 3.2 ترليون دولار مشكلًا ما نسبته 130 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمجموع الدول العربية. فقد نجح القطاع المصرفي العربي في تخفيض نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات لديه إلى أدنى مستوى خلال الفترة (2013-2017) لتبلغ ما نسبته 6.5 في المائة في نهاية عام 2017، الأمر الذي يُشير إلى تحسن نوعية موجودات هذا القطاع.&

أظهر التقرير في هذا السياق، تميز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة، إذ وصل معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى أعلى مستوى له خلال الفترة (2013-2017)، إذ بلغ ما نسبته 27.5 في المائة في نهاية عام 2017 وهي نسب أعلى من تلك المطبقة دولياً حسب معيار بازل، والبالغة 10.5 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية ويعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.&

أما عن أداء هذا القطاع، أظهر التقرير استمرار ارتفاع معدل العائد على الموجودات للعام الثالث على التوالي ليبلغ 1.5 في المائة في نهاية عام 2017، مما يُعطي مؤشرًا إلى كفاءة عملية منح الائتمان لدى القطاع المصرفي وقدرته على المحافظة على الموجودات، وتنميتها من خلال تحقيق عوائد مناسبة عليها، مما يعزز من تدفق الاستثمارات للقطاع المصرفي، وزيادة درجة الثقة في سلامته. في المقابل تراجع معدل العائد على حقوق الملكية بشكل طفيف ليصل إلى 13.6 في المائة في نهاية عام 2017، علماً أنه وبالرغم من هذا التراجع إلا أنه حافظ على معدلات أعلى من الفترة (2013-2016)، الأمر الذي يعكس الأداء الجيد للبنوك وفاعليتها في استخدام رأسمالها ويعزز من قدرتها على مواجهة الخسائر التي من الممكن أن تتعرّض لها مستقبلاً.&

يخلص التقرير إلى أن القطاع المصرفي العربي وبالرغم من التحديات والمخاطر الإقليمية والدولية، إلا أنه كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، وذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية، مما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.&

أما الفصل الرابع فقد تناول تطورات القطاع المالي غير المصرفي في الدول العربية والمخاطر المحتملة، وقد تضمن الفصل تحليلاً لأداء كل من: قطاع شركات التأمين والأسواق المالية العربية وقطاع مؤسسات التمويل الأصغر وشركات التمويل الأخرى، وأخيراً قطاع شركات الصرافة.&

خلص الفصل إلى أن القطاع المالي غير المصرفي في الدول العربية على الرغم من صغر حجمه مقارنةً مع القطاع المصرفي، إلا أنه متين ومستقر. أكد التقرير على ضرورة تنظيم كل مؤسسات القطاع وخصوصاً شركات التمويل وتوفير تعريف واضح له وتوفير أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات عنه، وذلك للوقوف على مخاطره وتحدياته بشكل دقيق. كما دعا التقرير إلى متابعة جهود تطوير المؤسسات المالية غير المصرفية في الدول العربية، بالنظر إلى صغر مساهمة القطاع المالي غير المصرفي في تمويل الإقتصادات العربية.

في ما يخص الفصل الخامس فقد قدم تحليلاً لنتائج إختبارات الضغط لدى القطاع المصرفي العربي، حيث تُعتبر هذه الإختبارات من التقنيات المهمة لقياس قدرة النظام المصرفي العربي لأي دولة على تحمل الصدمات، واكتشاف الإختلالات ونقاط الضعف. بين التقرير على ضوء نتائج هذه الإختبارات، أن القطاع المصرفي العربي متين، حيث حقق نتائج إيجابية في معظم نتائج الإختبارات لدى معظم الدول العربية.&

قدم الفصل السادس تحليلاً لتداعيات التطورات في الأسعار العالمية لأسعار النفط على الاستقرار المالي في الدول العربية. وقد بيّن التقرير العلاقة بين تذبذب أسعار النفط من جهة وأسعار الصرف والناتج المحلي الإجمالي من جهة أخرى سواء للدول العربية النفطية وغير النفطية. وإستعرض التقرير سياسات الدول النفطية لمواجهة تحديات إنخفاض أسعار النفط، حيث بينت نتائج الإستبيان الموزع من قبل صندوق النقد العربي عدم وجود ما يُشير إلى وجود انخفاض في الاستقرار المالي ناجم من هذه الصدمة على المدى القصير.

أخيراً إستعرض الفصل السابع والأخير تأثير التطورات في تحويلات العاملين وتداعياتها على الاستقرار المالي في الدول العربية. وبيّن التقرير أن هناك العديد من التحديات التي تواجه الدول المرسلة والمستقبلة للتحويلات والتي يجب أخذها بالإعتبار مثل أهمية توجيه المزيد من التحويلات نحو القنوات الرسمية، ولتحقيق ذلك لا بد من تطوير البنية التحتية للخدمات المصرفية مما سيساعد على خفض تكاليف عملية تحويل الأموال ويعزز من الشمول المالي والإستقرار المالي.
&