دافوس: تسعى الحكومة البريطانية إلى تهدئة مخاوف الأسواق بعد قرار دايسون وسوني نقل مقارهما خارج البلد في حين يخيم الغموض والارباك على استعدادات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال ليام فوكس وزير التجارة الدولية لفرانس برس على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا، "تبقى المملكة المتحدة منفتحة لاستقبال شركات الأعمال وتظل وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى خلال هذه الفترة التي يسود فيها عدم يقين بشأن بريكست".

ورداً على سؤال حول القرار الصادم الذي أعلنته مجموعة دايسون التكنولوجية التي ستنقل مقرها من انكلترا إلى سنغافورة مساء الثلاثاء، لم يبد فوكس قلقاً وقال "إنهم ينقلون حرفيا وظيفتين من المملكة المتحدة إلى سنغافورة. من الصعب الحديث عن انتقال جماعي".

ولكن حتى وإن أكدت مجموعة التكنولوجيا أن هذه الحركة "لا علاقة لها ببريكست" أحدث هذا القرار الرمزي حالة من الاضطراب قبل شهرين من الموعد المحدد نظرياً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا بل أن المفاجأة كانت أكبر في المملكة المتحدة لأن صاحب المجموعة المخترع جيمس دايسون مؤيد قوي لبريكست وحريص على الإشادة بعظمة بريطانيا.

ولكن هل الأمر محض مصادفة أم زيادة في حركة الانتقالات؟ إذ أنه بعد ساعات قليلة من صدمة دايسون، أعلنت شركة سوني اليابانية الرائدة في مجال الالكترونيات بدورها أنها ستنقل مقرها الأوروبي من المملكة المتحدة إلى أمستردام في هولندا، بهدف تجنب الإجراءات الجمركية الثقيلة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وشدد العملاق الياباني، مثل دايسون، على أن ذلك لن يؤثر على عدد موظفيه في بريطانيا. ولكن في كلا الحالين، قد يكون لذلك عواقب بالنسبة للجهاز الضريبي في المملكة المتحدة الذي قد يحرم بعض العائدات.

وخلافا للمخاوف التي شاعت في البدء، لم يؤد قرار البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 حزيران/يونيو 2016 حتى الآن إلى حركة رحيل جماعية للشركات من المملكة المتحدة.

تهديد بريكست بدون اتفاق

ولكن مع اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد، يبدو أن قرارات الشركات الكبيرة تتسارع، سواء كانت مرتبطة ارتباطاً مباشراً بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو كان هذا العامل يشكل عنصراً إضافياً يميِّل الكفة في هذا الاتجاه.

الخميس الماضي، أعلنت شركة فيليبس العملاقة للأجهزة الكهربائية الهولندية إغلاق مصنعها البريطاني الوحيد، ما يهدد 430 وظيفة في سافولك (شرق إنكلترا). وفي اليوم نفسه، جمدت شركة هيتاشي اليابانية مشروعاً ضخماً لبناء محطة للطاقة النووية في ويلز.

وتعد فرنسا وألمانيا وأيرلندا وهولندا ولوكسمبورغ من بين الدول التي تتوجه إليها بعض هذه الأنشطة المغادرة. وأحصت جمعية لوكسمبورغ المالية 47 مصرفاً وشركة تأمين وشركات لإدارة الأصول أبلغتها بتوجهها لفتح مقار أو زيادة وجودها فيها بسبب بريكست.

وبالمثل، لن يتم نقل عدد هائل من الوظائف ولكن أوساط الأعمال منشغلة بالاستعداد لأي مفاجأة غير سارة تتمثل في انسداد الوضع السياسي في المملكة المتحدة، بعد أن رفض مجلس العموم بأغلبية ساحقة الأسبوع الماضي اتفاق الخروج الذي تفاوضت عليه لندن مع بروكسل.

ورفضت رئيسة الوزراء تيريزا ماي استبعاد فرضية بريكست بدون اتفاق، الأمر الذي يثير مخاوف أصحاب العمل.

وما عزز الانطباع بوجود حالة من الفوضى، أصدار شركة أودجرز برندتسون الاستشارية الأربعاء دراسة تكشف أن ثمانية من أصل عشرة موانئ في المملكة المتحدة غير مستعدة بشكل كافٍ لبريكست.

وحذر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي بشأن بريكست ميشال بارنييه في مقابلة نشرتها صحيفة "لوموند" الفرنسية من أن على بريطانيا "احترام جميع التزاماتها طالما أنها عضو في الاتحاد الأوروبي"، وهذا يعني أن على لندن أن تسدد فاتورة الطلاق مهما حدث، حتى وإن "كان من الصعب فرض تنفيذ (هذه الالتزامات) في حال عدم التوصل إلى اتفاق"، وفق اعتراف بارنييه.

ولكن بعض مؤيدي بريكست يرون أن على لندن الخروج بدون اتفاق.

وقال تيم مارتن رئيس سلسلة متاجر "ويذرسبون" الأربعاء إن من الأفضل لبريطانيا أن ترفض اتفاقاً "سيكلفها سداد 39 مليار جنيه استرليني إلى الاتحاد الأوروبي".