باريس: استقال رئيس مجلس إدارة مجموعة رينو كارلوس غصن الموقوف في اليابان من منصبه واضعا حدا لدوره القيادي في قطاع السيارات ومؤذنا ببدء حقبة جديدة لمصنِّع السيارات الفرنسي.

وهذا الرجل الذي كان الأكثر نفوذا في قطاع صناعة السيارات حتى توقيفه المفاجئ في اليابان في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بتهمة مخالفات مالية، كان قد أقيل من رئاسة مجموعتي نيسان وميتسوبيشي اليابانيتين.

لكن غصن بقي على رأس شركة رينو، فيما تولى أحد مساعديه تسيير الأعمال مؤقتا، أثناء توقيفه.

وأكد وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير لوكالة فرانس برس الخميس أن غصن قدم استقالته مساء الأربعاء -- قبيل اجتماع لمجلس إدارة المجموعة في باريس من المفترض أن يختار بديلا عنه.

وقال لومير إن مديرا كبيرا في الشركة "تسلم الليلة الماضية رسالة الاستقالة من كارلوس غصن".

وكرئيس لرينو منذ 2005 لعب غصن دورا أساسيا في تحالف الشركة الثلاثي مع نيسان وميتسوبيشي وتمكن من إقامة مجموعة قوية باعت مجتمعة من السيارات أكثر من أي منافس لها العام الماضي.

لكن مستقبله المهني توقف بشكل صادم عندما اعتقلته شرطة طوكيو بشبهة عدم التصريح عن جزء من مداخيله بما يصل إلى ملايين الدولارات خلال ثماني سنوات.

وينفي غصن التهم. لكن فيما لا يبدو الإفراج عنه وشيكا -- ومحاكمته لم تبدأ بعد -- فإن مجلس إدارة رينو كان يستعد لتعيين مدراء جدد.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يقوم مجلس إدارة الشركة بتعيين المدير التنفيذي بالإنابة تييري بولوريه رئيسا تنفيذيا للشركة ودومينيك سينار رئيسا لمجلس الإدارة، وهما المنصبان اللذان كان غصن يتولاهما.

ويعقد مجلس الإدارة اجتماعا الساعة العاشرة صباحا (09,00 ت غ) في مقر الشركة قرب باريس.

وقالت نيسان بشكل منفصل إنها ستعقد اجتماعا استثنائيا للمساهمين بحلول منتصف نيسان/إبريل لإقالة غصن من مجلس الإدارة بعد أن كانت أقالت المدير الذي يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية، من رئاسة مجلس الإدارة.

وقالت رينو "جدول الأعمال سيكون محصورا بإقالة المديرين كارلوس غصن و(كبير المساعدين) غريغ كيلي، وتعيين مديرا جديدا تسميه رينو".

مستقبل تحيطه التساؤلات

وتحيط التساؤلات بمستقبل تحالف رينو-نيسان-ميتسوبيشي منذ توقيف واحتجاز غصن الذي ينسب له إنقاذ نيسان وانصهار ثقافتين مختلفتين جدا من الشركات.

وبولوريه (55 عاما) الذي انضم إلى رينو في 2012، تولى مناصب مختلفة في قطاع السيارات في آسيا، وينظر له كشخص قادر على الحفاظ على الاستقرار في وقت يدخل التحالف حقبة جديدة.

وذكرت تقارير وسائل الإعلام أن مسؤولي ميتسوبيشي يشعرون بالغضب حتى لمجرد التلميح عن اندماج أكبر لعملياتهم، رغم أن لومير نفى مثل هذه التقارير في نهاية الأسبوع.

وتملك رينو 43 بالمئة من نيسان، التي بدورها تملك 15 بالمئة من أسهم شريكها الفرنسي، دون أن يكون لها حق التصويت.

لكن القيمة السوقية لنيسان هي ضعفي قيمة رينو تقريبا، مما يدعو البعض للتفكير بأن الجانب الياباني سيسعى لإعادة التوازن لشروط العلاقة.

ولم يتضح بعد مثلا من سيخلف غصن على رأس التحالف. وهذا الدور تقليديا كان محصورا بالرئيس التنفيذي لرينو، فيما تختار نيسان نائب الرئيس.

أما سينار فيتمتع بدعم الدولة الفرنسية التي تمتلك ما يزيد بقليل عن 15 بالمئة من رينو ولديها 22 بالمئة من حقوق التصويت.

ونجح سينار، صاحب الابتسامة والمظهر الأنيق، في إجراء مفاوضات حساسة بشأن اتفاقيات عمل مع قادة النقابات في مصانع ميشلان الفرنسية، للمحافظة على الوظائف أمام المنتجات الآسيوية المستوردة الأرخص ثمنا.

التحالف ليس في خطر

ومن المتوقع أن يبقى غصن في السجن لعدة أشهر في أعقاب رفض المحكمة الثلاثاء طلبا ثانيا للإفراج عنه بكفالة. وحذر محاميه من أن تنظيم المحاكمة قد يتطلب ستة أشهر على الأقل نظرا لتعقيدات القضية.

ويواجه غصن ثلاث تهم منفصلة: اثنان منها تتعلق بعدم الإفصاح عن جزء كبير من دخله بمقدار عشرات ملايين الدولارات خلال فترة 8 سنوات، وتهمة تتعلق بمحاولة تحميل شركة نيسان خسائر استثمارات شخصية تكبدها.

والمدير التنفيذي البالغ من العمر 64 عاما لم يظهر إلى العلن إلا مرة واحدة منذ توقيفه حيث بدا نحيلا للغاية وأصر في قاعة المحكمة المكتظة على براءته معلنا "محبته الصادقة" لنيسان.

والرئيس التنفيذي الحالي لنيسان هيروتو سايكاوا الذي شاهد سقوط مديره السابق أكد بأن التحالف "ليس في خطر على الإطلاق".

غير أن الشركة اليابانية تتقدم حاليا على الفرنسية إذ باعت 5,81 مليون سيارة في 2017 مقارنة ب3,76 مليون لرينو.

وأثار ذلك تذمرا داخل نيسان من أن تمثيلها لا يتناسب مع حجمها بل حتى برزت نظريات مؤامرة تقول إن سقوط غصن كان مدبرا من مدراء نيسان المحبطين -- وهو ما رفضه سايكاوا ووصفه "بالسخيف".
&