بكين: في ظل العقوبات التجارية الأميركية المفروضة عليها وتباطؤ نموها، أعلنت الصين الثلاثاء مجموعة من التدابير لإنعاش اقتصادها، من ضمنها خفض المساهمات الاجتماعية المفروضة على الشركات وضريبة القيمة المضافة.

وحدد رئيس الوزراء لي كه تشيانغ متحدثا خلال الدورة السنوية للبرلمان هدفا لنمو ثاني اقتصاد في العالم يتراوح بين 6 و6,5% للعام 2019، في تراجع طفيف بالمقارنة مع نسبة النمو التي بلغت 6,6% في 2018، وفق نص خطابه الذي تم توزيعه مسبقا.

وقال إن "الظروف الوطنية كما الدولية ألقت بنمونا في بيئة في غاية القسوة والتعقيد تشهد تفاقم المخاطر والتحديات". وأضاف "علينا أن نسلح أنفسنا لخوض معركة بالغة الشدة".

وتراجع نمو العملاق الآسيوي العام الماضي إلى أدنى مستوياته منذ 28 عاما، بعدما أعلنت الحكومة قبل عام هدفا للنمو يبلغ "حوالى 6,5%" في 2018.

وتنص الميزانية التي عرضت الثلاثاء على خفض الضرائب والمساهمات الاجتماعية على الشركات بمقدار ألفي مليار يوان (حوالى 260 مليار يورو)، في إجراء يهدف إلى مساندة النشاط الاقتصادي في ظل التباطؤ الناجم عن مكافحة المديونية وتراجع الطلب العالمي، وتفاقم الأوضاع مع الحرب التجارية التي باشرتها الولايات المتحدة ضد المنتجات الصينية.

"ضبط المخاطر"

وستزداد قروض مصارف القطاع العام للشركات الصغرى بأكثر من 30%، فيما تخفض ضريبة القيمة المضافة من 16% إلى 13% على المنتجات الصناعية، ومن 10% إلى 9% لقطاعات مثل النقل والبناء.

وتعكس ميزانية الدولة للعام 2019 بصورة إجمالية زيادة طفيفة في العجز المالي بمقدار 0,2 نقطة إلى 2,8% من إجمالي الناتج الداخلي.

وأوضح رئيس الوزراء أن زيادة العجز "تلبي الحاجة لإيجاد هامش تحرك سياسي كاف لضبط المخاطر التي قد تظهر في المستقبل". وزادت بكين ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,5%، وهي زيادة أدنى مما كانت عليه العام الماضي (+8,1%).

وستحظى السلطات المحلية بزيادة تفوق مئة مليار يورو في السندات الخاصة التي يسمح لها بإصدارها مع تحديد قيمتها الإجمالية بـ2150 مليار يوان (282 مليار يورو).

وإن كانت الصين حافظت على حيوية صادراتها رغم الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، فإن احتمال استمرار المواجهة مع إدارة دونالد ترامب ينعكس على ثقة الشركات الصينية وقرارات الاستثمار.

الاستثمارات الأجنبية

ما يساهم في كبح النشاط الاقتصادي هو الحملة التي تشنها السلطات لمكافحة المديونية والمخاطر المالية.

وأكدت السلطات أنه من غير الوارد إقرار خطة إنعاش اقتصادي واسعة النطاق على غرار ما فعلت في السنوات التي تلت الأزمة المالية في 2008-2009.

لكن الخبراء يتوقعون أن يعزز النظام الشيوعي دعمه للاقتصاد بمواصلة تليين سياسته النقدية.

وترقب خبراء مكتب "إيه إن زد ريسيرتش" أن "يبقي البنك المركزي الصيني على معدلات فائدة متدنية بخفض نسبة الاحتياطات الإلزامية المفروضة على المصارف".

ومن المتوقع أن يتم إقرار قانون جديد حول الاستثمارات الأجنبية خلال الدورة البرلمانية التي تستمر عشرة أيام، في رد مباشر على ضغوط الإدارة الأميركية.

وتطالب واشنطن الصين بإعادة التوازن إلى الميزان التجاري بين البلدين، إنما كذلك بإقرار إصلاحات بنيوية مثل وقف عمليات نقل التكنولوجيا القسرية المفروضة على الشركات الأجنبية العاملة في الصين.

ويحظر القانون الجديد فرض هذه العمليات، غير أن غرفة التجارة الأوروبية في الصين تعتبر أن بكين لن تحظرها على الشركات الخاصة.