أكد عماد الأزرق، رئيس وحدة الدراسات الصينية في مركز الحوار المصري للدراسات السياسية والإعلامية، أن مصر قادرة على تطبيق التجربة الصينية، خاصة في ما يتعلق بالاستفادة من الشباب، مشيرًا إلى أن الصين كان لها دور مهم في تقديم المساعدات السياسية والعسكرية والاقتصادية إلى مصر عقب ثورة 30 يونيو.

إيلاف من القاهرة: أكد عماد الأزرق، رئيس وحدة الدراسات الصينية في مركز الحوار المصري للدراسات السياسية والإعلامية، أن العلاقات المصرية – الصينية تشهد زخمًا كبيرًا في السنوات الخمس الماضية، وهذا التطور في العلاقات الثنائية انعكس إيجابيًا على التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين، رغم تراجع حجم التبادل التجاري من نحو 11 مليار دولار عام 2015 إلى نحو 10 مليار دولار عام 2018، نتيجة قرار مصر بترشيد الاستيراد ووقف الواردات الاستفزازية.&

وأشار إلى أن بكين تقوم بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مصر، خاصة في مجال البنية التحتية، ومنها منطقة الأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تشمل أطول برج في أفريقيا، والمشاركة في تنفيذ أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في منطقة بنبان في محافظة أسوان.

قال الأزرق في حوارمع "إيلاف": "إن الصين لن تساهم في حل أزمة سد النهضة؛ لكونها تبحث عن مصالحها في الدول الأفريقية، ومصر تدرك هذا الأمر". للمزيد من المعلومات إلى نص الحوار:

* العلاقات بين الصين ومصر تمر بـ"مرحلة غير مسبوقة" كيف أثر ذلك على حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين الدولتين؟

- شهدت العلاقات المصرية - الصينية زخمًا كبيرًا في السنوات الخمس الأخيرة، خاصة منذ رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية الشاملة في ديسمبر 2014 خلال الزيارة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الصين، وبرز تنامي العلاقات الثنائية بين البلدين في الزيارات المتكررة للسيسي إلى الصين، والتي بلغت 5 زيارات في مناسبات مختلفة، وزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى القاهرة في يناير من عام 2016.&

هذا التطور في العلاقات الثنائية انعكس إيجابيًا على التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين. ورغم تراجع حجم التبادل التجاري من نحو 11 مليار دولار عام 2015 إلى نحو 10 مليار دولار عام 2018، نتيجة قرار مصر بترشيد الاستيراد ووقف الواردات الاستفزازية، لكن تم فتح السوق الصينية أمام العديد من السلع المصرية للمرة الأولى، مثل صادرات البرتقال والموالح والعنب وغيرها من المواد الزراعية.

كما تم الاتفاق بين البلدين على تبادل استخدام العملة المحلية، بهدف الحدّ من الطلب على الدولار في مصر، وتشجيع الصادرات المصرية إلى السوق الصينية. زادت كذلك الاستثمارات الصينية في مصر، فنشطت منطقة التعاون الاقتصادي "تيدا" في منطقة العين السخنة. ويقوم البنك الآسيوي بالاستثمار في البنية التحتية، وكانت أنشأته الصين، وتحظى مصر بعضويته، عبر تمويل العديد من مشروعات البنية التحتية في مصر بشروط ميسرة، ومن دون أي ضغوط سياسية أو اقتصادية.

* على مدار السنوات السابقة قام الرئيس بزيارات عديدة للصين، ما مدى العائد على مصر من تلك الزيارات على المستوى السياسي والعسكري؟

- الرئيس عبدالفتاح السيسي زار الصين 5 مرات، ومن المتوقع أن يزورها للمرة السادسة خلال شهر إبريل المقبل للمشاركة في قمة منتدى طريق الحرير، وكان لهذه الزيارات مردود ايجابي مهم على العلاقات بين البلدين. فعلى الصعيد السياسي أدى هذا التقارب إلى دعوة مصر إلى المشاركة كضيف شرف في اجتماعين بالغين الأهمية، في وقت كانت فيه مصر تعاني من شبه عزلة دولية، فشارك الرئيس السيسي في قمة مجموعة العشرين، كما شارك في قمة تجمع البريكس، وهي المشاركة التي كان لها مردود إيجابي سياسيًا واقتصاديًا، كما إن الصين دعمت مصر بقوة في كل المحافل الدولية السياسية والاقتصادية، هذا فضلًا عن التعاون المتنامي في المجال العسكري. &

* هل مصر قادرة على تطبيق التجربة الصينية، وما هي التحديات لتحقيق ذلك؟

- أهم ما يميّز التجربة الصينية أنها اختارت الطريقة والأسلوب الذي يتناسب مع ثقافتها وحضارتها وظروفها، ولم تهتم بأن تنقل التجربة الغربية مثلما فعلت دول أوروبا الشرقية، ولو فعلت لانهارت وتفككت، مثلما اختارت لنفسها في السابق شيوعيتها المختلفة عن شيوعية الاتحاد السوفيتي، فقد اختارت لنفسها أيضًا نموذجًا فريدًا يناسبها هي دون غيرها.

هذا ما يمكن أن تستفيده مصر من التجربة الصينية، أي أن يكون لها أسلوبها وتجربتها الخاصة التي تناسب ظروفها الحضارية والثقافية والاجتماعية، والسؤال هو: هل يمكن أن تنجح مصر كما نجحت الصين؟. بالتأكيد نعم.. فالصين عندما بدأت طريق الإصلاح والانفتاح عام 1979 كان عدد سكانها 950 مليون نسمة، ومصر 100 فقط، رغم الصراخ المتكرر من الزيادة السكانية، الصين كان وضعها الاقتصادي أسوأ ما يمكن، وكان لديها نحو 750 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع، واقتصادها كان متدنيًا بشكل كبير، ورغم ذلك فقد امتلكت الإرادة للتغيير والتطوير، والشعب لمس نتائج هذا التطوير بنفسه، الذي لم يقتصر على استفادة مجموعة أو فئة بعينها، كما حدث ويحدث في كثير من البلدان النامية.

* ما أهم المشروعات الاقتصادية التي تساهم فيها الصين في مصر؟

- تساهم الكثير من الشركات الصينية في تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى، خاصة في مجال البنية التحتية، ومنها منطقة الأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تشمل أطول برج في أفريقيا، والقطار الكهربائي بلبيس - العاشر مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة والسلام، والمشاركة في تنفيذ أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في منطقة بنبان في محافظة أسوان.

كما تقوم الصين بإقامة محطة الحمروين لتوليد الطاقة بالفحم وصيانة شبكة الكهرباء، بل إن مصر الآن أصبحت تحتل المرتبة الثالثة عالمية في إنتاج الألياف الضوئية، بفضل استثمارات إحدى الشركات الصينية في منطقة تيدا في العين السخنة، وتقوم الصين حاليًا بإقامة مدينة النسيج في مدينة السادات في محافظة المنوفية، بهدف نقل جزء من صناعة النسيح لديها إلى مصر، وغير ذلك من المشروعات والاستثمارات.

* ما دور الصين في أفريقيا، وهل يمكن أن تلعب بكين دورًا في حل أزمة سد النهضة؟

- في ما يتعلق بدور الصين في أفريقيا فهو دور بارز للغاية، فالصين نجحت في إعادة اكتشاف القارة السمراء، وتلعب دورًا مهمًا في تنمية القارة وتطويرها وتحديثها، بل إنشاء بنيتها التحتية من جديد، وتساهم بشكل كبير للغاية من خلال المشروعات التي تقوم خاصة في ما يتعلق بالموانئ والمطارات والسكك الحديدية والطرق الإقليمية، وغيرها في ربط دول القارة التي كانت بمثابة جزر منعزلة على الرغم من جوارها الجغرافي.

كما إن الاهتمام الصيني بأفريقيا أثار اهتمام وحفيظة الدول الغربية، سواء الولايات المتحدة الأميركية أو الدول الأوروبية بالقارة الأفريقية، والتي كانت تطمئن إلى القارة، باعتبارها منطقة نفوذ لها أو باعتبارها حديقتها الخلفية، والتواجد الصيني في القارة دفع هذه الدول إلى بذل المزيد من التحركات بدول القارة والمساهمة في عدد من المشروعات فيها؛ لضمان ولائها لها، مما خلق نوعًا من المنافسة على النفوذ في القارة، ولاشك أن دول القارة السمراء ستستفيد من هذه المنافسة.

أما في ما يتعلق بسد النهضة ومساهمة الصين في بنائه رغم التقارب المصري - الصيني، فمشكلتنا أن نناقش الموضوعات السياسية بأسلوب عاطفي، والسياسة لا تعرف العواطف، وإنما المصالح، وإذا كان بناء أثيوبيا لسد النهضة لم يمنع أن تكون هناك علاقات سياسية واقتصادية قوية مع مصر (أكثر المتضررين من سد النهضة)، فكيف نأخذ على الصين مشاركتها في بنائه، كما إن القيادة السياسية المصرية أكدت على حق أثيوبيا في التنمية وفي الاستفادة من إمكانياتها والعمل على البحث سويًا في وسائل تحفظ مصالح الطرفين، فمن الطبيعي أن تشارك الصين أثيوبيا في تنمية أراضيها.

* ما حجم التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية؟

التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية كبير للغاية ومتشعب، وفي اتجاهات عدة، فالصين لديها استثمارات هائلة في كل الدول العربية تقريبًا، كما إن الصين تعتمد على 80% من احتياجاتها البترولية على دول الخليج، ودخلت في السنوات الأخيرة بقوة في الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير البنية التحتية في الكثير من الدول العربية، خاصة في ما يتعلق بالموانئ والسكك الحديدية والكهرباء والطرق والمواصلات وتحلية المياه والطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة التقليدية وغيرها من المجالات.

كما تشارك الصين بقوة في توطين التكنولوجيا في العالم العربي من خلال التعاون في المجالات البحثية والتكنولوجية وعلوم الفضاء وتصنيع الأقمار الصناعية وإقامة مراكز لتصنيعها وإطلاقها في المنطقة العربية، وتطوير التعليم الأساسي والعالي.

الصين يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا في إنعاش السياحة العربية، فيكفي أن نعلم أن الصين يخرج منها كل عام 120 مليون سائح حول العالم، مازال نصيب المنطقة العربية منها متواضعًا جدًا، نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة، وتشجيعًا للسياحة الصينية إلى الدول العربية قررت الصين وعدد من الدول العربية، من بينها دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر وغيرهما، بالاتفاق على دخول مواطنيها بدون الحصول على تأشيرة دخول.