تزور بعثة من صندوق النقد الدولي مصر حاليًا لإجراء المراجعة السادسة والأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، مع قيادات البنك المركزي ووزارة المالية؛ تمهيدًا لصرف الشريحة السادسة والأخيرة من قرض الصندوق لمصر.

إيلاف من القاهرة: حصلت مصر حتى الآن على نحو 10 مليارات دولار من القرض، الذي تبلغ قيمته 12 مليار دولار. وتتبقى الشريحة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار، التي يتوقف صرفها بناء على التقرير الأخير، الذي سيتم إعداده عقب الانتهاء من الزيارة الحالية.

أهم إنجازات الحماية الاجتماعية
تأتي الزيارة تمهيدًا لإعداد تقرير المراجعة الأخيرة لعرضه على المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لصرف الشريحة السادسة والأخيرة من قرض الـ12 مليار دولار من الصندوق.

ففي نوفمبر 2016 وقعت مصر اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي، بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي. وحال موافقة الصندوق على المراجعة الأخيرة، ستكون مصر قد حصلت من صندوق النقد الدولي على مدار السنوات الثلاث الماضية تحديدًا منذ نوفمبر 2016 على 6 شرائح مالية، قيمة القرض المتفق عليه لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي.

أشادت بعثة صندوق النقد الدولي، التي تزور مصر، ببرنامج "تكافل وكرامة"، لافتةً إلى أنه أحد أهم إنجازات برامج الحماية الاجتماعية التي حققتها مصر.

إطلاع على برامج
واستعرض الوفد أهم ما تحقق من إنجازات في برنامج "تكافل وكرامة"، ووصوله إلى ما يقرب من 9 ملايين&مواطن في كل قرى مصر، مع العمل على تحسين الاستهداف وسرعة ومكننة فحص التظلمات، والبدء في تطبيق مشروطية التعليم والصحة، وبناء قاعدة بيانات تضم 27 مليون مواطن مصري بكامل بياناتهم.

إطلع وفد صندوق النقد الدولي على خطة توحيد برامج الدعم النقدي، وضم مستفيدي الضمان الاجتماعي لبرنامج "تكافل وكرامة"، وهو ما سيضمن زيادة قيمة المساعدات التي يتلقاها المستفيدون، فضلًا عن إدخال 100 ألف أسرة جديدة إلى برنامج "تكافل وكرامة".

كما إطلع سوبير لال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر والوفد المرافق له على عدد من البرامج التي تنفذ في إطار مظلة الحماية الاجتماعية، ومنها: سكن كريم، ومشروع تنمية الطفولة المبكرة الذي يقوم على تطوير الحضانات، ونجح بالفعل في حصر الحضانات في 6 محافظات حتى الآن، وانتهى من وضع منهج موحد، وتم رصد مبلغ 250 مليون جنيه من بنك ناصر الاجتماعي لتمويله، ويتم العمل على دعم أسر تكافل وكرامة بتوفير فرص عمل أو قروض ميسرة لهم، وكان من بينها مشروع "مستورة" الذي موّل أكثر من 17 ألف مشروع صغير.

ارتفاع معدل النمو
في السياق عينه، فقد أعلنت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي المصري خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي ليسجل 5.6% مقارنة بـ 5.4% عن الربع المناظر في العام المالي الماضي.

قالت الوزيرة في بيان لها: "إن معدل النمو خلال فترة الأشهر التسعة الماضية يبلغ 5.5%، مع استهداف تحقيق معدل نمو يصل إلى 5.8% في الربع الرابع من العام المالي الحالي".

وذكرت أن الاستثمار وصافي الصادرات شكلا معًا حوالى 85% من النمو في النصف الأول من العام المالي الحالي 2018/2019 مقابل 71% في النصف المناظر من العام الماضي.

وأشارت الوزيرة إلى أن كل القطاعات الاقتصادية شهدت معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث. وجاء قطاع الاتصالات الأعلى نموًا خلال هذا الربع بنمو نسبته 15%، يليه قطاع الاستخراجات بنسبة 12.4%، وقطاع التشييد والبناء بنسبة 7.9%، وقناة السويس بنسبة 6.9%.

قفزة في الأداء المالي
حول المساهمة القطاعية في النمو الاقتصادي ذكرت أن حوالى 64% من المساهمة في نمو الناتج المحلي خلال الربع الثالث جاءت من خمسة قطاعات، مقابل نسبة مساهمة بلغت 53% في العام الماضي، لتتمثل تلك القطاعات في قطاع الاستخراجات بنسبة 30 %، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 9.6%، فضلًا عن قطاعي التشييد والبناء والأنشطة العقارية بنسبة 9.5% و8.5% لكل منهما، إلى جانب قطاع الاتصالات بنسبة 6.7%.

كما أعلن الدكتور محمد معيط، وزير المالية، عن تحقيق "قفزة كبيرة" في الأداء المالي للدولة. وقال إن "نتائج تنفيذ الموازنة العامة خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام المالي الحالي 2018/2019 أظهرت مضاعفة الفائض الأولي للموازنة العامة بنحو 5 مرات؛ ليسجل 35.6 مليار جنيه، بنسبة تعادل 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل فائض أولي 7 مليارات جنيه بنسبة 0.2 % من الناتج في الفترة نفسها من العام المالي الماضي".

وأكد الوزير أن هذا التحسن في الفائض الأولي أسهم في انخفاض نسبة العجز الكلي في الموازنة العامة لتسجل 5.4% من الناتج المحلي، وهو ما يعادل 281.3 مليار جنيه مقابل 6.2% من الناتج.

تأييد دولي للإصلاحات
أشار إلى أن الإيرادات العامة ارتفعت إلى 598.7 مليار جنيه بنسبة نمو 20.3% خلال الفترة من يوليو إلى مارس من العام المالي الحالي، وهو معدل نمو يفوق معدل تزايد المصروفات العامة التي سجلت 879 مليار جنيه بزيادة بنسبة 13.9%.

وكشف عن أن رصيد استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بنهاية الأسبوع الثالث من شهر أبريل بلغ 16.8 مليار دولار، كما كشف أن الوزارة انتهت من مشروع قانون الضرائب الموحد والفاتورة الإلكترونية وسترسله لمجلس الوزراء في الأسبوع المقبل.

وقال خبير التخطيط والاقتصاد في المعهد القومي للتخطيط، الدكتور إبراهيم صالح، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يلقى تأييدًا وإشادة واسعة من جانب المسؤولين من صندوق النقد الدولي، والوفد الذي يزور القاهرة حاليًا تأكد من تحقيق الحكومة لجميع مطالب صندوق النقد الدولي، وأنه تم تنفيذها جيدًا، حيث تم رفع معظم الدعم، وصارت غالبية قطاعات الدولة تعمل بالسوق الحرة ونظام العرض والطلب، إضافة إلى أنه تم تحرير سعر الصرف.

عقبات اجتماعية كثيرة&
أضاف لـ"إيلاف" أن "صرف الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي، سيتوقف على تعهد الحكومة المصرية بتنفيذ مطالب الصندوق، ويأتي علي رأسها تقليل عدد العاملين في القطاع الحكومي، وفرض زيادات جديدة على المنتجات البترولية بدءًا من شهر يوليو المقبل، علاوة على رفع جزء كبير من الدعم عن الكهرباء خلال الفترة المقبلة".

ولفت إلى أن الحكومة المصرية وعدت وفد صندوق النقد الدولي بتنفيذ كل مطالبه، تمهيدًا لصرف الشريحة السادسة من القرض والمقدرة بقيمة 2 مليار دولار، خاصة وأن تباطؤ الحكومة في تنفيذ مطالب الصندوق كان سببًا مباشرًا في تأخير صرف الشريحة الخامسة، ولولا جلسة الرئيس السيسي مع رئيس صندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة الأميركية أخيرًا، ما كان تم صرف تلك الشريحة، لافتًا إلى أن أهداف الصندوق نتجت منها عقبات اجتماعية كثيرة وتحميل المواطنين أعباء إضافية.

بحث تداعيات عجز الموازنة
فيما قال الدكتور محمود الشريف، الخبير الاقتصادي، إن مراجعة صندوق النقد الدولي للبرنامج الاقتصادي المصري قبل صرف الشريحة السادسة والأخيرة أمر طبيعي ومعتاد مع كل الدول، وتم الاتفاق عليه مع مصر في إطار منحها قرض بقيمة 12 مليار دولار".

وأضاف لـ"إيلاف" أن الصندوق سيبحث في زيارته للقاهرة حاليًا، الوضع الاقتصادي المصري، من خلال عقد جلسات موسعة مع قيادات البنك المركزي المصري ووزارة المالية، وسيناقش الوفد تداعيات عجز الموازنة والتضخم وأثرهما على قدرة مصر على دفع ديونها الخارجية، ومدى تأثيرهما أيضًا على سعر الفائدة، مشيرًا إلى أنه في حال تأكد صندوق النقد الدولي من وجود تحسن حقيقي بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي المصري، وتنفيذ الحكومة لتعليمات الصندوق، فسوف يوافق المكتب التنفيذي للصندوق في اجتماعه المقبل على صرف الشريحة السادسة لمصر مباشرة.