انقرة: تترجم مواصلة تركيا أنشطتها للتنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحل قبرص إرادتها لبسط نفوذها على هذا القطاع رغم تحذيرات الأسرة الدولية، مما يؤجج التوتر في البحر المتوسط.

وفي الأشهر الأخيرة ارسلت تركيا سفينتي "يافوز" و"فاتح" إلى شمال شرق الجزيرة قبالة سواحل "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى أنقرة.

وبدأت فاتح أعمال التنقيب في أيار/مايو وتستعد سفينة يافوز لأن تحذو حذوها رغم تحذيرات الاتحاد الأوروبي المتكررة الذي تنتمي إليه جمهورية قبرص وتبسط سلطتها على القسم الجنوبي من الجزيرة فقط منذ غزو تركيا لشمالها في العام 1974.

ويرى هاري تسيميتراس مدير مجموعة "بريو" للأبحاث في نيقوسيا أن الأنشطة التركية تعكس أكثر "رغبة تركيا في فرض نفوذها على المنطقة منه مسألة تتعلق بموارد الطاقة".

ويضيف "أنها فرصة لتركيا بأن تكون حاضرة" خصوصا في التعاون القائم في المنطقة بين اليونان وقبرص واسرائيل أو اليونان وقبرص ومصر.

وتعارض تركيا التي تقيم علاقات متوترة مع الدول الآخرى المشاركة في هذا التعاون، أي استثمار لموارد الغاز يستثني "جمهورية شمال قبرص التركية".

ووقعت جمهورية قبرص عقود استثمار مع مجموعات نفط عملاقة كإيني الإيطالية وتوتال الفرنسية واكسون-موبيل الأميركية وأنقرة مع تركيش بيتروليوم.

- "الوقت يداهمنا" -

لتبرير عمليات التنقيب أكدت أنقرة أنها غير ملزمة اتفاقات ترسيم الحدود البحرية بين الحكومة القبرصية والدول الأخرى المطلة على المتوسط وشددت على حقوقها في جرفها القاري.

وأكد اوزغور اونلوحسارتشيكلي مدير مكتب "جرمان مارشال فاند" في أنقرة "لا يمكننا التحدث عن انتهاك تركيا للمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص (...) لأن لا سبيل موضوعيا لفصل" هذا النزاع.

وتابع أنه بحسب قانون البحار وحدها مفاوضات قادرة على تحديد مناطق اقتصادية خالصة.

لكن جولة المفاوضات الأخيرة لإعادة توحيد الجزيرة باءت بالفشل في العام 2017.

ويقول تسيميتراس "إن المفاوضات لم تستأنف منذ عامين (...) الوقت يداهمنا بشأن الخيارات في مجال التنقيب".

ومتحدية التحذيرات التركية، أعلنت قبرص في أيار/مايو أن ثماني عمليات تنقيب منها ست استكشافية واثنتان محققتان ستبدأ بين نهاية 2019 ومطلع 2020.

وتواصل تركيا أعمال التنقيب رغم تحذيرات واشنطن وبروكسل التي هددت حتى بفرض عقوبات.

- "عرض عضلات" -

حجم الاحتياطي غير معروف بعد لكن السلطات القبرصية اليونانية أعلنت في شباط/فبراير أن اكسون-موبيل اكتشفت حقلا يحتوي على 140 إلى 230 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

ويقول اونلوحسارتشيكلي إن أنقرة "لا تتحرك للحصول على منافع اقتصادية بل للتشويش على خطط جمهورية قبرص".

وتنطوي خطة أنقرة بالطبع على مخاطر خصوصا التعرض لعقوبات، لكن&

اونلوحسارتشيكلي يرى أن الأتراك يرون في قبرص رهانا وطنيا وهم مستعدون لدفع ثمن مثل هذه السياسة.

ويعتبر الباحث أن عقوبات محتملة من الاتحاد الأوروبي ستكون رمزية" وأن أي طرف لا يرغب في نزاع عسكري في المنطقة حتى وإن لا يمكن استبعاد خطر وقوع حوادث.

وهو رأي يؤيده تسيميتراس "يمكن دائما وقوع حوادث في فترات التوتر العالي (...) وبالطبع من المحتمل أن يتفاقم الوضع (...) لأن ردود الفعل قد تكون متفاوتة خصوصا مع مسؤولين أكثر تعنتا".