مع خفض تصنيف لبنان من قبل وكالة ستاندر أند بورز، هل من أزمة سيولة رغم الاحتياطات في لبنان؟ وهل هناك كفاية في الاحتياطات بالعملات الأجنبية القابلة للاستعمال، نسبةً إلى حاجات لبنان التمويلية بالعملات الأجنبية؟

بيروت: "أصدرت وكالة "ستاندر أند بورز" تقريرًا عن لبنان بعنوان "هل لدى لبنان ما يكفي من الاحتياطات بالعملات الأجنبية؟"، وجاء هذا التقرير في سياق محاولة الوكالة تبرير عدم خفض تصنيف لبنان في نهاية الشهر الماضي، إلا أنها أضاءت على مفصل أساسي من الأزمة المالية يتعلق بمدى كفاية الاحتياطات بالعملات الأجنبية القابلة للاستعمال، نسبة إلى حاجات لبنان التمويلية بالعملات الأجنبية، وخلصت إلى النتيجة الآتية: "تمثّل الحاجات التمويلية أكثر من 170% من الاحتياطات خلال الفترة الممتدة بين عامي 2019 و2022… أزمة السيولة قد تتفاقم أكثر رغم قوّة الاحتياطات كما رأينا في الأرجنتين".

فهل من أزمة مالية حقيقية في لبنان؟&

يرى الخبير الإقتصادي سعيد جمعة في حديثه لـ"إيلاف" أن في الاقتصاد هناك 3 مجالات، هناك الإقتصاد أولاً، وهو التعاملات الإقتصادية بين الناس، الاستهلاك والانتاج وما إلى هنالك، وهناك مجال المالية العامة أي كل ما له علاقة بمالية الدولة، وهناك مجال النقد، كل ما له علاقة بالعملة.

ويبقى أن الإقتصاد والمالية العامة من شأن الحكومة ومسؤوليتها، والنقد يبقى من مسؤولية مصرف لبنان، والدستور يضمن إستقلالية السياسة النقدية، بمعنى أن الحاكم المركزي في معظم الدول يبقى مستقلاً بسياسته النقدية عن السياسة الحكومية التي تعنى بالشأن الإقتصادي والمالي العام.

وبالعودة إلى لبنان، يضيف جمعة، وضعنا الإقتصادي يبقى تعيسًا، بدءًا من الأزمة السورية وما قبلها، والإقتصاد بالمجمل يعيش وضعا صعبا جدًا.

وكذلك الوضع المالي يبقى تعيسًا مع عجز مالي يفوق الـ 5 مليارات دولار في السنة، مع توظيف في القطاع العام بشكل كبير، والدولة تبقى أول رب عمل في لبنان، وهناك تهرب&ضريبي&بقيمة 7,2 % من الناتج المحلي الإجمالي ما يوازي 4 مليارات دولار سنويًا، وفساد مستشرٍ.

ثلاث مراحل

ويلفت جمعة إلى أنه إذا أردنا أن نعرف إذا كانت هناك أزمة مالية حقيقية في لبنان علينا أن نقسم الموضوع إلى 3 مراحل، الأمد القصير أي بضعة أشهر والأمد المتوسط أي خمس سنوات تقريبًا، والأمد البعيد خمس سنوات وما فوق.

وإذا أردنا التطلع الى سندات الخزينة في لبنان أي اليوروبوند، وهي تعرضت الى تراجع في الفترة السابقة، نرى أن سندات الخمس سنوات لا تتأثر بالوضع السياسي، بينما ما فوق الخمس سنوات تتأثر كثيرًا بشكل حاد.

ويعود السبب إلى أن المستثمرين العالميين يقولون إن هناك ثقة بالنظام المصرفي أن يقوم بتمويل عجز الدولة وتمويل الإقتصاد على المدى المتوسط، لكنّ لديهم شكوكا في ذلك على المدى البعيد. لذلك يضيف جمعة لا يوجد حقيقة إنهيار في لبنان وأزمة مالية مع وجود مشكلة في الاقتصاد وفي المالية العامة.

الأزمة الإقتصادية

ويشير جمعة إلى أن الأزمة الإقتصادية بدأت فعليًا بوضعها الحالي في لبنان منذ العام 2011، وتتراكم منذ أكثر من عشرين سنة، والمواطن لا يشعر بأزمة حقيقية إلا عندما تفقد العملة الوطنية قيمتها وهذا غير موجود حاليًا في لبنان، ويشرح جمعة أن هناك ثقة بالنظام النقدي في لبنان، في ظل غياب اقتصاد قوي، وفي ظل مالية عامة متآكلة، مع قدرة تأمين عملة صعبة في لبنان.

ويشرح جمعة الأمر فيقول إن في مصرف لبنان هناك احتياط 45 مليار دولار، واحتياط الذهب 12 مليار دولار، والمصارف اللبنانية لديها في المصارف الأجنبية أصول ما يوازي &12 مليار دولار، وهكذا يكون لدينا 69 مليار دولار، وحجم الناتج المحلي الإجمالي اللبناني يبقى 50 مليار دولار، من هنا لبنان لديه ما يوازي &140 % من الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة لقدرة مصرف لبنان أن يؤمن عملات صعبة.
ويلفت جمعة الى أنه على المديين&القصير والمتوسط لا خوف على انهيار مالي في لبنان.
&