يبدو أن الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ خطوات عملية باتجاه خصخصة عدد من المرافق العامة، وبالتالي تنفيذ تعهداتها في هذا المجال في مؤتمر سيدر والبيان الوزاري.

إيلاف من بيروت: يبدو أن الحكومة اللبنانية قررت اتخاذ خطوات عملية باتجاه خصخصة عدد من المرافق العامة، وبالتالي تنفيذ تعهداتها في هذا المجال في مؤتمر "سيدر" والبيان الوزاري، وهو ما بدا واضحًا من مقاربة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أخيرًا لملف مرفأ بيروت وخفض الدين العام.

لا تعارض أي من القوى السياسية خصخصة الإدارة في مرافق الدولة، أقله في العلن، باعتبار أن أيًا منها لم يعترض على ما ورد في هذا السياق في الورقة التي اتفق عليها خلال اجتماع بعبدا الأخير، الذي جمع القادة السياسيين، وتم خلاله إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.

الخصخصة، بحسب ما يعرّفها الخبير الإقتصادي الدكتور رولان زيادة، لـ"إيلاف"، هي عملية نقل الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، ونقل إدارة الخدمة أو النشاط من الحكومة إلى القطاع الخاص، وهي يمكن أن تكون جزئية أو كاملة، وهناك وفق ما يشير زيادة طيف من التعاريف للأدبيات المتعلقة بالخصخصة، كأن يقال إنها إشراك القطاع الخاص في تقديم الخدمات التي تقع عادة تحت مسؤولية القطاع العام، أو تحويل إنتاج السلع والخدمات من الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، أو استعمال الخاص في إدارة المؤسسات المملوكة من الدولة.

الأسباب
ويشير زيادة إلى أنه "قد يكون ضعف أداء الشركات المملوكة من الدولة وكثرة تكاليفها أحد أهم الأسباب لعملية الخصخصة، وخاصة من جهة الحوافز ومشاكل التعاقد، لأن أهداف المسؤولين في القطاع الخاص تختلف عنها في القطاع العام، حيث في القطاع العام لا يخضعون للمراقبة نفسها، ولا هم معرّضون للإفلاس مثل القطاع الخاص، لكون الدولة هي العامل الضامن لهم، وقد ساهمت الخصخصة في تقليص دور القطاع العام في عدد من الدول، فعلى سبيل المثال تمكنت المكسيك بين العامين 1984 و1990 من خصخصة أكثر من 20% من مجموع أصول الشركات المملوكة من الدولة في قطاعات مختلفة".

إيجابيات
وللخصخصة إيجابيات عدة في إدارة موارد الدولة، فقد ساعدت، وفق ما يقول زيادة، إلى حد بعيد، على تفعيل الأسواق المالية في بعض الدول النامية، وكانت للخصخصة فؤائد جمة على المنافسة والمناخات الاستثمارية والتجارة، وكانت العائدات من جراء الخصخصة كبيرة، وساهمت إلى حد بعيد في تخفيف العبء المالي عن الشركات المملوكة من الدولة، وزادت مداخيل الدولة من الضرائب.

أهدافها
يضيف زيادة: "توجد أربعة أهداف أساسية لمشاريع الخصخصة، وهي تأمين الكفاءة الإنتاجية، وتقوية دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتحسين الوضع المالي في القطاع العام، وتجيير الطاقات في الدولة لاستخدامها في قطاعات أخرى.

يستوجب تطبيق سياسة الخصخصة تطبيق عدد من السياسات الاقتصادية التي تساعد على إنجاحها، ولا سيّما السياسات النقدية والمالية، التي تعد من أهم العمليات التي يجب إنجازها، ومن أهم هذه السياسات بحسب زيادة تحرير الاقتصاد والاعتماد على آليات السوق، وذلك من خلال تحرير الأسعار وتقليص الدعم وترك الحرية لقوى السوق، ما يساعد على إعادة توجيه العمال وفتح أبواب العمل، وكذلك تحرير سعر الصفر، وتحرير أسعار الفوائد، وتطوير الأسواق المالية، وإصلاح النظام الضريبي، فضلًا عن تحرير القطاع الخارجي.

وتساهم هذه الشروط إلى حد بعيد في تسهيل عملية الخصخصة، وتمكن الدولة من قطف عائداتها، بشكل يعود بالنفع عليها وعلى الشركات المخصخصة.
&