الخرطوم: أعلن وزير المالية والاقتصاد في الحكومة الانتقالية السودانية إبراهيم البدوي في وقت متأخر ليل الأحد إقرار ميزانية للعام 2020 تتضمن عجزًا يمثل 3.5% من إجمالي الناتج المحلي في ظل أزمة اقتصادية حادة يواجهها البلد.

تم إقرار الميزانية خلال اجتماع لمجلس السيادة الذي يتولى الحكم ومجلس الوزراء، وهي أول ميزانية للحكومة الانتقالية. وقال البدوي إن "الاجتماع المشترك أجاز ميزانية 2020"، موضحًا أن "الإيرادات مثلت فيها 27.3% من إجمالي الناتج المحلي والإنفاق مثل 30.8%، وذلك بعجز كلي نسبته 3.5% من إجمالي الناتج المحلي".

واعتبر أن العجز يبقى "في الحدود الآمنة". تعكس هذه النسبة زيادة طفيفة في العجز عن العام الماضي حين بلغ 3.3% من إجمالي الناتج المحلي.

يواجه الاقتصاد السوداني أزمة حادة تعود جزئيًا إلى حظر اقتصادي أميركي استمر 20 عامًا (1997-2017) بسبب اتهام واشنطن النظام السابق برئاسة عمر البشير بتقديم دعم لتنظيمات إسلامية متطرفة بينها تنظيم القاعدة.

ومع أنّ الولايات المتحدة رفعت في 2017 الحظر الاقتصادي الذي فرضته طوال عقدين على السودان حيث أقام مؤسّس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من 1992 ولغاية 1996، إلّا أن البلد لا يزال مدرجًا على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. ولم تلغ العقوبات على الرغم من الإطاحة بالبشير في 11 أبريل تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة.

نتيجة هذه العقوبات، تبقى التعاملات المالية الدولية مستحيلة، ما يمنع الاستثمارات الأجنبية. وتبلغ نسبة التضخم السنوي في السودان حاليًا 60 بالمئة بحسب أرقام رسمية، في ظل تراجع سعر العملة المحلية، فيما احتياطي العملات الأجنبية شبه معدوم.

تظهر الميزانية للعام المقبل خفضًا بنسبة 2% في الإنفاق على الأمن والدفاع. وأوضح البدوي أن "الإنفاق على الدفاع كان في العام الفائت يمثل 9% من الناتج المحلي، وخفض في هذه الميزانية إلى 7%"، مضيفًا أن "الإنفاق على الصحة كان يمثل 4%، وارتفع إلى 7% من الناتج المحلي، والتعليم من 7% إلى 9%".

من جهة أخرى، أشار البدوي إلى أن دعم أسعار السلع الأساسية يزيد على الإنفاق على الخدمات والدفاع. وأشار إلى أن "الإنفاق على الخدمات والدفاع يمثل 34% من مصروفات الميزانية، بينما الدعم السلعي يمثل 36%، ما يجعل قضية الدعم قضية مركزية في الاقتصاد السوداني".&

التزمت حكومة البشير على مدى طويل بسياسة دعم سعر الخبز والوقود وسلع غذائية أخرى، ما تسبب بعجز ضخم في الميزانية وبات يشكل عبئًا غير محتمل.

وشكل قرار الحكومة رفع سعر الخبز شرارة الاحتجاجات التي بدأت في ديسمبر الماضي، قبل أن تعمّ البلاد بما فيها العاصمة الخرطوم مطالبة بإسقاط البشير.&

واقترح مجلس الوزراء السوداني الخميس الماضي رفع الدعم عن المحروقات، لكنه عاد وتراجع عن المشروع عقب اجتماع ضم رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وممثلين عن قوى الحرية والتغيير، التحالف الذي قاد الاحتجاجات.

يتولى الحكم في السودان اليوم مجلس سيادة مؤلف من مدنيين وعسكريين مهمته إدارة مرحلة انتقالية تقود البلاد الى انتخابات وتسليم السلطة الى المدنيين.
&