تشتمل القمة التي تعقد سنويًا، وتقام دورتها المقبلة في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، على برامج للمعارض والمنتديات تتوزع على 5 ركائز رئيسة، هي الطاقة والطاقة الشمسية والمياه والنفايات والمدن الذكية. في هذا التقرير عرض لدور الذكاء الاصطناعي في إعادة تدوير مستدامة للنفايات.

"إيلاف" من بيروت: تشكل القمة العالمية لطاقة المستقبل التي تنعقد بين 13 و16 يناير 2020 في أبو ظبي ملتقى عالميًا يجمع كبار المسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال لمناقشة السوق العالمية الرائدة للطاقة والتقنيات النظيفة والاستدامة في المستقبل. نقدم إليكم هنا الجزء الثالث حول الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تدوير النفايات.

الاقتصاد الدائري
تعطي الثورة الصناعية الرابعة انطباعًا بأن مفهوم الاقتصاد الدائري أصبح أقرب إلى التحقيق أكثر من أي وقت مضى، وليس مجرد ضرب من الخيال. فالتخلص من النفايات من خلال عملية التنقية وتحسين إعادة التدوير ربما يؤدي إلى تحوّل كامل للصناعات بعد عقد أو حتى سنوات.

مع وجود نحو 1.3 مليار طن من النفايات ينتجها البشر في العالم يوميًا، لا بدّ من التنويه بأنه من الصعب التنبؤ بحجم التحديات التي نواجهها حاليًا في تحقيق مستوى قابل لإعادة التدوير عالميًا.

يُعد فرز أنواع مختلفة من النفايات بنجاح أحد أصعب المشكلات التي تواجهها مرافق إعادة التدوير البلدية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي بشكل مثالي لإحداث اختلاف كبير في فترة زمنية قصيرة. ويقوم مقدمو الحلول اليوم بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحسين فهمهم والتعرف إلى أنواع مختلفة من المواد عن طريق التعلم الآلي. وتُعد القدرة على تحديد وفرز مجموعة أكبر من أنواع المواد أمرًا ضروريًا لتحسين الكفاءة والاستدامة طويلة المدى لمرافق إعادة التدوير البلدية، ما يؤدي إلى تحقيق الاقتصاد الدائري.

لما شرحناه آنفًا أهمية خاصة، خصوصًا عندما نتطرق إلى تدفقات النفايات التي يصعب فرزها في بعض أنواعها، كالنفايات الرطبة والعضوية.

فرز من المصدر
تعمل حاويات النفايات الذكية على الطاقة الشمسية، وهي مجهزة بأجهزة إلكترونية وأجهزة استشعار عالية الدقة لمراقبة وقياس مستوى النفايات. وأطلقت شركة "بيئة " المتكاملة لإعادة التدوير وإدارة النفايات، وهي إحدى أسرع شركات إدارة البيئة نموًا في الشرق الأوسط، في منتصف عام 2016 حاويات إعادة تدوير توفر خدمة "واي فاي" تعمل بالطاقة الشمسية في مدينة الشارقة الإماراتية.

مكّنت أجهزة استشعار موضوعة في حاويات النفايات غرفة التحكم في "بيئة "من معرفة متى تكون الحاويات ممتلئة، إضافةً إلى أنها تحوي تطبيقًا إلكترونيًا لمتابعة الحاويات من طريق الأجهزة الذكية والحاسب الآلي في المكاتب، وإرسال الإشارات التنبيهية إلى قائدي مركبات رفع النفايات، والتوجّه لتفريغها. مع وجود مكبس داخلي يدعم كفاءة الحاويات، ويرفع معدل استيعابها.

يتطلع مقدمو الحلول إلى تطوير حاويات ذكية للنفايات مع قدرة إستشعارية فائقة وحوسبة، تعمل على الذكاء الاصطناعي لتحليل العناصر التي يتم إلقاؤها في القمامة، ثم إعادة تغذية البيانات إلى نظام مركزي يمكنه بعد ذلك تحديد جميع العناصر الموجودة في الحاويات بشكل يجعلها جاهزة للفرز والمعالجة المناسبة بمجرد التقاط الحاوية.

جهود إماراتية
تقود دولة الإمارات العربية المتحدة الجهود لاستخدم الحاويات الذكية على المستوى الإقليمي. وللحدّ من إهدار الطعام في المطاعم، عقدت وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات شراكة مع شركة "وينوو" البريطانية الناشئة لتقديم حلها المعتمد على الذكاء الاصطناعي في بعض أكبر مجموعات الفنادق في البلاد، مثل "إعمار" و"ماجد الفطيم"؛ إذ تكلف مخلفات الطعام دولة الإمارات العربية المتحدة 13 مليار درهم سنويًا، ناهيك عن التكاليف البيئية المرتبطة بتوليد هذه الكميات والتخلص منها.

يوفر نظام "وينوو" كاميرا وموازين ذكية، إضافةً إلى تكنولوجيا تعلم الآلة المستخدمة في السيارات ذاتية القيادة، ويتعلم النظام كيفية مراقبة الأطعمة التي تُرمى في المخلفات وحسابها من ناحية الكلفة والأثر البيئي في المطابخ التجارية.

يمكن الشركات والطهاة، وفقًا لذلك، تعديل قراراتهم الخاصة بشراء المكونات، ما يقلل النفقات، ويعالج مشكلة أساسية، وهي نفايات الطعام والإفراط في إنتاج الغذاء. كما يطمح النظام إلى توفير ما يعادل ثلاثة ملايين وجبة في الإمارات بحلول نهاية عام 2020، بعدما نجح في توفير مليون وجبة في عام 2018.

التخلص من النفايات
بفضل المنظومة التقنية الحديثة التي تعرف باسم "أنترنت الأشياء"، يقوم العديد من شركات إدارة النفايات الطموحة في الوقت الراهن بتركيب أجهزة استشعار متصلة لاسلكيًا في حاويات النفايات الخاصة بها لتمكينها من قراءة مستويات الامتلاء عن بعد في الوقت الفعلي.

خلق هذا التطور العديد من المبادرات لإنشاء شاحنات ذكية لإدارة النفايات والتخلص منها، بما في ذلك "اتحاد تكامل إنترنت ذكي للأشياء" الذي أطلقته جامعة جنوب كاليفورنيا. يهدف المشروع إلى ربط شاحنات النفايات بنظام مستشعرات وكاميرات على مستوى المدينة بحيث يتم تنبيهها بالطرق الأكثر موثوقية وفعالية التي يجب اتخاذها، والبيانات اللازمة لتنفيذ المزيد من الإجراءات الإستراتيجية. وتتضمن تطبيقات هذا المشروع المستقبلية لشاحنات النفايات الذكية وضع علامات على فرق التنظيف وكشف النفايات التي تم تركها خارج الحاويات.

كما عودتنا شركة "بيئة"، فإنها تقود أيضًا الطريق في الشرق الأوسط في ما يتعلق بدمج التكنولوجيا لتحسين كل مرحلة من مراحل عملية إدارة النفايات. وتقدمت "بيئة" بطلب لشراء 50 وحدةً من الشاحنات الكهربائية "تسلا سيمي" الجديدة، والتي سيتم استخدامها في جمع ونقل النفايات بما فيها المواد القابلة للاستعادة. وستحل هذه الشاحنات الجديدة محل بعض شاحنات أسطول الشركة المتنامي الذي يتجاوز عدده اليوم 1200 مركبة، وستسهم في تعزيز خيارات النقل التي تعتمدها الشركة لجعل أسطولها أكثر حفاظًا على البيئة.

عليه، يمكن القول إنه عندما يدخل الذكاء الاصطناعي عالم تدوير النفايات، فإن عملية جمع النفايات ستحقق مستوى غير مسبوق من الاستدامة. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعى لأتمتة وتوسيع عمليات شاحنات التخلص من النفايات، يمكن تحسين خطوة مهمة أخرى في دورة إدارة النفايات، وبشكل مستدام.