نيويورك: بعد نحو 12 عاما على إنقاذ الحكومة الأميركية لمجموعتي "جنرال موتورز" و"كرايسلر"، يناقش صانعو السياسات كيفية مساعدة شركة "بوينغ" بينما ترزح تحت وطأة أزمة مزدوجة متمثلة بكورونا المستجد والمشاكل المرتبطة بطائراتها من طراز "737 ماكس".

طلب عملاق الطيران، الذي يصنّع الطائرة الرئاسية الأميركية وطائرات مدنية وعسكرية، نحو 60 مليار دولار كدعم فدرالي لصناعة الطيران في الولايات المتحدة، من دون أن يكون واضحا بعد آلية عمل خطة الإنقاذ هذه.

قال المستثمر البارز في صناديق التغطية الاحتياطية بيل أكمان هذا الأسبوع إن "بوينغ على الحافة، ولن تنجو بنفسها من دون خطة إنقاذ حكومية". وعانت الشركة أساسا من ضغوطات مالية حتى قبل أزمة فيروس كورونا المستجد.

فطائراتها من طراز "737 ماكس"، التي اعتبرت الأكثر مبيعاً، خرجت عن نطاق الخدمة لأكثر من عام إثر كارثتين مميتين. وأدى ذلك إلى خسائر تقدر بنحو 18 مليار دولار يتوقع أن تزيد.

باتت الصورة قاتمة أكثر فأكثر جراء أزمة كوفيد-19، مع التراجع الهائل في الطلب على الطيران بما يضع زبائن الشركة في ظروف اقتصادية صعبة. وأدت تلك التطورات إلى هبوط أسهم "بوينغ"، وجعلت قيمتها السوقية الجمعة نحو 54 مليار دولار.

أعلنت الشركة الجمعة أيضا أنها جمدت توزيع عائداتها حتى إشعار آخر، وأن رئيسها التنفيذي ديف كالهون ورئيس مجلس الإدارة لاري كيلنير سيوقفان الدفع حتى نهاية العام. وأعلنت الشركة، التي سبق أن أكدت إيقاف عمليات إعادة الشراء، أن البرنامج سيبقى متوقفا إلى أجل غير مسمى.

تلقي أزمة "بوينغ" المزدوجة بظلالها على شركات أخرى، إلا أنها لا تزال تتمتع بدعم ملحوظ في واشنطن نظرا لأهميتها للاقتصاد الأميركي عبر توظيفها ما يقارب من 130 ألف شخص. ولا يتضمن هذا الرقم عمال المجموعة الأكبر عددا الذين يوظفهم مزودو المجموعة المقدر عددهم بـ17 ألفا.

منح الرئيس دونالد ترمب الثلاثاء الضوء الأخضر لإجراءات صارمة لمساعدة الشركات، قائلاً لإعلاميين خلال مؤتمر صحافي "علينا حماية ومساعدة بوينغ".

نموذج إنقاذ شركات السيارات
وفي تقييم مالي الخميس، ذكرت الشركة أن "هناك خيارات متنوعة من المقاربات يتم مناقشتها حاليا لدعم صناعة الطيران في الولايات المتحدة"، رافضة في الوقت عينه الاستفاضة بشأن الخيارات المطروحة.

المساعدات إلى قطاع الطيران غير مشمولة بخطة تحفيز مالي مقدرة بتريليون دولار تتم صياغتها حاليا في الكونغرس، على الرغم من أنها تتضمن مساعدات لشركات الطيران.

وتمت مناقشة خيار أن تستحوذ الحكومة على حصة أسهم في "بوينغ". وقال العضو الديموقراطي في مجلس النواب عن ولاية أوريغون إيرل بلوميناور إن "على دافعي الضرائب الحصول على أسهم في الشركة مقابل المساعدات لكي يستفيد الناس من استثماراتهم حينما تكون الشركة مستقرة ماليا".

على "بوينغ" أن تطلب حمايتها من الإفلاس كما فعلت شركتا "جنرال موتورز" و"كرايسلر" بعد أزمة 2008 المالية طبقا للفصل 11 وتعيد هيكلة نظامها المالي.

وأطلق الرئيس حينها جورج بوش الابن في 2008 المساعدات لقطاع السيارات عبر "برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة" واستمر على نفس المنوال خلال عهد خلفه باراك أوباما.

وضخّت الحكومة الفدرالية نحو 81 مليار دولار في اثنين من "الثلاثة الكبار" في قطاع صناعة السيارات في ديترويت واستحوذت على حصص أسهم فيهما قبل أن تبيع هذه الحصص في ديسمبر 2013.

وأشهرت "جنرال موتورز" إفلاسها في يونيو 2009 وحصلت على 50 مليار دولار كمساعدات سمحت للحكومة بالاستحواذ على 61 % في ما بات يعرف بـ"جنرال موتورز الجديدة". وبذلك، تأممت الشركة على الرغم من تجنب المسؤولين استخدام هذا المصطلح.

وكلّفت إعادة الهيكلة حاملي الأسهم 11.2 مليار دولار لكنها أنقذت 1.5 مليون وظيفة، طبقاً لـ"مركز أبحاث صناعة السيارات".
يقول الخبير في موقع "ليهام نيوز" المتخصص في الطيران، سكوت هاميلتون إن استحواذ الحكومة على "بوينغ" قد يثير مخاوف بشأن التنافس في قطاع الصناعات العسكرية.

يضيف أن "بوينغ هي المتعاقد الثاني في البلاد في الصناعات العسكرية. كيف يمكن لمثل هذه الخطوة أن تؤثر على مناقصات العقود العسكرية؟ أعتقد أن لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان ستبديان قلقا بهذا الشأن".

بدوره، قال ريتشارد أبو العافية من "مجموعة تيل" لاستشارات الأبحاث المتخصصة بالطيران والدفاع إنه "لا يوجد أساس منطقي لاستحواذ الحكومة على حصة في بوينغ".

ويشير خبراء كذلك إلى أن الحكومة قد تفرض انقسام الشركة إلى فرعين - مدني وعسكري - في حال أرادت الحصول على مساعدات منها. وينوهون باحتمال آخر يتمثل في اندماج "بوينغ" مع شركة تصنيع عسكري عملاقة أخرى. ولم تجب لوكهيد مارتن عن الاستفسارات، في حين رفضت نورثروب غرومان التعليق.