أسامة مهدي: في مؤشر على قرب دخول العراق في أزمة اقتصادية خطيرة، فقد كشفت وزارة النفط العراقية اليوم عن انهيار واردات البلاد من نفطها المصدر الى الخارج الى النصف وبيعه بمعدل 28 دولارا للبرميل الواحد في انخفاض هو الأدنى منذ سنوات ما يشكل عبئاً جديداً على البلاد التي تعتمد عليه بمواردها بنسبة 90 في وقت تكافح فيه لتجنب آثار وباء كورونا.

فقد أعلنت وزارة النفط العراقية الاربعاء ان مجموع الصادرات والايرادات المتحققة لشهر مارس الماضي بحسب الاحصائية الاولية الصادرة عن شركة تسويق النفط العراقية سومو فقد بلغت كمية الصادرات من النفط الخام (105) ملايين و(102) الف و(927) برميلاً بايرادات بلغت مليارين و(988) مليونا و(711) الف دولار.

واضافت الوزارة في تقرير لها اليوم تابعته "إيلاف" أن "مجموع الكميات المصدرة من النفط الخام لشهر مارس الماضي من الحقول النفطية في وسط وجنوب العراق بلغت (101) مليون و(395) الفا و(907) براميل اما من حقول كركوك عبر ميناء جيهان التركي فقد بلغت الكميات المصدرة ثلاثة ملايين و(287) الفا و(439) برميلاً فيما بلغت الكميات المصدرة من حقل القيارة (129) الفاً و(41) برميلاً، أما الكميات المصدرة الى الاردن فبلغت (290) الفاً و(540) برميلا". وأوضحت أن "معدل سعر البرميل الواحد بلغ (28.436) دولاراً".

وكانت وزارة النفط قد اشارت الشهر الماضي الى ان كمية الصادرات النفطية المتحققة لشهر فبراير الماضي قد بلغت (98 ) مليونا (347 ) الفا و( 884 ) برميلا .. بايرادات بلغت اكثر من (5) مليارات و(52) مليونا و (528 ) الف دولار بمعدل سعر البرميل الواحد قدره ( 51.374 ) دولارا.

وجاء هذا الانخفاض في صادرات العراق النفطية ووارداتها اثر الارتفاع الاخير لانتاج نفط أوبك الشهر الماضي من أدنى مستوياته في أكثر من 10 سنوات المسجل الشهر الماضي مع تعزيز السعودية الإمدادات عقب انهيار اتفاق المعروض الذي كانت تقوده أوبك مما عوض أثر انخفاضات في ليبيا وإيران وفنزويلا.

وفي المتوسط ضخت منظمة البلدان المصدرة للبترول المؤلفة من 13 عضوا 27.93 مليون برميل يوميا الشهر الماضي وفقا لنتائج مسح بزيادة 90 ألف برميل يوميا من رقم فبراير الذي ظل دون تعديل.

وكان اتفاق بين أوبك ومنتجين آخرين في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+ قد انهار في السادس من الشهر الماضي مما سرع انخفاضا في الأسعار كان قد بدأ بالفعل جراء تفشي فيروس كورونا حيث هوى خام برنت عن 22 دولارا للبرميل في أدنى مستوياته منذ 2002.

ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج بدرجة أكبر خلال الشهر الحالي، فالسعودية تعمد إلى تقليص عمليات المصافي في أبريل الحالي لزيادة إمكانيات التصدير وتنوي شحن 10.6 ملايين برميل يوميا في مايو المقبل.

عجز شهري قدره 4 ملايين دولار مخصصة لرواتب الموظفين

وبين انخفاض أسعار الخام والمراوحة السياسية وتقلص النيات الدولية لإنقاذه ووباء كورونا المستجد يقف العراق على حافة كارثة مالية قد تدفعه إلى تدابير تقشفية وتعيد تجديد الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة.

لكن يبدو أن المسؤولين متفائلون بشكل غريب وهو ما يصفه الخبراء في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية بأنه حالة "إنكار" نظراً إلى أن الانهيار المتوقع لأسعار النفط سيكلف العراق ثلثي دخله الصافي العام الحالي.

ويقول رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إن العراق الذي تشكل عائدات النفط أكثر من 90 في المئة من إيراداته سيواجه "ضغوطاً اقتصادية هائلة".
والعراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك ويصدر عادة حوالي 3,5 ملايين برميل يومياً.

واعتمد العراق في مسودة ميزانيته للعام الحالي 2020 على سعر متوقع قدره 56 دولاراً للبرميل ومع انخفاض الأسعار سينخفض صافي دخل العراق بنسبة 65 في المئة في العام 2020 مقارنة بالعام الماضي مسبباً عجزاً شهرياً قدره 4 مليارات دولار مخصصة فقط لدفع الرواتب والحفاظ على استمرارية عمل الحكومة.

ويقول مسؤولون عراقيون كبار إن وزارتي المالية والنفط والبنك المركزي العراقي والمصارف المملوكة للدولة تبحث سبل خفض التكاليف والعثور على تمويل.

ويصف أحد كبار المستشارين العراقيين الوضع بأنه "أزمة خطيرة"، فيما يقول آخر إنه سيكون من المستحيل تقليص الميزانية في بلد صنفته منظمة الشفافية الدولية في المرتبة السادسة عشرة في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم.