الرباط: صادقت لجنة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب المغربي اليوم على مشروع قانون يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، والتي كانت محددة في 3.3 مليار دولار في إطار الرخصة التي منحها البرلمان للحكومة ضمن موازنة 2020.

وصادف مشروع القانون، الذي قدمه وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، وصادق عليه أمس مجلس الحكومة، دعما من طرف أحزاب الغالبية والمعارضة عند تقديمه اليوم أمام اللجنة البرلمانية، بيد أن بعض النواب انتقدوا لجوء الحكومة إلى إصدار هذا القانون معزولا بدل اقتراح تعديل قانون الميزانية بشكل عام.

كما ناقش البرلمانيون موضوع تحويل نفقات الموازنة، خاصة نفقات الاستثمار، من أجل تمويل متطلبات الدعم الاجتماعي والاقتصادي للفئات الاجتماعية المتضررة جراء حالة الطوارئ الصحية والعزل الطبي وباقي الإجراءات التي اتخذها المغرب في مواجهة انتشار وباء كورونا، والحد من تداعياتها على مختلف شرائح المجتمع.

وعبر لحسن حداد، الوزير السابق وعضو الفريق النيابي لحزب الاستقلال المعارض، عن مساندته لمشروع القانون الذي يتيح للحكومة تجاوز السقف المسموح به من التمويلات الخارجية.

وأشار حداد بهذا الصدد إلى أن المغرب ما زال يتوفر على إمكانية اللجوء إلى خط السيولة والوقاية لدى صندوق النقد الدولي،غير أنه يفضل أن تستوفي الحكومة حاجياتها عبر اللجوء للاقتراض من السوق المالية الدولية على السحب من هذا الخط الاحتياطي الائتماني. وطلب من الحكومة عدم اللجوء إلى السحب من هذا الخط إلا عند الضرورة القصوى وأن تعتبره آخر خيار يمكن اللجوء إليه.

وشدد حداد على أهمية التواصل والشفافية من طرف الحكومة في ظروف الأزمة التي يمر منها المغرب، داعيا الحكومة إلى الأخذ بزمام الأمور وعدم ترك أمر التواصل حول الأمور الاقتصادية لجهات أخرى، الشيء الذي يفسح المجال أمام انتشار الشائعات. وقال حداد أن على الحكومة أن تتواصل حول قيمة الدرهم وحجم الطلب على العملات الخارجية وقيمة الاحتياطي المتوفر من العملات الصعبة، مشيرا إلى أن هذه الأمور أثارت جدلا وروجت حولها شائعات في الأيام الأخيرة.

ونوه حداد أيضا بقرار الحكومة المتعلق بتحويل النفقات، خاصة نفقات الاستثمار المبرمجة في الموازنة، إلى الدعم الاجتماعي والاقتصادي للفئات المتضررة من الأوضاع الاستثنائية التي فرضتها مكافحة انتشار وباء كورونا. وقال إن الوضع كان سيكون كارثيا لو لم تتخذ الحكومة هذه الخطوة.

وحول الجدل الذي أثير حول عدم تقديم الحكومة لقانون موازنة معدل واكتفائها باتخاذ إجراءات معزولة ذات طابع استثنائي، دافع النائب حداد، عن موقف الحكومة، مشيرا إلى أن ظروف انعدام الرؤية والوضوح، وعدم التوفر على فرضيات ومعطيات موثوقة، جعلت من الصعب تقديم ميزانية معدلة. وقال "عندما تتضح الأمور سيكون بالإمكان تقديم اختيارات. أما الآن فلا يمكن تقديم قانون مالي تعديلي لأن الفرضيات التي سيؤسس عليها غير واضحة".

ووجه حداد، في سياق تدخله خلال مناقشة اللجنة البرلمانية لقانون تجاوز سقف التمويلات الخارجية، انتقادا لاذعا لسلوك البنوك ، التي وصفها بأنها لا تلعب دورها في سياق أزمة مواجهة انتشار وباء كورونا. وقال إن التضامن الذي يفرضه هذا السياق لا يجب أن يرتهن باعتبارات تقنية. وأضاف أن على البنوك أن تدرك أن مصيرها مرتبط بمصير النسيج الاقتصادي للبلاد.

ودعا إلى التعامل بشفافية مع المسائل التي تطرحها الأزمة، وقال ان على الحكومة الأخذ بزمام المبادرة في التواصل حولها، مشيرا على الخصوص إلى إشكاليات التوقف عن توزيع الأرباح وإغلاق الشركات.

ودعا حداد إلى اعتماد نمط جديد من التفكير، والتخلي عن الأساليب التقليدية في التعامل مع قضايا الاقتصاد ومؤشراته، والتي ترتكز على منطق التوازنات المالية.

وقال "لا يجب أن نفكر بمنطق التوازنات المالية، فهذا ليس وقت التوازنات"، مضيفا أنه "لا يجب أن نتخوف من ارتفاع عجز الموازنة أو تفاقم المديونية واتساع التضخم في هذه المرحلة، لأننا بعد اجتيازها سوف نسترجع زمام الأمور".

من جانبه، أكد التائب عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أنه سيدعم الحكومة في ما يخص قانون تجاوز سقف التمويلات الخارجية، وذلك "ضمانا لتوفير الاحتياجات الأساسية التي يحتاجها المواطن في معيشه اليومي وحفاظاً على التوازنات المالية والاقتصادية".

وأوضح وهبي، في مداخلته خلال اجتماع لجنة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب، أن مصادقة فريق حزبه على هذا القانون نابعة "من بعده الوطني وشعوره بالمسؤولية اتجاه بلده، حيث قبل بالتناقض بين تصويته السابق بالرفض على القانون المالي 2020 والمصادقة حاليا على تعديل فيه سيمكن الحكومة من القيام بدورها الاقتصادي لتمر هذه الأزمة بأقل الخسائر".

ودعا وهبي الحكومة إلى القيام بدورها الكامل لإخراج الشعب المغربي من هذه الأزمة، وقال : ” قررنا ألا نجعل هذه المرحلة التي تمر منها البلاد مرحلة نقاش بين الغالبية والمعارضة، لأن معارضتنا ستكون بمراقبة ما تقوم به الحكومة، وسنؤخر أي ملاحظة إلى الوقت المناسب ، وعندما يتم رفع حالة الحجر الصحي، سنقوم بتقييم ما قامت به الحكومة خلال هذه المرحلة”.

وأضاف وهبي قائلا ” كمعارضة كنا نعترض على الاقتراض الخارجي لأننا نعتبره يهدد استقرار الاقتصاد الوطني ومستقبل أبنائنا، ولكننا سنقبل بهذا الدين الخارجي، نظرا لاحتياجات المواطنين وللحفاظ على التوازنات المالية والاقتصادية، وسنمكن الحكومة من هذا الإذن لاستعماله في الحالات القصوى فقط”، ملفتا إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة رفع شعاراً لدعم “استهلاك منتوجاتنا الوطنية”، لتقليل صرف العملة الصعبة واللجوء لها فقط في الظروف الخاصة.