طلب مصرف لبنان المركزي الثلاثاء من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر الصرف في السوق الموازية، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ في العملة الخضراء.

وأورد في تعميم أنه في "حال طلب أي عميل (..) إجراء سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات أو المستحقات العائدة له بالدولار الأميركي أو بغيرها من العملات الأجنبية، على المصارف العاملة في لبنان، شرط موافقة العميل المعني، أن تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق وذلك استناداً للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني".

وجاء هذا التعميم بعد قرار مماثل مطلع الشهر طلب فيه المصرف المركزي من المصارف منح المواطنين ممن لا تتخطى قيمة ودائعهم ثلاثة آلاف دولار، إن رغبوا، أموالهم بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف السوق، شرط اغلاق حساباتهم.

ومع تعميم الثلاثاء، بات سحب الدولار غير ممكن من المصارف بغض النظر عن قيمة الوديعة.

وحدّدت جمعية المصارف في وقت سابق سعر الصرف لديها بـ 2600 ليرة، فيما تخطى سعر صرف الدولار في السوق السوداء الثلاثاء 3200 ليرة. ولا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار.

وفي إطار السياسة ذاتها، طلب مصرف لبنان الأسبوع الماضي من شركات التحاويل النقدية تسديد قيمة أي تحويل بالعملات الأجنبية وارد إليها من الخارج بالليرة اللبنانية وبحسب سعر السوق أيضاً، على أن تبيعه الدولار. وأعلنت تلك الشركات الثلاثاء أنها ستبدأ تطبيق القرار الجمعة.

ويرى خبراء اقتصاديون أن قرارات مصرف لبنان هذه ليست سوى خطوة تجاه خفض سعر صرف الليرة رسمياً، معتبرين اياها خطوة "غير مدروسة" كونها اوجدت سعر صرف ثالثا.

ومنذ سبتمبر، تفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الأموال بشكل عام خصوصاً بالدولار. كما منعت التحويلات المالية إلى الخارج.

وفاقم انتشار فيروس كورونا المستجد من الأزمة بعدما امتنعت المصارف عن تزويد زبائنها بالدولار متحججة بعدم القدرة على استيراد شحنات منه نتيجة إغلاق المطار.

وكان يُسمح قبل ذلك للمواطن في بعض المصارف بسحب مئة دولار أسبوعياً.

ويحمّل مواطنون وسياسيون المصارف جزءاً من مسؤولية التدهور الاقتصادي المتسارع. وتوالت الاتهامات بتحويل أصحاب المصارف وسياسيين ومتمولين مبالغ ضخمة إلى الخارج مع بدء حركة الاحتجاجات ضد السلطة في 17 أكتوبر وحتى نهاية العام 2019، وتحديداً خلال أسبوعين أغلقت فيهما المصارف أبوابها إثر بدء التظاهرات.

وبعد تراجع تحركهم مؤخراً، عاد متظاهرون الثلاثاء إلى الشارع في مسيرات سيّارة للاحتجاج على سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بالتزامن مع بدء انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب تستمر ثلاثة أيام.

ويرزح لبنان اليوم تحت ديون تصل قيمتها إلى 92 مليار دولار، ما يشكّل نحو 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتعدّ هذه النسبة من الأعلى في العالم.

وتقدّر السلطات،التي أعلنت الشهر الماضي توقّف لبنان عن تسديد كافة مستحقات سندات اليوروبوند بالعملات الأجنبية، حاجة البلاد اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة الراهنة والنهوض بالاقتصاد، من ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.