طهران: تجمع العشرات من التجار والمواطنين الإيرانيين أمام البنك المركزي الإيراني، اليوم الأحد، احتجاجًا على سرقة أموال المودعين من قِبل مؤسسات ائتمانية. مطالبين باستقالة محافظ البنك المركزي، عبد الناصر همتي.

يقول المحتجون، بحسب مقاطع مصورة، نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام إيرانية، إنهم خسروا أموالهم خلال شراء العملات الصعبة في منظومة "نيما" الموحدة، المخصصة لبيع وشراء العملات الصعبة للتجار الإيرانيين.

وكان هؤلاء المواطنون قد أودعوا أموالهم في مؤسسة «نيمائي» المدعومة من المصرف المركزي، على أمل الحصول على فوائد أو أراضٍ، لكن لم تُدفع لهم أي فوائد بل تمت مصادرة أموالهم منذ سنوات بسبب إفلاس المؤسسة.

وكان وزير الصحة الإيراني السابق حسن قاضي زاده هاشمي، الذي استقال في ديسمبر الماضي، قد كشف في تصريحات في يناير الماضي أن المؤسسات المالية التابعة للحكومة وللحرس الثوري نهبت 3.5 مليارات ريال إيراني من الناس الذين أودعوا أموالهم فيها بغرض الحصول على الفوائد.

وأكد التجار أنهم أودعوا أموالًا لدى المنظومة من دون الحصول على العملات الصعبة مقابلها، متهمين في لافتات رفعت أثناء التجمع الاحتجاجي البنك المركزي بـ"نهب رأس مال 400 شركة إنتاجية وتجارية" والتسبب ببطالة 40 ألف شخص.

بعد تراجع قيمة العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية على خلفية العقوبات الأميركية، كان البنك المركزي الإيراني قد أسس سوق "نيما" للعملات الصعبة عام 2018، لتنظيم سوق العملات الأجنبية، لتوفيرها للتجار الإيرانيين بأسعار أقل من أسعار السوق السوداء.

ونقل موقع "غسترش نيوز" التابع للمركز الإعلامي لوزارة الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية، عن أحد التجار المحتجين، قوله إنه دفع 3 مليارات ريال لشراء العملة الصعبة، لكنه لم يحصل عليها حتى الآن.

وقال تاجر آخر إنه دفع منذ فترة طويلة 70 مليار ريال ليحصل على العملة الصعبة لاستيراد الأرز من الهند وباكستان، إلا أن سلطات سوق "نيما" لم تسلمه العملة.

يشار إلى أن العملة الإيرانية تواصل نزيفها لتسجل مستويات انخفاض قياسية جديدة خلال الفترة الأخيرة، إذ إنها تراجعت من 120 ألف ريال في فبراير الماضي إلى 180.5 ألف ريال، خلال تعاملات الأحد.

بعد تصاعد الانتقادات للرئيس الإيراني حسن روحاني، بسبب الاضطرابات الحادة في سوق العملات والسياسات المالية للبلاد، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في الثامن من مايو 2018، وما تبعه من عقوبات أميركية شاملة وهبوط مستمر للعملة الإيرانية، وارتفاع أسعار العملات الأجنبية، قرّر روحاني تغيير فريقه الاقتصادي.

وبدأ روحاني عملية التغيير باختيار محافظ جديد للبنك المركزي الإيراني، باعتباره مركز قيادة السياسات النقدية للبلاد، مسلّمًا المنصب للأكاديمي الاقتصادي عبد الناصر همتي في الرابع والعشرين من يوليو 2018.

همتي البالغ من العمر 62 عاماً، والذي يطالب اليوم تجار إيرانيون باستقالته، جاء خلفاً لولي الله سيف، الذي تعرض هو أيضاً لانتقادات شديدة بسبب سياساته المالية، حيث فشل في تنظيم سوق العملات بما يحد من هبوط الريال إلى مستويات خطيرة.

ويواجه البنك المركزي الإيراني مشاكل هذه الأيام ترتبط بالدرجة الأولى بشح الموارد بالعملة الصعبة، بسبب العقوبات الأميركية، قبل أن تعود إلى السياسات النقدية للبنك ومحافظة، وهو ما تسبب بتأخير تسليم العملات الصعبة للتجار المحتجين.

في السياق، وضع شح الموارد بالعملة الصعبة جهات أخرى في البلاد، منها هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، أمام واقع صعب، حيث كشف رئيس قسم البث الخارجي في الهيئة، بيمان جبلي، لوكالة "فارس" الإيرانية، الأربعاء الماضي، عن احتمال وقف بث القناتين برس تي وي الإنجليزية والعالم العربية، إضافة إلى قناة "آي فيلم" بنسختيها العربية والإنكليزية، في الأيام والأسابيع المقبلة بسبب عدم وجود موازنة بالعملة الصعبة لها.