الرباط: قرر بنك المغرب المركزي تخفيض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1,5 في المائة، عقب اجتماعه الفصلي الثاني برسم السنة الجارية المنعقد الثلاثاء بالرباط.

وأوضح بيان للبنك المركزي أن "مجلس بنك المغرب قرر، بعد خفض سعر الفائدة بواقع 25 نقطة في مارس الماضي، خفضه مرة ثانية بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1,5 في المائة، كما قرر تحرير الحساب الاحتياطي بشكل تام لفائدة البنوك"، مسجلا أن التوقعات الماكرو-اقتصادية التي أعدها البنك في ظل هذه الأوضاع تبقى محاطة بشكوك كبيرة بشكل استثنائي.

وأضاف المصدر أن بنك المغرب عمل في نفس الاتجاه على اتخاذ إجراءات خاصة لدعم إعادة تمويل القروض البنكية الموجهة للبنوك التشاركية ولجمعيات القروض الصغرى، مبرزا أن من شأن هذه القرارات الجديدة، مع مختلف التدابير التليينية التي شرع في تنفيذها، أن تساهم، إلى جانب الإجراءات التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية، في التخفيف من حدة الجائحة ودعم إنعاش الاقتصاد والتشغيل.

وسجل المجلس، خلال هذا الاجتماع، أن نسبة التضخم، التي تم قياسها بناء على تغير المؤشر الجديد لأسعار الاستهلاك الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط(هيئة الإحصاء) في مايو الماضي، حيث يتخذ سنة 2017 كسنة أساس، قد تراجعت إلى 0,9 في المائة في أبريل، بعد 1,4 بالمائة في المتوسط خلال الفصل الأول من السنة الجارية، خاصة بفعل تدني أسعار المحروقات ومواد التشحيم.

وعلى المدى المتوسط، وفي سياق اتسم بضعف الضغوط التضخمية الناتجة عن الطلب وتدني أسعار السلع الأساسية، يتوقع بنك المغرب أن تظل نسبة التضخم في مستوى معتدل يناهز 1 في المائة في سنتي 2020 و2021 على السواء.

أما التضخم الأساسي، الذي يستعمل لقياس التوجه الأساسي للأسعار، فيرتقب أن ينتقل من 0,5 في المائة إلى 0,8 في المائة في السنة الجارية ثم يتراجع إلى 0,7 في المائة سنة 2021.

من جهة أخرى، توقع البنك المركزي أن يسجل الاقتصاد سنة 2020 على الصعيد الوطني، وبفعل التأثير المزدوج للجفاف والقيود المفروضة للحد من انتشار وباء کوفید-19،أقوى تراجع له منذ سنة 1996، وذلك بنسبة 5,2 في المائة.

ويرتقب أن تتراجع القيمة المضافة في القطاع الفلاحي بواقع 4,6 في المائة، مع محصول حبوب قدره 30 مليون قنطار حسب تقديرات وزارة الفلاحة، وأن تنخفض في الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 5,3 في المائة.

وفي سنة 2021، يرجح أن يرتفع النمو إلى 4,2 في المائة، مع تزايد القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 12,4 في المائة، مع فرضية تحفيق محصول حبوب قدره 75 مليون قنطار، وتحسن وتيرة الأنشطة غير الفلاحية إلى 3,1 في المائة.

وأشار بنك المغرب إلى أنه بالنظر إلى التطور السريع والغامض للوضعية، تبقى هذه التوقعات محاطة بالكثير من الشكوك، مع توجه میزان مخاطر نحو الانخفاض، ذلك أنه استنادا إلى السيناريوهات التي تتوقع حدوث انتعاش بطيء للنشاط أو استمرار ضعف الطلب الخارجي واختلال سلاسل التموين، فإن الركود سيكون أكثر عمقا على الأرجح.

وبخصوص سوق الشغل، أضاف بنك المغرب أن آخر معطيات المندوبية السامية للتخطيط، الواردة في الاستقصاء الوطني حول الشغل، والتي تهم الفترة الممتدة بين اول يناير و20 مارس الماضيين، تشير إلى إحداث 77 ألف منصب شغل بعد فقدان ألفي منصب خلال نفس الفترة من السنة السابقة، وإلى تحسن نسبة النشاط من 45,7 في المائة إلى 46 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة من 9,1 في المائة إلى 10,5 في المائة.

وفي المقابل، وبناء على استقصاء ظرفي أجرته المندوبية السامية للتخطيط من 1 إلى 3 أبريل الماضيين لتقييم تداعيات الجائحة على قطاع الشغل، تبين فقدان ما يقارب 726 ألف منصب، أي ما يعادل 20 في المائة من اليد العاملة في المقاولات المنظمة.

وعلى مستوى الحسابات الخارجية، أفاد بنك المغرب بأن البيانات المؤقتة لشهر أبريل تظهر أولى علامات وقع الأزمة الصحية، حيث تراجعت كل من الصادرات بنسبة 19,7 في المائة، والواردات بنسبة 12,6 في المائة، ومداخيل الأسفار بنسبة 12,8 في المائة، وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بنسبة 10,1 في المائة.

وفي الفصل الثاني، يرتقب، بحسب المجلس، أن يسجل تحسن نسبي مع الرفع التدريجي للقيود على المستوى الوطني ولدى الشركاء الاقتصاديين، إلى جانب التدابير الرامية إلى دعم تعافي الاقتصاد، وإن كان هذا الأخير لن يمكن من تحقيق سوى استدراك جزئي.

وبخصوص الأوضاع النقدية، يشير الاستقصاء الفصلي لبنك المغرب إلى تراجع أسعار الفائدة بمقدار 4 نقاط أساس إلى 4,87 في المائة في الفصل الأول من سنة 2020، نتيجة تدني نسبة الفائدة على القروض الممنوحة للمقاولات الخاصة.

وعلى مستوى المالية العمومية، أوضح بنك المغرب أن تنفيذ الميزانية في متم الأشهر الخمسة الأولى أفرز عجزا بقيمة 25,5 مليار درهم(2,55 مليار دولار ) ، مقابل 19,5 مليار درهم ( 1,95 مليار دولار)في السنة التي قبلها، مع احتساب رصيد إيجابي بمبلغ 18,1 مليار درهم (1,81 مليار دولار) للصندوق الجديد الخاص بتدبير جائحة كورونا.

وخلص البيان إلى أنه وبالنظر إلى الشكوك القوية التي تحيط بتطور الظرفية الاقتصادية على الصعيدين الوطني والدولي، سيعمل بنك المغرب على تتبع الوضع بشكل وثيق وتحيين توقعاته باستمرار وكذا على وضع سيناريوهات محتملة لتطور الوضع.

وأضاف أنه إذا اقتضت الظروف ذلك، سيعقد البنك اجتماعا استثنائيا لمجلسه قبل اجتماعه المقرر في 22 سبتمبر المقبل.