فرانكفورت: حضّت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قادة الاتحاد الأوروبي الخميس على الاتفاق "سريعاً" على خطة مالية ضخمة لإنعاش اقتصاد التكتل، في وقت امتنع حكّام المصرف عن زيادة حزمة التحفيز الضخمة التي خصصوها لاقتصاد منطقة اليورو المتضرر بكوفيد-19.

وأفادت لاغارد أنه على الرغم من أن النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو تحسّن في الأسابيع الأخيرة مع تخفيف تدابير الإغلاق إلا أن "الغموض لا يزال كبيرا بشأن وتيرة الانتعاش وحجمه".

وأطلق البنك المركزي الأوروبي إجراءات استثنائية للتخفيف من وطأة الضربة الاقتصادية التي تسبب بها الوباء، لكن لاغارد شددت على ضرورة مشاركة الحكومات العبء من خلال السياسات المالية التي تتخذها.

وقالت في مؤتمر صحافي عقد عبر الإنترنت إن "عددا كبيرا جدا من القادة يعي تماما مدى أهمية عدم إضاعة الوقت والقدرة على الإشارة... إلى وجود حد ما من التوافق والعزم على الاستثمار والتعافي معا ودعم بعضهم البعض".

ويجتمع قادة التكتل في 17 و18 يوليو لمناقشة حزمة تتجاوز قيمتها 750 مليار يورو لمساعدة الدول الأعضاء الأكثر تأثرا بالفيروس على تخطي الأزمة.

ومن المقرر أن يتم تمويل الحزمة عبر نظام استدانة أوروبي مشترك وأن تشكل المنح مصدرها الرئيسي.

لكن كلا من الدنمارك والسويد وهولندا والنمسا ترفض المقترح بشدّة وتصر على وجوب خفض الإنفاق وتقديم قروض بدلا من المنح، وهو ما يثير الشكوك بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع.

لكن لاغارد أشارت إلى ضرورة عدم خفض قيمة الحزمة وتتوقع بأن تشكل المنح لا القروض "الجزء الأكبر منها".

وتحظى الحزمة بدعم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تخلّت حكومتها عن تمسكّها بعدم مراكمة أي ديون جديدة لتقر حزمة مالية لتحفيز أكبر اقتصاد في أوروبا بلغت قيمتها 130 مليار يورو.

وفي واشنطن، حضّ صندوق النقد الدولي الحكومات على عدم التراجع إذ إن "تكاليف الانسحاب قبل الأوان أكبر بكثير من مواصلة الدعم عند الحاجة إليه"، وفق ما كتبت مديرته كريستالينا جورجييفا في مدونة.

عمليات شراء سندات طارئة

وقرر حكّام البنك المركزي الأوروبي عشية قمة الاتحاد الأوروبي ترك معدّلات الفائدة الرئيسية على حالها.

ولم يجروا أي تعديلات على خطط شراء السندات من أجل مكافحة الفيروس بأكثر من 1,3 تريليون يورو (1,5 تريليون دولار) وتركوا القروض الرخيصة الضخمة للمصارف على حالها.

وكان من المستبعد أن يتم إدخال أي تغييرات بعد محادثات المجلس الحاكم الشهر الماضي، عندما رفع البنك المركزي الأوروبي قيمة خطته الطارئة المرتبطة بالوباء لشراء السندات (برنامج الشراء الطارئ المرتبط بالوباء) بـ600 مليار ومددها حتى حزيران/يونيو 2021.

وتهدف عمليات شراء ديون الشركات والحكومات إلى المحافظة على تدفق الأموال النقدية والتشجيع على الإنفاق والاستثمار في منطقة اليورو التي تضم 19 بلدا.

وتضاف إلى سياسة المصرف النقدية المتساهلة أساسا والقائمة على معدلات فائدة منخفضة تاريخيا وقروض رخيصة للمصارف وخطة شراء سندات قبل الوباء بقيمة 20 مليار يورو شهريا، صممت جميعها لتعزيز النمو الاقتصادي ورفع معدلات التضخم المنخفضة.

وقالت لاغارد "بناء على الملاحظات... وعلى النموذج الذي وضعناه لتأثير إجراءاتنا، نعتقد أن ما نقوم به فعال وناجح".

"غير متساو"

وأفاد البنك المركزي الأوروبي في حزيران/يونيو أنه يتوقع بأن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة قياسية تبلغ 8,7 في المئة عام 2020 جرّاء الوباء، قبل أن يعاود النمو في 2021.

وتشير البيانات الواردة إلى أن الانتعاش جارٍ في وقت ترفع الدول تدابير الإغلاق بينما يزداد الاستهلاك، لكن لاغارد شددت على أن التعافي لا يزال في "مراحله الأولى" وأنه "غير متساوٍ بين القطاعات والاختصاصات القضائية".

وينتظر أن تصدر توقعات النمو والتضخم المقبلة للبنك المركزي الأوروبي في سبتمبر بينما سينتظر واضعو السياسات على الأرجح حتى ذلك الحين قبل اتّخاذ قرار بشأن أي تحرّك إضافي، بحسب مراقبين.

وقالت جورجييفا إن "على السياسة النقدية أن تبقى تكيفية حيث فجوات الإنتاج كبيرة والتضخم أقل من الهدف".

وبدا أن العضو في مجلس البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل بدأت بوضع التوقعات لوقت لاحق هذا العام عبر إشارتها إلى أن البنك قد لا يستخدم كامل المبلغ المخصص ضمن خطته الطارئة المرتبطة بالوباء.

لكن لاغارد قالت للصحافيين إنه ما لم تحدث "مفاجآت إيجابية كبيرة، فسيبقى الأساس هو أننا سنستخدم المبلغ بأكمله".

وأكد الخبير الاستراتيجي لدى "بيكت لإدارة الثروات" فريدريك دوكروزيت أنه بالنسبة للأسواق "كانت مهمة لاغارد الأهم اليوم إزالة أي غموض بشأن استخدام الأموال المدرجة ضمن برنامج الشراء الطارئ المرتبط بالوباء. تم إتمام المهمة".